مخطط إسرائيلي لقضم الضفة بغطاء "قانوني"

مخطط إسرائيلي لقضم الضفة بغطاء "قانوني"

31 يوليو 2015
إسرائيل ماضية في تطبيق قوانينها على الضفة (فرانس برس)
+ الخط -

سعت حكومة الاحتلال عبر هدم مبنيين أنشأهما مستوطنون على الأراضي الفلسطينية المصادرة لصالح مستوطنة "بيت إيل"، إلى تصوير هذا المشهد أمام العالم والقول إنها دولة قانون، حيث نفذت قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية بهدم المنزلين. لكن بعد أقل من ساعتين أعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بناء 300 وحدة سكنية بشكل فوري في مستوطنة "بيت إيل"، والتخطيط لـ500 وحدة سكنية أخرى في القدس المحتلة، وهو الأمر الذي قابلته المحكمة العليا الإسرائيلية بالسكوت.

هذا الأمر يُظهر أن المحكمة العليا الإسرائيلية، ومثل أي وزير مستوطن في حكومة الاحتلال، تحاول أن تظهر للعالم أن أي قرار في الضفة الغربية هو قرار قانوني، لكن في الوقت ذاته تعلم أنها من وراء بيع مشهد درامي مثل الذي حصل يوم الأربعاء أمام كاميرات وسائل الإعلام في مستوطنة "بيت إيل"، ستربح بناء الآلاف من الوحدات الاستيطانية، فقد أتقنت المحكمة لعبة رشوة العالم بمشاهد تُثبت من خلالها وقائع مأساوية على الأراضي الفلسطينية.

وحتى تكتمل دائرة الرشوة وتلميع صورة إسرائيل أمام العالم، تسعى حكومة الاحتلال لشرعنة كل قرار يصدر عنها، لذلك تجتهد وزيرة العدل الإسرائيلية أيليت شاكيد، وعدد من الوزراء في الحكومة، لإنشاء محكمة إسرائيلية خاصة للبت في مصير الأراضي في الضفة الغربية المحتلة.

ويرى خبراء في الاستيطان أن هذه المحكمة ستكون أمراً واقعاً في المدى المنظور، وترجمة حرفية لقانون إسرائيلي سابق لضم الضفة الغربية، وسريان قانونين فيها، قانون الأحكام العسكرية الإسرائيلية، والقانون الإسرائيلي.

المحكمة التي ستكون غطاء قانونياً لدولة الاحتلال، ستوكل إليها مهمة قضم والاستيلاء على 60 في المائة من مساحة الضفة الغربية المحتلة، وهي الأراضي التي تم تصنيفها "سي" حسب اتفاقية أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والتي تخلو من أي سيادة فلسطينية.

وتحت عنوان "تسوية نزاعات الأراضي" في الضفة الغربية المحتلة، سيكون من المستحيل إقامة أي دولة فلسطينية على ما تبقى من أراضٍ، لأن القاضي والخصم واحد وهو الاحتلال، بينما لم يخرج الفلسطيني بعد أكثر من عقدين على اتفاقية أوسلو وسنوات من محادثات السلام من مربع "الضحية" المغلوب على أمرها.

ويرى الخبير في الخرائط والاستيطان خليل التفكجي، أن "ما حدث يوم الأربعاء من هدم جيش الاحتلال منازل في بيت إيل وبيت حنينا تعود للمستوطنين، كان عبارة عن رسالة للعالم بأن الدولة العبرية هي دولة قانون، وبالتالي كان تحضيراً لما ستقوم به في المستقبل".

ويشير التفكجي في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "يجب ربط ما يتردد عن إقامة محكمة إسرائيلية خاصة بأراضي الضفة، بما أعلنت عنه إسرائيل قبل فترة قصيرة من أنها تسعى لضم الضفة الغربية، عبر سريان القوانين الإسرائيلية عليها، بحيث يسري في الضفة الغربية قانون على الفلسطينيين (قوانين عسكرية)، وقانون خاص بالمستوطنين، وستشكّل هذه القوانين غطاء يتم من خلالها الاستيلاء على جميع الأراضي التي تمت مصادرتها منذ العام 1967 وبأوامر عسكرية صادرة عن الإدارة المدنية الإسرائيلية، وتم تصنيفها حسب الاحتلال أراضي دولة أو أملاك غائبين، أو أملاكاً متنازعا عليها، أي أنها جميعها ستكون هدفاً لهذه المحكمة".

وحسب التفكجي، فإن "إنشاء مثل هذه المحكمة بات مسألة وقت لا أكثر، وكل الجهود الحالية في الكنيست والحكومة إنما تهدف لإعطائها صبغة قانونية فقط"، محذراً من أن "60 في المائة من أراضي الضفة الغربية ستكون في خطر محدق، وهناك 40 في المائة، جزء منها ضمن 60 في المائة، من أراضي الضفة الغربية تم تصنيفها على أنها أراضي دولة".

اقرأ أيضاً: وزيرة العدل الإسرائيلية تدعو لإقامة محكمة خاصة بأراضي الضفة

الوقائع على الأرض تؤكد أن إسرائيل ماضية في تطبيق القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية، ما يعني بالدرجة الأولى أن الطرف الإسرائيلي بدأ يرسم خارطة الضفة الغربية حسب رؤيته، وهي خارطة لا يوجد فيها أي مصطلح أو مكان لدولة فلسطينية مستقلة، حسب ما يرى التفكجي.

ويعيب التفكجي وأوساط من الخبراء والسياسيين عدم وجود استراتيجية وطنية فلسطينية يمكنها التصدّي لمخططات الاحتلال وإجراءاته على الأرض. ويقول: "لا توجد استراتيجية وطنية لدى السلطة الوطنية الفلسطينية، فضلاً عن أنها لا تستكمل أي قرار تتخذه"، مشيراً إلى أن "السلطة توجّهت للمحكمة الجنائية الدولية لكنها لم تكمل في هذا المسار، وهناك شكوك حول ما تقوم به السلطة على هذا الصعيد، وتاريخياً هناك قرارات لصالح الشعب الفلسطيني لكن السلطة لم تتابعها مثل قرار تجريم بناء جدار الفصل العنصري، وقرار غولدستون، فضلاً عن خمسة قرارات من اليونسكو تدين إسرائيل، لكن السلطة لم تتابعها".

ويتفق الخبير في القانون الدولي وعضو اللجنة الوطنية العليا لمتابعة المحكمة الجنائية الدولية حنا عيسى مع ما سبق، مؤكداً أن مواجهة الوضع الراهن الذي تفرضه إسرائيل تتطلب "الوحدة الوطنية أولاً، وصياغة برنامج سياسي جدي متفق عليه من جميع الأطياف الفلسطينية، وترتيب البيت الفلسطيني من الداخل، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب".

وحول قانونية القرارات الإسرائيلية، يقول عيسى في حديث لـ"العربي الجديد"، إن كل ما تقوم به إسرائيل غير قانوني، موضحاً أن "إنشاء هذه المحاكم غير شرعي ولا يجوز تشكيلها ولا تستند إلى أي سند قانوني على الإطلاق". ويختم قائلاً: "الهدف من وراء إنشاء هذه المحاكم هو الاستيلاء على المزيد من أراضي الفلسطينيين، فضلاً عن أن حكومة الاحتلال تتذرع أيضاً بأن الأراضي الفلسطينية متنازع عليها، وأن ما تقوم به دفاع عن النفس، ويأتي في ظل فراغ سيادي على هذه الأراضي".

اقرأ أيضاً: نتنياهو يصادق على بناء 300 وحدة استيطانية