مصر: ترويج لمخطط تهجير أهالي الشيخ زويد

مصر: ترويج لمخطط تهجير أهالي الشيخ زويد

04 يوليو 2015
تواصل الصراع المسلح بين الجيش المصري والتنظيم (فرانس برس)
+ الخط -

تتعقّد الأزمة في سيناء بشكل متصاعد، خصوصاً مع استمرار القتال بين الجيش المصري وتنظيم "ولاية سيناء" المسلح، لدرجة أنه يتم طرح حلول استئصالية. وعلى مدار عامين أو أكثر لم ينجح الجيش في التصدي لهجمات هذا التنظيم، حتى قبل إعلان الأخير مبايعة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في أواخر العام الماضي. وما يزيد المسألة تعقيداً بخلاف تطور قدرات التنظيم المسلح، هو الأزمة الخانقة التي يعيشها الأهالي على مدار الأعوام الماضية، وتحديداً مع تطوّر العمليات وزيادتها ضد الجيش، وبدء عملية عسكرية كبيرة.

ونفّذ "ولاية سيناء" عمليات نوعية صباح الأربعاء الماضي، على مقرات عسكرية وأمنية وكمائن، مستخدماً سيارات مفخخة وعبوات ناسفة وصواريخ كورنيت موجّهة والهاون ومضادات طائرات، فضلاً عن أسلحة خفيفة وثقيلة أخرى. وراح ضحية هذه الهجمات عدد كبير من قوات الجيش يصل إلى 80 قتيلاً بحسب مصادر لـ"العربي الجديد"، فيما أكد المتحدث الرسمي العسكري أن عدد القتلى في صفوف الجيش 17 قتيلاً فقط، مقابل 100 من المسلحين.

وكشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن "هناك طرحاً تروّجه دوائر قريبة من السلطات المصرية، تدّعي أنه يأتي من بعض أبناء القبائل المتعاونين مع الجيش المصري، وتزعم أنه يمكن أن يكون حلاً للأزمة الحالية، وتضييقاً للخناق على التنظيمات المسلحة". وكشفت المصادر، عن تقديم مقترح لجهات لم تحددها، لتوصيله إلى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ويتضمن المقترح "تهجيراً جديداً" لأهالي سيناء، بداعي أن بعض وجهاء القبائل المتعاونين مع الجيش رأوا أن الأفضل لمحاصرة الجماعات المسلحة، هو إخلاء مدينة الشيخ زويد من الأهالي تماماً، لزيادة محاصرة المسلحين. ويتم الترويج لمقترح "التهجير"، بذريعة أن الأوضاع في سيناء مأساوية ولا بد من تدخّل نوعي مختلف من قِبل قوات الجيش والدولة لمواجهة الإرهاب.

وتروّج هذه الدوائر أن الطرح "يضمن عدم توفير غطاء للإرهابيين من قبل الأهالي، الذين يستغلونهم كدروع بشرية من رصاصات قوات الجيش وقصف الطائرات، وأن هذا يحفظ أرواح الأهالي وأموالهم وأعراضهم، لأن المسلحين يقتلون كل من يرفض التعاون معهم".

كما يتم ترويج أن "هذا الإجراء سيكون مؤقتاً لبضعة أشهر أو أسابيع قليلة، حتى القضاء على المسلحين، لأن مسلحي تنظيم "ولاية سيناء"، وفقاً لخطة "التهجير"، لم يعد لهم مأوى سوى قطاع محدود من الشيخ زويد يتركزون فيه، ولا بد من دهمه وليس انتظار مهاجمة المسلحين". ويمضي سيناريو "التهجير"، على أساس "إصدار بيانات تطالب الجيش المصري بضرب الإرهابيين بقوة، ولكن من دون التعرض للمدنيين، وبالتالي لا بد من حل يحفظ حياتهم وهو إخلاء مدينة الشيخ زويد من المدنيين تماماً". ووفقاً للسيناريو، فإن "أي مدني بعد تطبيق هذه الخطة يرفض الخروج من الشيخ زويد، يكون عرضة لأي عمليات قصف، والدولة غير مسؤولة عنه".

أما آليات التنفيذ فتتلخص في أن "تتم استضافة أهالي الشيخ زويد في الأماكن الآمنة في العريش أو مناطق نفوذ بعض العائلات والقبائل التي تكون آمنة ولا يمكن اقتحامها من قبل عناصر تنظيم ولاية سيناء".

اقرأ أيضاً: الحرب في أرض مصر: 80 قتيلاً للجيش في سيناء

وقال أحد أبناء القبائل، إن المقترح يفترض أنه وصل السيسي قبل ما يزيد عن أسبوعين، أي قبل العملية الأخيرة بفترة طويلة، ومن الممكن أن يتم تحريك الأمر بفعل الهجمات التي شنّها "ولاية سيناء" على وحدات وكمائن للجيش.

في المقابل، أبدى أحد وجهاء القبائل، ويُدعى إبراهيم المنيعي، رفضه لهذا الطرح، باعتباره عملية تهجير أخرى لأهالي سيناء، مطالباً الدولة بالتعامل بشيء من المنطق والتروّي مع الأزمة في سيناء، منعاً لتفاقمها أكثر مما هي عليه الآن. وقال في حديث لـ"العربي الجديد": "يكفي تهجير الأهالي وزيادة المعاناة التي يعيشون فيها منذ بدء العمليات العسكرية"، مشيراً إلى أن استمرار هذه الاستراتيجية من قِبل الجيش تسمح بتكوين حاضنة شعبية للمسلحين.

والسيناريو المطروح على طاولة السيسي حتى للمناقشة من دون تطبيق، ليس بعيداً عما يمارسه الجيش والنظام الحالي من تهجير غير معلن لأهالي الشيخ زويد. ويسلط شهود عيان من أبناء محافظة شمال سيناء، الضوء على سلوك يتّبعه الجيش المصري في تنفيذ مخططاته، بهدف إقامة منطقة عازلة على الحدود مع الأراضي الفلسطينية، والسعي لتوسيعها قدر الإمكان، بل وزيادة عمقها عمّا هو معلن، وفقاً للمراحل الثلاث، والتي صدر فيها مرسوم بقرار جمهوري، منذ بدء الحملة العسكرية على سيناء، وفرض حالة الطوارئ في مختلف مدنها ومناطقها، بما تشمله من إجراءات، كحظر التجوال، وهدم المنازل، وقطع الطرق، وصولاً إلى فرض حالة حصار حقيقية على الأهالي، بشتّى الطرق والوسائل.

وقال أحد أهالي الشيخ زويد، إنه "بعد بدء الحملة العسكرية في سيناء عام 2013 أصبح هدف الجيش إيقاف مقوّمات الحياة في سيناء، تحديداً في مدينتي الشيخ زويد ورفح لأسباب لم نكن نفهمها حينها". وأضاف: "تسارعت الأحداث وتم اتخاذ العديد من الإجراءات الاستثنائية، فبعد عملية كرم القواديس في أكتوبر/تشرين الأول 2014 أعلنت السلطات المصرية إنشاء المنطقة العازلة في رفح وتهجير سكانها"، معتبراً "هذا القرار من أهم أسباب زيادة العنف في سيناء".

اقرأ أيضاً: هدوء حذر في سيناء بعد الأربعاء الدامي