جرائم الحرب في جنوب السودان... بسلاح إسرائيلي

جرائم الحرب في جنوب السودان... بسلاح إسرائيلي

17 يوليو 2015
هُجّر مليونا شخص من منازلهم في جنوب السودان(فرانس برس)
+ الخط -
اتهمت أوساط إسرائيلية حكومة بنيامين نتنياهو بمساعدة حكومة جنوب السودان على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، من خلال مواصلة مدّها بالسلاح الذي تستخدمه في الحرب التي تشنّها ضد المناطق التي استولت عليها حركة المتمردين بقيادة رياك مشار. وطالبت الأوساط الحكومة الإسرائيلية بالتوقف عن تزويد جنوب السودان بالسلاح، بعد اتهام قيادات بارزة فيها بارتكاب جرائم حرب ممنهجة بحق السكان في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون. 

وأشار المحامي إيتي ماك، المهتم بمراقبة صادرات السلاح الإسرائيلية إلى الخارج، إلى أن "إسرائيل تواصل عقد صفقات السلاح مع جنوب السودان، على الرغم من إصدار منظمات حقوق الإنسان الدولية تقارير تؤكد ارتكاب جيشها جرائم حرب ضد الإنسانية". ونقلت صحيفة "معاريف" في عددها الصادر في 5 يوليو/ تموز الحالي، عن ماك قوله، إن "عمليات الاغتصاب التي ينفذها جنود جيش جنوب السودان ضد نساء وقاصرات، تتم عبر تهديدهن بالسلاح الذي تصدره إسرائيل إلى هذه الدولة". ونوّه ماك إلى أن إسرائيل تقوم بتدريب جنود جيش جنوب السودان في قواعد داخل إسرائيل وفي جوبا، مشيراً إلى أن وزارة الحرب الإسرائيلية تمنح تراخيص لشركات السلاح الإسرائيلية بتصدير السلاح إلى هذه الدولة بشكل مباشر، وعبر دول أفريقية أخرى، ولا سيما أوغندا.

وأوضح ماك أن تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية، تؤكد قيام جنود جيش جنوب السودان بعمليات اغتصاب لفتيات صغيرات وحرق جثثهن بعد ذلك. وأشار ماك إلى أن عشرات الآلاف من الأشخاص قد قتلوا في الصراع الدائر في جنوب السودان منذ عام ونصف، في حين تم اقتلاع مليوني شخص من منازلهم، ربعهم فرّ إلى دول مجاورة، في حين أن ثلّث سكان الدولة باتوا في حاجة إلى المساعدات الإنسانية.

وقد توجهت عضو الكنيست تمار زندبيرغ (ميريتس) إلى وزير الأمن الإسرائيلي موشيه يعالون، وطالبته بوقف تصدير السلاح إلى جنوب السودان، مشيرة إلى أن عمليات الاغتصاب التي تتعرض لها النساء هناك، تتم تحت تهديد البنادق التي تزودها إسرائيل إلى جنود رئيس جنوب السوداتن سيلفا كير ميارديت. ونقل موقع "والا" في 2 يوليو/ تموز الحالي، عن زندبيرغ قولها إنه "على الرغم من أن لإسرائيل جملة مصالح استراتيجية مهمة في جنوب السودان، إلّا أنّه يتوجب وقف تصدير السلاح لها، بسبب ما يتمخض عن ذلك من ضرر بالغ".
ولفتت زندبيرغ الأنظار إلى حقيقة أن لإسرائيل تاريخاً في التعامل مع "أنظمة ظلامية" مثل نظام الحكم في جنوب السودان. وألمحت زندبيرغ إلى أن أحد أهم أسباب حرص تل أبيب على الحفاظ على العلاقات مع هذا البلاد، "حقيقة أن هذه الدولة تساعد إسرائيل في مراقبة المسارات التي تسلكها إرساليات السلاح الذي يتم تهريبه عبر البحر الأحمر، ويأخذ طريقه عبر السودان حتى يصل في النهاية إلى قطاع غزة"، حسب زعمها.
ويذكر أن إسرائيل هاجمت قوافل سلاح عدة كانت تتحرك في السودان خلال السنوات الماضية. كما أن كلاً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قررا وقف صادرات السلاح إلى جنوب السودان، بعد اندلاع المواجهات بينها وبين قوات المتمردين. وقد وقّع الرئيس باراك أوباما على مرسوم رئاسي يقضي بفرض عقوبات على مسؤولين في جنوب السودان وقادة متمردين متهمين بالمشاركة في ارتكاب جرائم الحرب، في حين أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أعلن أن الولايات المتحدة اعتمدت مخصصات مالية لتشكيل محكمة دولية خاصة للتحقيق في جرائم الحرب التي ترتكب هناك.

اقرأ أيضاً الأمم المتحدة: أكثر من 150 ألف لاجئ جنوب السودان

في غضون ذلك، ذكرت صحيفة "هارتس" في عددها الصادر في 5 يوليو/ تموز، أنّ إسرائيل ترفض الكشف عن حجم صادرتها من السلاح إلى جنوب السودان، إذ أن وزارة الأمن تقدّم معطيات إجمالية حول تصدير السلاح لأفريقيا بشكل عام. ونوهت الصحيفة إلى أنه، بحسب معطيات الوزارة، فإنّ قيمة صفقات السلاح مع الدول الأفريقية، قفزت من 107 ملايين دولار عام 2010 إلى 318 مليون دولار، خلال عام 2014. وبحسب الصحيفة، فإن عناصر جيش جنوب السودان يستخدمون حصرياً بندقيتي "جاليلي" و"تفور" اللتين تنتجهما الصناعات العسكرية الإسرائيلية.

وقد زار وفد من جنوب السودان إسرائيل في يونيو/ حزيران الماضي، للمشاركة في معرض السلاح الإسرائيلي "آي اس دي إي أف"، إذ رأس الوفد وزير المواصلات في جنوب السودان، مع العلم أن وفداً من هذه الدولة حضر معرضاً نُظّم قبل ستة أشهر، يتعلق بالوسائل التي تضمن الحفاظ على الأمن الداخلي. وتعود جذور التحالف بين جنوب السودان وإسرائيل إلى ستينيات القرن الماضي، عندما وقفت إسرائيل إلى جانب الحركة الشعبية لتحرير السودان الانفصالية بقيادة جون غرنق التي كانت تحارب الحكومة السودانية.

وكانت إسرائيل من أوائل الدول التي أعلنت اعترافها بدولة جنوب السودان، إذ جاء الاعتراف في اليوم التالي لإعلان انطلاق هذه الدولة. كما كانت إسرائيل أول دولة يقوم الرئيس سلفا كير ميارديت بزيارتها، إذ تمت الزيارة في ديسمبر/كانون الأول 2011. وأعلن كير لدى هبوطه في مطار "بن غوريون"، أنه يشعر بالتأثر بعد أن وطأت أقدامه "الأرض المقدسة". وأضاف رئيس جنوب السودان "لقد دافعت إسرائيل عن شعبنا ومن دونها لم نكن لنتمكن من تأسيس هذه الدولة. لقد قاتلتم إلى جانبنا من أجل تحقيق هذا الإنجاز، وسنواصل العمل سوية من أجل تعزيز العلاقات الاستراتيجية بيننا".

اقرأ أيضاً مراقبون: خطف وتجنيد مئات الأطفال جنوب السودان