المقاومة تعيّن مسؤولاً لملف أسرى الاحتلال:هل بدأت مفاوضات التبادل؟

المقاومة تعيّن مسؤولاً لملف أسرى الاحتلال:هل بدأت مفاوضات التبادل؟

14 يوليو 2015
المقاومة لن تفرج عن أي معلومات دون مقابل(عبدالحكيم أبورياش)
+ الخط -
تطرح التسريبات حول تعيين حركة "حماس" الأسير المحرر، وعضو مكتبها السياسي، يحيى السنوار، مسؤولاً عن ملف الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم الحركة، أسئلة عن الخطوة في هذا التوقيت، وارتباطها بالتصريحات الإسرائيلية عن وجود أسيرين إسرائيليين اثنين أحياء، واثنين آخرين قتلى في قبضة الحركة التي تسيطر على قطاع غزة.

اقرأ أيضاً: اعتراف الاحتلال بأسير ثانٍ في غزة... نصر معنوي للمقاومة

والسنوار الذي أطلق سراحه ضمن صفقة "الوفاء للأحرار" التي أبرمتها "حماس" وإسرائيل، يعد من المقربين من قادة الذرع العسكرية للحركة، "كتائب عز الدين القسام". وهو ابن المدينة نفسها، التي تعد مسقط رأس القائد العام للقسام، محمد الضيف، كما أنه مقرب من زعيم "حماس" في غزة، إسماعيل هنية.

ويتولى السنوار، وفق التسريبات، مهام التفاوض حول تبادل الأسرى، وهي خطوة استباقية يُعتقد أنّ "حماس" أقدمت عليها نتيجة وجود حراك بدأ في هذا الملف، أو ربما تنتظره وتتوقعه بعد الكشف الإسرائيلي الأخير عن وجود إسرائيليين في قبضتها.

ورفض مسؤولون في "حماس" التعليق على هذه التسريبات، انطلاقاً من أنّ معظم قادة الحركة في الداخل والخارج يتعاطون بحذر شديد مع كل ما يتعلق بملف الأسرى، لحساسيته الداخلية.

غير أن مراقبين يرون أنّ الاحتلال الإسرائيلي بدأ الصفقة المقبلة بإعلانه عن الأسرى. ويقول مدير مركز أبحاث المستقبل في غزة، إبراهيم المدهون لـ"العربي الجديد"، إنّ ملف الأسرى يحظى بأولوية في الفترة المقبلة، وإنّ "الاحتلال الإسرائيلي أطلق قطار الصفقة المقبلة بحديثه في هذا الملف، إلا أنّ الأمر قد لا يُنجز سريعاً، بل سيمتد لأشهر وربما سنوات، كما حدث مع الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط".

ويلفت المدهون إلى أنّ تعيين السنوار جاء من أجل هذا التحرك، فالأخير "يحمل ملفات كبيرة في أروقة الحركة الإسلامية كونه عضواً في لجنة تنفيذية تعتبر الأقوى داخل مؤسساتها، بالإضافة إلى تحمله ملفات أمنية وعسكرية أخرى، ولا يتمتع بالمرونة أو يرضخ للضغوطات".

ويشير الباحث الفلسطيني إلى أنّ اختيار مسؤول لملف الأسرى الإسرائيليين يدل على أنّ قطار معركة الأدمغة لصفقة التبادل قد انطلق، والصراع سيكون على أشدّه بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.

ويوضح المدهون أنّ "التعيين يعتبر أمراً طبيعياً لشخصية بحجم السنوار وأهميته، بالإضافة إلى كونه يحمل المواصفات المطلوبة لإدارة هذا الملف، وسيكون له الكلمة الفصل في هذه الصفقة حتى وإن لم يكن هو المسؤول الأبرز لملف الأسرى الإسرائيليين".

ويعتقد أنّ الإعلام الإسرائيلي سيتوقف كثيراً خلال الفترة المقبلة عند أقل التفاصيل المتعلقة بالأسرى الإسرائيليين لدى حركة "حماس" بعدما سمحت حكومة الاحتلال لإعلامها بفتح هذا الملف، بعد مرور عام عليه، أخفت خلالها التفاصيل كافة عن جمهورها.

غير أنّ المدهون يؤكد أنّ ذلك لا يعني تعجل "حماس" في إبرام أي صفقة لا تكون مرضية لها، فهي باتت تمتلك خبرة تفاوضية وقدرة واسعة بعد تجربة الصفقة الماضية، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أنه من الصعب تقدير ما يمكن أن تدفعه إسرائيل مقابل ما لدى "حماس" من أسرى في الوقت الحالي.

ويبين المدهون أنّ "الواقع الحالي إقليمياً ودولياً لا يسمح بإنضاج صفقة حقيقة بين حركة "حماس" والاحتلال الإسرائيلي تنال استحسان الأولى، وتسمح لها بتحقيق المكاسب المرجوة"، لافتاً إلى أنّ "حماس تسعى إلى ترسيخ أمرين في عملية التفاوض، هذه المرة؛ الأول بأنه لا معلومات دون مقابل يحرر الأسرى، والثاني باشتراطها الإفراج عن أسرى صفقة شاليط للحديث في الملف الجديد هو أنه من يخرج من السجن لن يعود إليه كما كان سابقاً".

من جهته، يوضح استاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة، ناجي شراب، أنّ تولي الملف شخصية بحجم السنوار يبعث دلالات واضحة للاحتلال بأن حركة "حماس" لن تتساهل في هذا الملف بأي حال من الأحوال، وسيكون هناك حرص شديد على انتزاع أكبر قدر ممكن من المكاسب فيه.

ويقول شراب لـ"العربي الجديد" إنّ "السنوار الذي كان أسيراً لسنوات، سيكون حريصاً خلال عملية إدارته الملف على حرية رفاقه داخل السجن، والذين أمضى الكثيرون منهم عقداً أو أكثر في الزنازين الإسرائيلية، وسيسعى جاهداً إلى إخراج العدد الأكبر من الأسرى الفلسطينيين".

ويشير شراب إلى أنّ كلا الطرفين، "حماس" وإسرائيل، دخلا مرحلة الضغط الإعلامي بفتح هذا الملف، موضحاً أنّ الاحتلال سيحاول جاهداً خلال إدارته عملية المفاوضات غير المباشرة مع "حماس" إلى تقليل عدد الأسرى الذين سيفرج عنهم في أي صفقة تبادل، في مقابل ذلك ستكون "حماس" معنية بإخراج عدد كبير من الأسرى من أصحاب المحكوميات العالية.

ويلفت إلى أنّ الحديث حتى اللحظة يدور عمّا هو معلن، لكن إسرائيل وقيادتها تخشى من أن تكون المقاومة تمتلك جثثَ ضباط آخرين، مما قد يزيد في حجم أي صفقة قد يجري التوصل لها بين "حماس" وإسرائيل. مشدّداً على أنّ الاحتلال الإسرائيلي مجبر في نهاية المطاف على الاستجابة لمطالب "حماس" في غزّة.

وينوه شراب إلى أنّ الاختلاف في طبيعة الأسر بين عملية أسر الجندي شاليط، وعمليات الأسر الحالية التي كانت في إطار الحرب الإسرائيلية صيف 2014، سيزيد من حالة المرونة الإسرائيلية لتنفيذ بعض المطالب كرفع الحصار والميناء والتي تطالب حركة "حماس" بها منذ الحرب.

وعن الداخل الإسرائيلي في كل هذه المعركة، يشير شراب إلى وجود تحديات كبيرة يتعرض لها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وقد يكلفه ذلك التوجه إجراء انتخابات مبكرة، في ظل ضغف الحكومة الحالية التي تحظى بغالبية بسيطة.

ويعتقد أنّ عدم تعاطي نتنياهو وحكومته مع ملف الأسير الأثيوبي، أفراهام منسغتو، بالشكل المطلوب يعزز الصراع الداخلي في دولة الاحتلال بشأن مشكلة الاندماج والأقلية، وسيكون ورقة ضغط رابحة في يد حركة "حماس"، ينبغي استغلالها بشكل جيد في عملية التفاوض.

اقرأ أيضاً: أحاديث الهدنة بين حماس وإسرائيل

المساهمون