خضر عدنان في خطابه قبل إعادة اعتقاله...رسائل للأصدقاء والأعداء

خضر عدنان في خطابه قبل إعادة اعتقاله...رسائل للأصدقاء والأعداء

14 يوليو 2015
عدنان للاحتلال: "هل تشاهدونني اليوم مع أطفالي وأهلي؟"(فرانس برس)
+ الخط -
لم تدم رحلة حرية الشيخ خضر عدنان، القيادي في حركة "الجهاد الاسلامي"، أكثر من 24 ساعة، إذ أصرّ على التوجه إلى القدس رغم تهديدات الاحتلال الذي أعاد اعتقاله مساء أمس الاثنين.  وتم اعتقال صاحب الرقم القياسي في الاضراب عن الطعام، أمام باب الساهرة في القدس المحتلة، حيث ذهب لإحياء ليلة القدر في المسجد الأقصى. وقالت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، إن "ضابطا رفيعا في الإدارة المدنية الإسرائيلية اتصل ظهر الاثنين بعائلة الشيخ خضر عدنان، وقال لهم: نعلم أن لدى خضر عدنان نية بالتوجه إلى القدس للصلاة، ونحن نحذره في حال ذهابه إلى هناك سيتم إعتقاله"، وهو ما حصل. ويبلغ عدنان من العمر 37 عاما، وهو دون العمر الذي يسمح الإحتلال به للرجال من دخول المدينة المقدسة، حيث سمحت التسهيلات الإسرائيلية الأخيرة للرجال فوق سن 40 عاما بدخول القدس. ولم يحصل عدنان، الذي أفرج عنه قبل 24 ساعة بعد اعتقال دام 11 شهرا، وإضراب مفتوح عن الطعام استمر 56 يوما، على تصريح تفرضه سلطات الإحتلال على الفلسطينيين لدخول القدس. ولم يعرف أين تم إقتياد الشيخ عدنان حتى اللحظة.

وقبل اعتقاله، تجلّى الخطاب الذي وجّهه، يوم الأحد، برسائل إلى الأعداء والأصدقاء وكل من ناصر قضيته. احتفل عدنان بانتصاره مع مئات الفلسطينيين في الأرض المحتلة، في بلدته عرابة قرب مدينة جنين.

كان الاحتفال الذي نظّمته حركة "الجهاد الإسلامي" وعائلة خضر عدنان، خالياً من أي تمثيل رسمي فلسطيني، حكومة ورئاسة ومسؤولين. غابوا عمداً، فحضر عوضاً عنهم مئات المواطنين من الضفة الغربية والقدس والأراضي المحتلة عام 1948، الذين يجدون في عدنان رمزاً وطنياً، وبطلاً في زمن الهزائم السياسية الكبيرة، إذ استطاع فرض معادلته بصمود بعد إضرابه الثاني عن الطعام الذي استمر 56 يوماً. وتقول مصادر مقربة من السلطة لـ "العربي الجديد"، "كان هناك قرار بعدم القيام بأي احتفال رسمي بانتصار عدنان، والكل التزم به ضمناً، وهذا ما يعرفه عدنان حتى قبل تحرّره". يقول عدنان لـ "العربي الجديد"، "لقد نصرني الله، وساندني كل أحرار العالم في نضالي ضد الظلم والسجّان الإسرائيلي".

أطلقت قوات الاحتلال سراح خضر عدنان عند الثالثة من فجر يوم الأحد، لتفويت فرصة استقباله من الجماهير الفلسطينية. وطلب جيش الاحتلال من الارتباط الفلسطيني في محافظة جنين، أن يتسلمه، لكن الارتباط رفض ذلك، وفقاً لما قالته زوجته، رندة عدنان. وتقول رندة لـ "العربي الجديد"، "أعتقد أن خضر سيمضي بعض الوقت في المستشفى، فهو لا يستطيع تناول الطعام، ويقتصر غذاؤه على العصائر، ويعاني من مشاكل صحية بسبب إضرابه".
أمضى خضر نحو ثلاث ساعات من الثالثة، يطوف على بيوت الأسرى والشهداء في مخيم جنين من مختلف التنظيمات، لا سيما الذين استشهدوا في العام الماضي، أي فترة سجنه، قبل أن يصل إلى عرابة حيث استقبله المئات من أهالي البلدة ورفعوه على الأكتاف.

عدنان الذي فقد أكثر من نصف وزنه، وأخذ الضعف من جسده الكثير، جلس على المنصة يحتضن أطفاله الثلاثة، وأخذ يقرأ خطاب الانتصار الذي كتبه بخط يده يوم الإفراج عنه. قدّم عدنان خطاب النصر على مدار ساعة ونصف، وكانت تعلو وتيرة صوته بالحماس والصمود تارة، وتخفت بسبب التعب والهزال تارة أخرى. لكن ظلّ الحضور يستمع إلى الشيخ حتى اللحظة الأخيرة. الكل يريد أن يسمع كلام الشيخ الذي انتصر على سجّانه وعلى دولة الاحتلال بجسده الأعزل وإرادته الكبيرة.

اقرأ أيضاً: الأسير المحرر خضر عدنان: إسرائيل حاولت قضم فرحة الإفراج

بعث عدنان من خلال خطابه رسائل محبة وامتنان لكل أحرار العالم، وللأسرى الذين تركهم خلفه يعانون الويلات، وأخرى ساخرة من الاحتلال الذي على حد تعبير عدنان، "لقد جرّبني هذا الاحتلال مرتين. خسر في المرّة الأولى بعد 67 يوماً، وخسر أكثر في المرة الثانية بعد 56 يوماً، متى سيعلم هذا الاحتلال الغبي أن الذي يجرّب المجَرّب عقله مخرَّب"؟

ووجّه عدنان إحدى رسائله إلى أحد الضباط الإسرائيليين الذين نكّلوا به ويدعى حاييم مرّاد. ونقل الحوار الذي دار بينهما في 9 يونيو/حزيران الماضي، بثقة المنتصر، لكن المرارة لم تفارق وجه الشيخ، وهو يتذكر ما قام به مرّاد من إجراءات عقابية بحقه لإجباره على كسر إضرابه، وهو مقيد في سرير المستشفى الإسرائيلي.

أمام المئات وعشرات الكاميرات صرخ الشيخ، "اسمعني جيداً الآن يا حاييم مراد، عندما جئتني وحاكمتني على استمرار إضرابي، بحرماني من زيارة الأهل ومنعي من الرسائل، وكنت وقتها مقيّداً على السرير أعاني وأتقيأ الدم والأحماض". وتابع، "قال لي الضباط ماذا تريد؟ أجبته، سأتحرر بمعونة الله وأعود لأطفالي وعائلتي. فردّ حاييم بصلابة: الله مشغول بسورية، ومتى ينهِ هناك يعنك". وأضاف الشيخ: "اليوم أقول له ولشباكه ولجيشه ودولته، هل رأيتوني بحمد الله، عندما قلت لكم سأتحرر وأكون مع أطفالي وأبي وأمي، هل تشاهدونني الآن"؟

وقال عدنان متحدّياً سجّانه: "أمي التي مُنعت من الحديث معها بعد تدهور صحتها، ومُنعت من زيارتي بعد تدهور صحتي، وحرمتوني من الاتصال بها وسماع صوتها، جاءتني يوم النصر وأسقتني الحليب، وكان النصر على يد الله ويدها، فأي أغبياء أنتم".

ونقل عدنان رسائل الصمود من الأسرى من مختلف الفصائل الفلسطينية، "فتح" و"حماس" و"الجبهة الشعبية" و"الجهاد الإسلامي"، قائلاً، "ما يجمعنا من معاني العزة والكرامة أكبر بكثير مما يفرقنا". وناشد "أحرار العالم لمساعدته على السفر لأداء فريضة الحج والعمرة"، الأمر الذي من المرجح أن تمنع تحقيقه دولة الاحتلال. وتطرّق عدنان إلى ظروف اعتقاله القاسية، حتى في آخر أيام إضرابه عن الطعام، إذ كان جسده ضعيفاً ولا يستطيع الوقوف، "يريد لنا الاحتلال ديناً على مزاجهم، الصلاة مقيداً، الاستحمام مقيداً، والمرحاض مفتوحاً".

ويشير الخبير في الشؤون الإسرائيلية محمد أبو علان لـ "العربي الجديد"، إلى أنّ "الإعلام الإسرائيلي لام جيشه لأنّه عرّض دولة إسرائيل للسخرية بسبب رجل يدعى خضر عدنان، إذ اضطرت الدولة أن تفاوضه وهو مضرب عن الطعام، على الرغم من أنها رفضت ذلك دائماً، وأفرجت عنه أخيراً ليظهر كبطل فلسطيني، ويظهر الجيش بصورة الغبي".

اقرأ أيضاً: زوجة خضر عدنان تروي اللحظات الأخيرة لإضراب زوجها