"داعش" ومعركة السيطرة على القلمون الشرقي

"داعش" ومعركة السيطرة على القلمون الشرقي

02 يوليو 2015
قوات من المعارضة تتدرّب في شمالي حلب (فرانس برس)
+ الخط -
تتعدّد السيناريوهات المحتملة بالنسبة للخطوة المقبلة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، عقب سيطرته على مدينة تدمر وسط سورية، في غياب أي استراتيجية واضحة. وتترك تلك السيناريوهات أبواب الاحتمالات مفتوحة بين ريف حماة الشرقي، وريف حمص الشرقي والسويداء، وصولاً إلى العاصمة السورية دمشق، عبر بوابة القلمون الشرقي.

وتبدو تلك البوابة الخيار الأقرب للتنظيم بعد أن شهدت أخيراً مواجهات قوية بين فصائل مسلّحة معارضة، على رأسها كل من "تجمّع الشهيد أحمد العبدو" و"جيش الإسلام" و"مجلس شورى المجاهدين"، وبين "داعش". وحالت الاشتباكات دون تقدّم المعارضة، في وقت كثّفت فيه القوات النظامية عملياتها ضد هذه الفصائل، ما جعلها بين فكّي التنظيم والقوات النظامية.

وكان مقاتلو "غرفة العمليات المشتركة" في القلمون الشرقيّ، قد سيطروا مساء الثلاثاء، على تلّة الضبعة في المنطقة بعد اشتباكات عنيفة مع "داعش"، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى بين عناصر التنظيم، وفقاً لما أفادت به مصادر ميدانية لـ"العربي الجديد".

وكشفت المصادر أن "هذا التقدم جاء بعد سيطرة الفصائل العسكرية على أربع نقاط متقدمة وحساسة في القلمون الشرقيّ، إلى جانب استيلاء مقاتليها، على قاعدتي كونكورس وثلاثة مضادات من طراز 23 و14.5، عقب اشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة مع التنظيم".

وكان "جيش الإسلام"، قد أعلن قبل ثلاثة أيام، عن إطلاق "غرفة العمليات المشتركة"، عملية جديدة ضد التنظيم في القلمون الشرقيّ، لاستكمال فتح الطريق نحو الشمال السوري. وأشار "جيش الإسلام"، إلى أن "التنظيم يسعى للسيطرة على منطقة البترا، لإحكام الحصار على المقاتلين في القلمون الشرقي، فيما تسعى غرفة العمليات، إلى تحرير منطقة المحسا، لفتح طريق الإمداد بين القلمون الشرقي والشمال السوري". وتضمّ "غرفة العمليات المشتركة" في القلمون الشرقيّ، فصائل عدة، أهمها "جيش الإسلام"، و"حركة أحرار الشام" الإسلامية، و"ألوية وكتائب الشهيد أحمد العبدو"، و"جيش أسود الشرقية".

اقرأ أيضاً هدوء جبهة عرسال: ترسيم الحدود بين حزب الله و"الفتح" 

وقال عضو "الهيئة السورية للإعلام" الحارث الدمشقي، من القلمون لـ"العربي الجديد"، إن "الفصائل المتمركزة في القلمون الشرقي تواجه اليوم داعش والنظام في آن واحد، ما يحمّلها ضغوطاً كبيرة، في وقت قطعت داعش خط إمداد الثوار من الشمال ويضيق عليها النظام من الجهات الأخرى". وأضاف "على الرغم ظروف المعركة القاسية، إلا أن الفصائل سيطرت خلال الأيام الأخيرة على نقاطٍ عدة لداعش، إضافة إلى سيارات وكميات من الذخيرة".

وكشف أن "القوى المعارضة الموجودة في القلمون الشرقي، هي مجلس شورى المجاهدين، المتمثل بجيش تحرير الشام وبعض الألوية والكتائب المستقلّة، مثل لواء مغاوير القلمون، وكتيبة الصوارم وكتيبة أبو بكر الصديق". وأضاف بأن "المجلس العسكري يتمثل بتجمع الشهيد أحمد العبدو، وعناصر من فيلق عمر، الآتيين من الغوطة الشرقية؛ وجيش الإسلام، الذي يتزايد عديد عناصره في القلمون الشرقي، بسبب استقدامه لعناصر تابعين له من مناطق مختلفة للمنطقة، بغية تحريرها من داعش". وذكر الدمشقي أنه "يوجد أيضاً بعض الفصائل الأخرى، ولكنها ليست مثل الفصائل التي تم ذكرها من جهة العدد والعتاد".

ولفت إلى أن "عناصر داعش يتمركزون اليوم في المحسا وبئر القصب، ويملكون خطوط تموين من من البادية، بما فيها مدينة تدمر، ما يجعل خطر التنظيم يزداد يوماً بعد آخر، في ظلّ احتمال تحوّل المحسا إلى قاعدة انطلاق عمليات داعش باتجاه القلمون الشرقي، ما يُمهّد الطريق أمامه باتجاه الغوطة الشرقية ودمشق". ورأى أن "من أهم العقبات التي تواجه التنظيم، هي الفصائل المعارضة ومطارات النظام، التيفور والسين".

وكان "جيش تحرير الشام"، وبمشاركة "مجلس شورى المجاهدين" وقيادة النقيب المنشق فراس البيطار، أطلقوا في شهر أبريل/نيسان الماضي، معركة "ضرب النواصي"، تمّ خلالها تحرير نقاط عدة تابعة لمليشيات النظام، على سلسلة جبال القلمون الشرقي.

من جهته، قال قائد "لواء الفاروق"، التابع لـ"جيش تحرير الشام" الملقب بأبو جمعة، لـ"العربي الجديد"، إن "الفصائل استطاعت خلال معركة ضرب النواصي تحرير عدة نقاط تابعة لكتيبة الرادار، ولم يتبق إلا الكتيبة ومرصدها. مع العلم أن النظام استهدف المقاتلين في المعركة بالغازات السامة، وهذه المرة الأولى التي يستخدم فيها النظام هذا النوع من الأسلحة في معاركه مع فصائل المعارضة في القلمون. ولفت إلى أنه "تمّ قتل عنصرين لحزب الله في إحدى النقاط التي تم تحريرها، مما يؤكد خوف النظام على هذه المناطق من الوقوع بيد الجيش الحر لأهميتها الاستراتيجية".

ورأى أن "النظام بات في مرحلة الانهيار في أكثر المناطق، بعد استعانته باللجان الشعبية من إحدى المدن الخاضعة لسيطرته ولعناصر حزب الله، نظراً لقلة عناصره وخوفهم الشديد من خوض المعارك التي بات أغلب الانتصارات فيها للجيش الحرّ، والخاسر الوحيد فيها هو النظام وعناصره".

وأوضح أبو جمعة، أنه "تم إيقاف العمل على الهدف الأخير للمعركة، والذي هو كتيبة الرادار، مع أن المقاتلين كانوا منتشرين ولم يتبقّ على بدء العمل سوى القليل، ولكن بعد اشتداد الاشتباكات بين داعش والجيش الحر في منطقة بئر القصب والمحسا، قُطع طريق الإمداد الوحيد المتبقي للجيش الحر الذي يخلي عبره جرحاه. ونظراً لقلة الموارد الطبية وعدم وجود الكفاءات اللازمة لإسعاف المصابين تم إيقاف المعركة".

وأضاف أن "جميع النقاط التي تم تحريرها ما يزال المسلّحون مرابطين فيها، بينما يحاول النظام استرجاعها، خصوصاً أنّه تمّت السيطرة بنسبة 95 في المائة على سلسلة جبال القلمون الشرقي قبل الجيش الحر، ولم تتبقّ إلا نقطتان فقط للقوات النظامية". وتابع كما أن "طريق دمشق بغداد مازال مستهدفاً من قبل الجيش الحر، وسط محاولات يائسة من النظام لاستعادته".

أما بالنسبة للمعارك في منطقة المحسا مع "داعش"، فأوضح أبو جمعة أن "المعارك مستمرة بشكل يومي، وتنظيم الدولة يحاول بكافة الوسائل الاستيلاء على جبال القلمون الشرقي، ويحاول أيضاً قطع طرق الإمداد بشكل كامل عن الجيش الحر لتضييق الحصار".

اقرأ أيضاً: استمرار معارك القنيطرة وخسائر لـ"حزب الله" في القلمون

المساهمون