مقبرة اليرموك: 1100 قتيل فلسطيني منذ 2011

مقبرة اليرموك: 1100 قتيل فلسطيني منذ 2011

10 يونيو 2015
توقّف دخول المساعدات الغذائية إلى المخيم (فرانس برس)
+ الخط -

يدفع اللاجئون الفلسطينيون في سورية ثمن الصراع الدائر فيها، خصوصاً في مخيم اليرموك الذي أصبح كمقبرة لهم، إذ بلغ عدد القتلى الفلسطينيين في المخيم وحده 1100 قتيل منذ بدء الصراع في سورية عام 2011، مع وفاة اللاجئ الفلسطيني محمود عبد الرحيم في سجون النظام السوري يوم الأحد الماضي، وفق إحصاءات أعدّتها "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية".

وقال تقرير لفريق الرصد والتوثيق في المجموعة المذكورة، إن القصف والاشتباكات والتعذيب حتى الموت من أبرز الأسباب التي أدت إلى وفاتهم، يضاف إلى ذلك الحصار المشدد الذي تفرضه قوات النظام السوري ومجموعات الجبهة الشعبية-القيادة العامة على المخيم، والذي راح ضحيته 176 لاجئاً قضوا بسبب نقص التغذية والرعاية الطبية.

وبحسب إحصاءات المجموعة، فإن مجمل الفلسطينيين الذين قُتلوا في سورية خلال الأزمة الراهنة، بلغ 2880 شخصاً إضافة إلى آلاف المفقودين والمعتقلين، بينما زاد عدد المهجرين خارج سورية عن ثمانين ألفاً، استقر نحو 28 ألفاً منهم في أوروبا، وتوزع البقية على دول الجوار.

إلا أن أحمد حسين من مجموعة العمل أفاد لـ"العربي الجديد"، بأن العدد الفعلي للضحايا الفلسطينيين أكبر من ذلك، وكذلك بالنسبة للمعتقلين الذين لم تتمكّن المجموعة من توثيق سوى 880 حالة منهم، إضافة إلى 275 مفقوداً، بالنظر إلى امتناع الكثير من الأهالي عن الإبلاغ عن الضحايا سواء أكانوا متوفين أم معتقلين أم مفقودين، خشية أن يؤثر ذلك سلباً على فرصة نجاتهم إن كانوا معتقلين أو مفقودين، أو على أقاربهم إن كانوا توفوا تحت التعذيب، فضلاً عن تعذّر التأكد في كثير من الأحيان من وضع كل حالة بالنظر إلى غياب المعطيات الرسمية وعدم تعاون الجهات المختصة في النظام، وهروب النشطاء أو إبعادهم عن المناطق الساخنة، والذين يشكلون مصدراً أساسياً للمعلومات.

وأشار حسين إلى أن المجموعة ستُصدر بعد نحو أسبوع تقريراً شاملاً ومفصّلاً يورد قصة مخيم اليرموك كاملة منذ بداية الثورة السورية، يتضمّن كل المعلومات والحقائق المتصلة بدور المخيم ومعاناة أهله حتى الآن.

وحول الوضع الراهن في اليرموك بعد أشهر من دخول تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) إليه، قال حسين إن "لا إحصاءات دقيقة حول عدد الفلسطينيين المتبقين في المخيم، لكن الرقم الأقرب هو بين ثمانية وعشرة آلاف شخص، بعد أن نزح نحو ثمانية آلاف آخرين إلى بلدتي يلدا وببيلا المجاورتين".

وأشار إلى أن "الوضع في المخيم في ظل حكم داعش يسير من سيئ إلى أسوأ، خصوصاً بعد استيلاء التنظيم على الوقود المخصص لتشغيل مضخات المياه، ما جعل الأهالي يجدون صعوبة بالغة في الحصول على مياه الشرب، فضلاً عن الأزمة الغذائية القائمة أصلاً، والتي تفاقمت مع توقّف دخول المساعدات الغذائية منذ قبل دخول داعش إلى المخيم، ولم يعد الحد الأدنى للحياة متوفراً لمن بقي من مدنيين، والذين يمنعهم النظام من الخروج".

اقرأ أيضاً: النظام السوري يخطط لإفراغ اليرموك من الفلسطينيين

ولفت حسين إلى أن "تنظيم داعش يمارس سياسة التعتيم عما يجري داخل المخيم، خصوصاً مع هروب النشطاء منه، وتوقف الاتصالات، وما نعرفه يُنقل إلينا من النشطاء الموجودين في المناطق المجاورة مثل ببيلا ويلدا وبيت سحم". وطالب حسين منظمة الأونروا التابعة للأمم المتحدة والمعنية بمتابعة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، بالقيام بواجباتها والضغط على النظام السوري لفتح المعابر والسماح بإدخال مساعدات غذائية للمخيم، وبحرية الحركة لسكانه.

كذلك طالب السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، "بتفعيل دورهما لتخفيف محنة الفلسطينيين في سورية، لافتاً إلى أن الزيارات المتكررة لوفود المنظمة إلى دمشق لم تثمر عن شيء حتى الآن لصالح تخفيف معاناة الناس، والشيء الوحيد الذي تم الإعلان عنه هو عودة العلاقات بين النظام السوري وحركة "فتح"، وكأن الحركة الأخيرة تستثمر محنة الفلسطينيين في سورية لترميم علاقاتها مع النظام وإعادة أملاكها وعقاراتها في سورية، والتي كانت قد صودرت خلال الأزمة بين الحركة بقيادة الراحل ياسر عرفات ونظام دمشق، بدلاً من فك الحصار عن المخيمات وإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين".

وأكد حسين أن "أي علاقات مع النظام السوري في هذه الفترة لا قيمة لها، وهي ساقطة أخلاقياً، إذا لم تُوظّف لصالح الحد من معاناة الفلسطينيين في سورية، منتقداً سلوك وفود منظمة التحرير التي تتقاطر إلى دمشق من غير نتائج تهم الناس حتى الآن، ولو إخراج معتقل فلسطيني واحد من السجن"، لافتاً إلى أن رئيس وفد المنظمة الأخير إلى دمشق عباس زكي "لا يبدو أنه يعرف أسماء المخيمات، حتى إنه أخطأ في لفظ اسم واحد من أكبر المخيمات في ريف دمشق وهو مخيم السبينة الذي لفظه زكي الشبينة، وهذا أمر مخجل".

ويواجه الفلسطينيون الراغبون في مغادرة سورية أبواباً موصدة من الدول المجاورة، على الرغم من تأكيد القوانين والأعراف الدولية على ضرورة السماح للاجئين الفارين من مناطق النزاع بدخول أراضيها وتقديم العون والمساعدة لهم، إلا أن أياً من الدول المجاورة لسورية لم تُطبّق ذلك على اللاجئين الفلسطينيين السوريين.

وتستمر السلطات الأردنية بمنع اللاجئين الفلسطينيين السوريين من حملة الوثائق السورية من دخول أراضيها، وذلك وفق قرار سابق أصدرته السلطات الأردنية بهذا الشأن يعود الى سبعينيات القرن الماضي على خلفية أحداث "أيلول الأسود". كذلك ينتهج العراق سياسة مشابهة، في حين توقفت السفارات التركية عن إصدار تأشيرات دخول للاجئين الفلسطينيين من سورية إلا في حال امتلاكهم إقامات في دول الخليج أو أوروبا، الأمر الذي لا ينطبق على معظم اللاجئين الفلسطينيين السوريين.

في حين أن السلطات اللبنانية تتخذ إجراءات مشددة لدخول فلسطينيي سورية إلى أراضيها، إذ تفرض عليهم شروطاً يصفها اللاجئون بالتعجيزية، ولا يدخل في النهاية إلا من يدفع رشوة لعناصر الحدود اللبنانيين. وغالباً ما يختار الراغبين بالمغادرة سلوك درب تركيا متحملين مخاطر الطريق، إذ يتحتّم عليهم المرور عبر عشرات الحواجز التابعة للنظام أو فصائل المعارضة السورية حتى الوصول إلى حلب، ومن ثم الدخول من هناك تهريباً إلى الأراضي التركية، وهي عملية تتضمن صعوبات ومخاطر كبيرة أيضاً، خصوصاً حين يكون بين المتنقلين نساء وأطفال.

اقرأ أيضاً: الفصائل الفلسطينية تخسر أهالي مخيم اليرموك