أكراد تركيا وخطر إطاحة "التيار السلمي"

أكراد تركيا وخطر إطاحة "التيار السلمي"

07 يونيو 2015
يبدو وضع "الشعوب الديمقراطي" الأكثر إرباكاً (فرنس برس)
+ الخط -
مع كل الاحتمالات المفتوحة لنتائج الانتخابات التركية، يبدو وضع حزب "الشعوب الديمقراطي" الأكثر إرباكاً، خصوصاً أنّه يمثّل التيار المساند لعملية السلام في "العمال الكردستاني"، بقيادته وشخصياته المعروفة، مثل النائب صلاح الدين دميرتاش الذي كان من المفترض أن ينضم لمقاتلي "العمال الكردستاني" في بداية التسعينيات، لولا أنّه غيّر رأيه، ليصبح بعد عشرين عاماً المرشح الرئاسي الأول عن "الحركة القومية الكردية" في تاريخ الجمهورية التركية. كذلك هناك النائب عن إسطنبول، المخرج والكاتب، سري ثريا أوندر الذي قضى 12 عاماً في السجن، إثر انضمامه إلى حركة يسارية معارضة لانقلاب 1980، ورئيسة بلدية دياربكر، الصحافية السابقة غولتان كشاناك التي سجنت في الثمانينيات، وتعرّضت لمختلف أنواع التعذيب في سجن دياربكر، وبروين بولدان التي اغتيل زوجها من قبل المخابرات التركية عام 1993 بحجة مساندته لـ"العمال الكردستاني"، وغيرهم من القيادات التي كانت تمثل جيل الشباب في الثمانينيات والتسعينيات، والتي اختبرت تلك الحقبة التي كان فيها مجرد الحديث باللغة الكردية يعني السجن لسنوات والتعرض لمختلف أنواع التعذيب.

هذا الجيل يعرف تماماً أي إنجاز حقّق خلال نضاله الذي تجاوز الثلاثين عاماً، وذلك في الوقت الذي يبدو فيه جيل الشباب الآن أقل صبراً وأكثر حماسة، خصوصاً أنه لم يعش كل تلك الحقبة، ويرى أمامه في الوقت الحالي إنجازات "الحركة القومية الكردية" متمثلة في إقليم كردستان العراق، وأيضاً الإدارة الذاتية التي نجح في فرضها حزب "الاتحاد الديمقراطي"، الجناح السوري لـ"العمال الكردستاني" في شمال سورية، والحريات والحقوق الثقافية والإعلامية التي بات يتمتع بها أكراد تركيا.

اقرأ أيضاً: أردوغان يدين الانفجارين اللذين استهدفا تجمعاً لـ"الشعوب الديموقراطي"

إذا فشل "الشعوب الديمقراطي" في دخول البرلمان، فذلك يعني إضعاف "تيار الشيوخ السلمي" المساند لعملية السلام مع أنقرة، وإن أخذت هذه العملية وقتاً طويلاً. هو التيار المستعد، بحسب تصريحات أوندر، للتحاور حتى مع حزب "الحركة القومية" المتطرف لتحقيق عملية السلام، وذلك على حساب تقوية موقع الشباب الكردي المتحمس، والذي نفد صبره، ليبقى موقف زعيم "العمال الكردستاني" عبد الله أوجلان، هو الحاسم في ترجيح أي من الطرفين.

لكن يجري الحديث عن خطط بديلة في حال فشل "الشعوب الديمقراطي"، تتمثل بإبقاء مقر الحزب في أنقرة، مع إعادة تموضع جميع المؤسسات التابعة للحزب في دياربكر، والتي جُمعت أساساً، العام الماضي، تحت اسم حزب "المناطق الديمقراطية". وسيبدأ العمل بالتعاون مع البلديات التي يسيطر عليها "الشعوب الديمقراطي" في المناطق الشرقية، ذات الأغلبية الكردية، على إنشاء مؤسسات تعليمية وإدارية بديلة وفرض نوع من إدارة ذاتية يتم تتويجها ببرلمان محلي يكون مقره مدينة دياربكر.

إلّا أنّ المباشرة بهذه الخطوة، ليست بالأمر السهل، وتحتاج إلى موافقة أوجلان، كذلك يعترضها الكثير من العقبات. أوّلها، موقف أنقرة الذي بدا واضحاً على لسان نائب رئيس الوزراء يالجين أكدوغان، عندما أبدى الأسبوع الماضي، في مقابلة تلفزيونية، التزاماً قوياً من قبل أنقرة على مواجهة مثل هذه الخطوة بشتّى السبل، بما في ذلك العسكرية، عندما قال: "إن الدولة ليست عاجزة، هؤلاء لم يستطيعوا تركيعنا من الجبل، ولن يستطيعوا تركيعنا في المدن".

اقرأ أيضاً: إصابة 10 في انفجار خلال تجمع لـ"الشعوب الديمقراطي"

وستعني المواجهة العسكرية، انهيار عملية السلام والعودة إلى حقبة الاشتباكات العسكرية في التسعينيات، بكل ما تعنيه من انهيار كامل لاقتصاد تلك المناطق التي بدأت بالتنفس مع إصلاحات "العدالة والتنمية" والهدنة بين أنقرة و"العمال الكردستاني"، ومعارضة كبيرة من قبل طبقة رجال الأعمال الأكراد التي بدأت تتشكّل، والذين أبدوا موقفاً واضحاً ضد العودة إلى تلك الحقبة، عندما اندلعت الاحتجاجات المؤيدة لمدينة عين العرب السورية، بما رافقها من اشتباكات وضحايا وشلل للاقتصاد.

ثانياً، لا يؤيد هذه الخطوة إلّا أقل من نصف الأكراد في تركيا، وهم أنصار "العمال الكردستاني"، ما يعني احتمالات عالية لوقوع حرب أهلية كردية ــ كردية يقود أحد أطرافها "العمال الكردستاني" المتورط في حرب كبيرة ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في كل من سورية والعراق. أما الطرف الثاني، فهو حزب الدعوة الحرة (كردي سلفي) ووريث حزب الله الكردي الذي كان أحد أذرع الجيش التركي في الثمانينيات والتسعينيات.

اقرأ أيضاً: محاولات أخيرة للأحزاب التركية لحشد الأصوات