استنفار صهيوني أميركي لابتزاز مرشحي البيت الأبيض

استنفار صهيوني أميركي لابتزاز مرشحي البيت الأبيض

04 يونيو 2015
تنشط النخب الصهيونية داخل الحزبين الجمهوري والديمقراطي (سبنسر بلات/getty)
+ الخط -
شرعت النخب اليهودية الأميركية، في التنسيق مع الحكومة اليمينية في تل أبيب، بالضغط على المرشحين المحتملين لانتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة من الحزبين "الجمهوري" و"الديمقراطي" لتقديم تعهدات والتزامات بدعم دولة الاحتلال في كل المجالات. وعلى الرغم من أنه لا يمكن توقع أن تكون مهمة هذه النخب صعبة، لكن يبدو أن القيادات الصهيونية وبالتنسيق مع ديوان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، تريد الحصول على التزامات تفصيلية من المرشحين المحتملين تغطي كل القضايا التي تعتبر ذات أهمية خاصة بالنسبة لإسرائيل.

المفارقة، أن الاستنفار لتحقيق هذا الهدف لا يقتصر على النخب اليهودية الأميركية المعروفة بعلاقاتها الوثيقة مع اليمين الإسرائيلي، بل إن نخباً يهودية أميركية تقدم نفسها كليبرالية تلعب دوراً مهماً للوصول إلى النتيجة نفسها. وتدلل الوقائع على أن هناك تبادل أدوار واضحاً بين النخب اليهودية المرتبطة بالحزب "الجمهوري" وتلك المرتبطة بالحزب "الديمقراطي" من أجل تأمين الالتزامات نفسها. 

وكانت صحيفة "هآرتس" قد كشفت أن الملياردير اليهودي الأميركي، حاييم سابان، الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية ويرتبط بالحزب الديمقراطي، قد نجح في الحصول على تعهد من مرشحة الحزب، هيلاري كلينتون، باتخاذ موقف من البرنامج النووي الإيراني أكثر تشدداً من الموقف الذي يتبناه الرئيس باراك أوباما. ووصفت الصحيفة، في عددها الصادر قبل نحو أسبوع، تأثير سابان على الديمقراطيين، وتحديداً على عائلة كلينتون، بـ"الطاغي"، وذلك بسبب "سخائه" في تقديم الدعم المالي لهم.

اقرأ أيضاً: خصمان جديدان لترشيح هيلاري كلينتون للرئاسة

 وقد تحول المنتدى السنوي الذي يعقده سابان في واشنطن ويحمل اسمه، إلى مناسبة يتنافس فيها القادة الأميركيون على تقديم التعهدات بدعم إسرائيل وضمان منعتها الاستراتيجية. وفيما يتعلق بالحزب "الجمهوري"، فإن مهمة القيادات اليهودية أسهل، إذ إن اعتماد مرشحيه على المال اليهودي أكثر، مما جعلهم أشد وضوحاً في استعداداتهم، ليس فقط لتقديم التعهدات والالتزامات، بل إنهم لا يترددون في تقديم مواقف يزايدون فيها على بعض قوى اليمين الصهيوني.

 وقد استغل الممولون اليهود حملات "الجمهوريين" الانتخابية هذا الواقع واستنفدوا الطاقة الكامنة فيه، ووصل الأمر بالملياردير شيلدون أدلسون، وهو أحد أقرب المقربين من نتنياهو، وأبرز ممولي حملات المرشحين "الجمهوريين"، إلى عقد جلسة استماع لأربعة من المرشحين للانتخابات الرئاسية في مارس/آذار الماضي للتعرف على درجة التزامهم بدعم إسرائيل كي يحدد في النهاية هوية المرشح الذي يمنحه دعمه المالي. 

وبحسب ما كشفه الصحافي، عكيفا إلدار، فإن أدلسون عقد هذه الجلسة في أحد الفنادق التي يمتلكها في لاس فيغاس، حيث طلب من مرشحي الحزب "الجمهوري" أن يقدموا تصوراتهم حول القضايا التي تعني إسرائيل. والمرشحون الأربعة هم: حاكم فلوريدا السابق جوب بوش؛ وحاكم نيو جيريسي كريس كريستي، وحاكم أوهايو جون كسيتس، وحاكم فيسكنسون سكوت فيكر. ولم يتردد أدلسون في توبيخ المرشح، جيب بوش، لأن مستشاره السياسي، جيمس بيكر، الذي كان وزيراً للخارجية إبان حكم والده جورج، شارك في مؤتمر لمنظمة "جي ستريت" اليهودية ذات التوجهات الليبرالية.

وجاءت نتائج الاستثمار في دعم المرشحين الجمهوريين أكبر مما يمكن أن تحلم به نخب اليمين الصهيوني. ففي الوقت الذي لا تتردد فيه نخب إسرائيلية في دعوة أوروبا لفرض عقوبات على إسرائيل لإجبار حكومتها على تغيير نمط تعاطيها مع القضية الفلسطينية، فإن النائب الديمقراطي بن كاردين لم يجد غضاضة في تقديم مشروع قانون للكونغرس يلزم فيه الإدارة الأميركية بالعمل لدى الحكومات الأوروبية لمنع فرض عقوبات على إسرائيل بسبب أنشطتها الاستيطانية. وقد دفع هذا الواقع "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي إلى القول بإنه على الرغم من التوتر بين نتنياهو وأوباما، فإن الموقف من العلاقة مع إسرائيل ظلت جزءاً رئيسياً من مركبات السياسة الداخلية الأميركية. 

وفي ورقة تقدير موقف نشرت في عدد 701 من مجلة "مباط عال"، يقول المركز إن "هناك مخاوف من أن يجبر الجناح "اليساري" في الحزب الديمقراطي هيلاري كلنتون على اتخاذ مواقف لا تقل تشدداً عن مواقف أوباما من نتنياهو إن لم يكن أكثر". ويشير إلى أن ناشطين يساريين محسوبين على الحزب الديمقراطي هم الذين يقودون الحملات الداعية لمقاطعة إسرائيل في الجامعات الأميركية. 

 وقد أثار تملق مرشحي الرئاسة للمنظمات اليهودية واليمين الصهيوني الكثير من النخب االيهودية. فقد اعتبر الكاتب اليهودي الأميركي، بيتر بينريت، أن سلوك الجمهوريين يضر، عملياً، إسرائيل لأنه يشجع الحكومة اليمينية على مواصلة التشبث بمواقفها التي يستحيل معها التوصل إلى تسوية سياسية للصراع مع الفلسطينيين. وفي مقال نشرته "هآرتس" الشهر الماضي، شدد بيريت على أن سلوك الجمهوريين العملي يتناقض مع مواقفهم النظرية التي تؤكد تأييدهم حل الدولتين.

المساهمون