خضر عدنان يدير مفاوضات حريته من سرير المستشفى

خضر عدنان يدير مفاوضات حريته من سرير المستشفى

25 يونيو 2015
لم يسبق لإدارة السجون الإسرائيلية أن فاوضت أسيراً(فرانس برس)
+ الخط -
من على سريره في مستشفى صرفند الإسرائيلي العسكري، حيث تم تقييد يديه وقدميه، يدير الأسير خضر عدنان المضرب عن الطعام منذ 51 يوماً، بجسده الهزيل وصوته الخافت، مفاوضات الحرية أو الشهادة، ولا خيار آخر.

في غرفة المستشفى التي تجمّع فيها رجال الاستخبارات الإسرائيلية وضباط من مصلحة السجون الإسرائيلية، وأطباء لم يسمح لهم خضر بلمسه وإجراء فحوصات له، وأمام محامي "نادي الأسير"، جواد بولس، تجري مفاوضات حادة لم تعهدها دولة الاحتلال من قبل. خضر، الذي فقد نحو نصف وزنه، بصوته الخافت وبابتسامة ظلّت تلاصق وجهه على الرغم من الألم ونوبات الإغماء، يصر على موقفه، "لن أتراجع وأكسر إضرابي، إلّا عندما أصل بيتي في جنين".

الشيخ خضر، وهو أحد قادة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية (37عاماً)، يعلم تماماً أنه لا يناضل من أجل حريته وحده كأسير إداري، بل من أجل مئات الأسرى الإداريين الذين تتفنّن إسرائيل باعتقالهم وتمديد أحكامهم إلى فترات غير محدّدة، وتحت بند تهم سرية.

يدرك الشيخ خضر أن إضرابه المفتوح عن الطعام منذ 5 مايو/ أيار 2015، والذي لم يتذّوق خلاله سوى الماء، قد يودي بحياته. يرفض بشدة أن يتم إجراء أي فحوصات طبية له، حتى أنّ مصلحة السجون لا تعرف عن وضعه الصحي الذي يتردى يوماً بعد يوم أي شيء، وتظل مرتبكة طيلة الوقت، معلنة حالة الطوارئ أمام رجل ملقى في السرير، تحوّل جسده إلى جسد طفل صغير من شدة الجوع والإعياء والهزال.

منذ اليوم الأول لإضرابه، رفض خضر أن يشرب الملح مع الماء، مكتفياً بالماء، محوّلاً إضرابه المفتوح عن الطعام إلى حرب مفتوحة لنيل حريته. يدير خضر، بحسب مصادر لـ"العربي الجديد"، معركته "كمفاوض عنيد وهو يرقد على سرير المستشفى. تقطع المفاوضات نوبات إعياء شديد تترك بقعاً من الدم على سريره، ثم يعاود شرب الماء، وإغماض عينيه متمتماً بالدعاء، ليستأنف المفاوضات مرة أخرى.

اقرأ أيضاً خضر عدنان: شيخ معارك "الأمعاء الخاوية"

وتقول المصادر إنّ "جسده هزيل جداً، لكن عقله سليم ومعنوياته عالية"، شارحة أنّه "عند اللحظة الأولى لرؤيته، تفاجأ بحجم جسده والجوع الذي نال من وجهه وعينيه، وبعد أن يبتسم ويبدأ الحديث، يتمالك المرء نفسه، ويبادله الكلام ليصدم بصموده وثباته على موقفه".

الشيخ الذي لا يزال قادراً على اقتناص بعض كلمات السخرية والضحك، بعث رسالة إلى عائلته يوم الثلاثاء، قال فيها: "أنتظر النصر، وفرج الله قريب. سألتقي بكم عاجلاً غير آجل".
وحذّر محامي "هيئة شؤون الأسرى والمحررين"، كريم عجوة، الذي زار الأسير عدنان، أمس الأربعاء، من خطورة وضعه الصحي، الذي بات حرجاً جداً.

وقال عجوة، في بيان صحافي، إنّ "الشيخ خضر يعاني من ضعف جسدي وإرهاق وآلام في الرأس، ويتقيأ بشكل يومي، وأنّ الأطباء أبلغوه بخشيتهم من عطل في الكلى والكبد".
ونقل عجوة عن لسان الأسير أنّه "مصمم على مواصلة إضرابه، ويرفض إجراء الفحوصات الطبية وأخذ الفيتامينات والمدعمات الغذائية، ولا يتلقى حالياً سوى الماء، وأن هدفه الكرامة والحرية وإنهاء اعتقاله الإداري".

وبدوره، قال المحامي بولس، في تصريحات صحافية، إنّ "حرية خضر هي عنوان المفاوضات التي يجريها مع الاحتلال الإسرائيلي الآن"، مشيراً إلى أنّ "جهاز المخابرات الإسرائيلي كان ينوي تجديد اعتقاله الإداري في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، كما صرّحت خلال المفاوضات". وأوضح بولس أنّ "الشيخ خضر يكافح نفسياً في المفاوضات، ويعاني جسدياً، وقد خسر من وزنه الكثير، وأنّ الأطباء من خلال رؤيته فقط، يدركون أنه بات في حالة قد يفاجئ الموت جسده في أي لحظة".

وسبق للشيخ خضر أن خاض إضراباً مفتوحاً عن الطعام عام 2012 لمدة 66 يوماً، مكتفياً بشرب الماء فقط، محققاً رقماً قياسياً عالمياً بالإضراب عن الطعام. ونجح حينها بانتزاع عدم تجديد الاعتقال الإداري له، لكنه يصرّ، هذه المرة، على أن ينهي إضرابه المفتوح عن الطعام في منزله ببلدة عرابة، قضاء جنين. هذا الطلب لم يسبق لإدارة السجون الإسرائيلية أن سمعته من قبل، لذلك تجري الآن مفاوضات مكثّفة مجهولة النتائج.

اقرأ أيضاً: إضراب عن الطعام بغزة تضامناً مع خضر عدنان

المساهمون