جثث "العمال الكردستاني" والانتخابات التركية: الهدنة مستمرة

جثث "العمال الكردستاني" والانتخابات التركية: الهدنة مستمرة

03 يونيو 2015
المقاتلات يشكلن قرابة 40 بالمئة من قتلى الكردستاني(فرانس برس)
+ الخط -
تتوافد جثث مقاتلي حزب العمال الكردستاني إلى المناطق ذات الغالبية الكردية في تركيا بشكل يومي، على الرغم من الهدنة غير الرسمية بين العمال الكردستاني وأنقرة، والتي نجحت في وقف نزيف الدماء، تقريباً، منذ بدء عملية السلام بين الجانبين عام 2012.

تعبر جثث قتلى العمال الكردستاني، التي تسقط في المواجهات ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، سواء في منطقة شنغال التابعة لمحافظة نينوى في العراق أو في محافظة الحسكة السورية ومنطقة عين العرب التابعة لمحافظة حلب، إلى تركيا عبر المعابر الحدودية المشتركة مع البلدين، كمعبر خابور مع إقليم كردستان أو معابر القامشلي وعين العرب ورأس العين والتي تُفتح فقط لإدخال الجثث.

اقرأ أيضاً الانتخابات التركية: السباق الأزلي على أصوات الأكراد

بحسب إحصاءات غير رسمية، فقد تجاوز عدد قتلى العمال الكردستاني من أكراد تركيا الخمسمائة منذ بداية حربه ضد "داعش"، أكثر من 40 في المئة منهم من المقاتلات اللواتي تحاربن في وحدات دفاع المرأة التابعة للحزب.
وتشير الأرقام إلى أنه تم تسليم ما يقارب 300 جثة لذويها في القرى والمدن الكردية في تركيا، بينما كان من المستحيل التعرف على هوية ما يقارب 200 جثة تم دفنها، حيث سقطت في شنغال وعين العرب. كما تم دفن 36 جثة مشوهة أخرى لم يتم التعرف عليها في منطقة سورج المقابلة لعين العرب في ولاية أورفة التركية، في الوقت الذي بقي فيه العديد من الجثث تحت أنقاض المباني في مدينة عين العرب، التي تهدمت بفعل المعارك ضد "داعش" لعدم توافر الآليات القادرة على رفع الأنقاض.
وفي الوقت الذي يفتخر فيه، حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الشعوب الديمقراطي (الجناح السياسي للعمال الكردستاني)، أمام الحشود الجماهيرية الانتخابية، على ما بذلاه لتحقيق السلام ووقف "نزف الدماء ودموع الأمهات"، يبدو أن الأمهات الكرديات لم تنته أحزانهن بعد.
ففي يوم 26 من الشهر الماضي وحده، وصلت 6 جثث من مقاتلي العمال الكردستاني إلى مدينة دياربكر عبر معبر خابور مع إقليم كردستان، لتفتح خيم العزاء في كل من ولاية دياربكر، إرضروم، هكاري وسيعرت، لتصل، في اليوم التالي، جثتان أخريتان إلى كل من ولاية هكاري وشرناق عبر معبر مرشد بنار المقابل لعين العرب، تلتها جثث عدة وصلت عبر معبر شنيورت المواجه لمدينة القامشلي، تم تسليمها إلى ذويها في كل من كرشهير وباتمان وأضنة ودياربكر. وبعدها وصلت جثتان لمقاتلين سقطا شرق عين العرب ودفنا في كل من دياربكر وبيتليس.

وبينما يبدو "الشعوب الديمقراطي" منشغلاً بمحاولته تجاوز العتبة الانتخابية والرد على باقي الأحزاب، لا تظهر الحكومة التركية أي تعاطف مع هؤلاء القتلى الذين تعتبرهم أعضاء "منظمة إرهابية".
إلا أن حزب العمال الكردستاني نجح في إثبات نفسه كركن أساسي في الحرب على "داعش"، عبر توجيه فائض القوة لديه، والناتج عن الهدنة مع الجيش التركي، إلى كل من سورية والعراق، محاولاً حصد المزيد من المكاسب للمساهمة في تحسين وضعه التفاوضي مع أنقرة ولفك العزلة التي كانت الأخيرة قد نجحت في فرضها عليه. وأصبح الحزب اليوم يتمتع بعلاقات جيدة وتنسيق مباشر وغير مباشر مع معظم دول التحالف الدولي ضد "داعش" كواشنطن وبرلين وباريس وغيرها من عواصم العالم، بل وأصبح جزءاً لا يتجزأ من غرفة عمليات التحالف الموجودة في أربيل.

اقرأ أيضاً: استراتيجية "العدالة والتنمية" لـ330 مقعداً: إفشال "الشعوب الديمقراطي"

وبعد المناوشات التي حصلت، أخيراً، في حلب بين فصائل المعارضة وقوات حماية الشعب الكردية، تتهم الأخيرة حكومة العدالة والتنمية بدفع كتائب المعارضة السورية إلى التجهيز لهجوم عليها في كل من حي الشيخ مقصود في مدينة حلب ومنطقة عفرين، للحد من تزايد شعبية الشعوب الديمقراطي في الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر توريطه في الدفاع عنها، بما يكسر صورة الحزب التركي الذي يحاول الشعوب الديمقراطي ترويجها لنفسه. وبالتالي خسارة جزء كبير من أصوات اليسار التركي والمتدينين والبقاء خارج قبة البرلمان. لكن قوات حماية الشعب الكردية تتجاهل الأسباب الموضوعية للحرب بين الطرفين. فإضافة إلى الخلاف العقائدي والقومي، تتهم المعارضة السورية القوات الكردية بالتعاون مع النظام السوري ليبدو ضرب الأخيرة خطوة أولى "لتحرير حلب".
على الرغم من ذلك، لا يبدو أنّ أيّاً من حزب العمال الكردستاني وأنقرة مستعدان الآن لكسر حالة الهدنة الضمنية في الأراضي التركية، والتورط، مرة أخرى، في أحداث مشابهة لأعمال العنف، التي رافقت احتجاجات دعم عين العرب في حال اضطر الشعوب الديمقراطي إلى الضغط على الحكومة التركية لوقف ضرب القوات الكردية السورية على غرار ما حصل لأجل عين العرب، ولا سيما في ظل التوتر الكبير في الساحة التركية قبل الانتخابات والهجوم العنيف الذي يقوده النظام و"داعش" معاً على المعارضة السورية شرق حلب، لتبقى معركة الأذرع بين الطرفين مجمدة.
وتنتظر المعركة نتائج الانتخابات ونتائج المواجهة المصيرية التي ستدور رحاها بين المعارضة السورية من جهة و"داعش" والنظام من جهة ثانية في حلب خلال الأيام المقبلة. ويبقى السؤال الأهم، لم تكسر أنقرة هدنة حرب الأذرع في سورية ما دام "داعش" يتكفل بضرب فائض قوة العمال الكردستاني؟ والجثث التي تنقل إلى تركيا، يومياً، خير دليل على ذلك.

اقرأ أيضاً: العد العكسي للانتخابات التركية: لعب الأوراق الأخيرة

المساهمون