غضب إسرائيلي من واشنطن عنوانه القدس: إنها معاداة للسامية

غضب إسرائيلي من واشنطن عنوانه القدس: إنها معاداة للسامية

11 يونيو 2015
دعوات إسرائيلية إلى تكثيف الاستيطان في القدس (فرانس برس)
+ الخط -
تعرضت إسرائيل والمنظمات اليهودية الأميركية لخيبة أمل كبيرة عندما أصدرت المحكمة العليا في الولايات المتحدة الإثنين الماضي قراراً يرفض عملياً اعتبار القدس المحتلة بشقيها الشرقي والغربي جزءاً من إسرائيل. فقد ألغت المحكمة قانوناً سنّه الكونغرس عام 2002 ويسمح أن يُكتب في جوازات سفر المواطنين الأميركيين الذين ولدوا في القدس المحتلة أنهم ولدوا في إسرائيل.

وقد بررت المحكمة قرارها الذي اتُخذ بأغلبية ستة أعضاء مقابل ثلاثة، بالقول إن صلاحيات تحديد السياسة الخارجية للولايات المتحدة ومن ضمن ذلك الموقف من القدس، هي من حق الرئيس وحده، وأنه لا يحق لمؤسسة أخرى التدخّل في حقل صلاحيات الرئيس. وعلى الرغم من أن القانون الذي سنّه الكونغرس لدواعٍ سياسية ومن أجل استرضاء المنظمات اليهودية، لم ينفذ بسبب اعتراض مؤسسة الرئاسة الأميركية، إلا أن قرار المحكمة يُمثّل نصراً كبيراً للرئيس الأميركي باراك أوباما وهزيمة مدوية للكونغرس والتنظيمات اليهودية وضربة قوية للاستراتيجية الدعائية الإسرائيلية. ومما زاد من حرج إسرائيل والقيادات اليهودية، أن جميع قضاة المحكمة العليا من اليهود أيّدوا إلغاء القانون.

ويسحب قرار المحكمة العليا، الذي رحب به أوباما، البساط من تحت أقدام إسرائيل، ويقلّص هامش المناورة أمامها في أي مفاوضات تستهدف حل الصراع مع الفلسطينيين، علاوة على أنه لا يسمح للقيادة الفلسطينية بإبداء أي مرونة سياسية في موضوع القدس.

وجاءت ردة الفعل الإسرائيلية الرسمية على قرار المحكمة غاضبة بشكل خاص. فقد أصدر وزير القدس والاستيعاب الليكودي زئيف إلكين بياناً، قال فيه إن "القدس الموحدة عاصمة إسرائيل إلى أبد الآبدين". وطالب إلكين الإدارة الأميركية بتبني القانون الذي أصدره الكونغرس على اعتبار أنه يأخذ بعين الاعتبار حقيقة أن القدس "تُمثل حجر الأساس في التراث القومي اليهودي".

من جهته، لم يتردد رئيس بلدية الاحتلال في القدس نير بركات، في وصف قرار المحكمة الأميركية بأنه "تشجيع لمعاداة السامية" التي زعم أنها تعاظمت في أعقاب زيادة وتيرة أنشطة حركة المقاطعة الدولية "BDS". ونقلت صحيفة "هآرتس" عن بركات، الذي ينتمي لحزب الليكود، قوله إن قرار المحكمة يُشجع "BDS" تماماً كما تدعم هذه الحركة مطالب حركة "حماس". وأضاف: "أطالب الرئيس أوباما بأن يعلن الحقيقة التي تجسدت منذ عقود وهي أن القدس الموحّدة هي عاصمة إسرائيل الموحدة كانت وستبقى للأبد".

اقرأ أيضاً: ذكرى النكسة: البحث عن دولة وسط إمبراطورية المستوطنات

أما الكاتب اليميني نداف شرغاي، فدعا إلى الرد على "حفلة النفاق الأميركي" بتكثيف الاستيطان والبناء في جميع أرجاء القدس. وفي مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" القريبة من ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، شدد شرغاي على أهمية الرد الصهيوني المتمثل في تجذير الحقائق على الأرض من خلال التعاطي مع المدينة كعاصمة إسرائيل، التي يجوز لها أن تفعل فيها ما يجوز لكل دولة سيادية أن تفعل في عاصمتها.

ووجّهت المنظمات اليهودية الأميركية انتقادات شديدة للقرار واعتبرته يعكس تجاهل السلطات الأميركية "حقيقة أن القدس هي عاصمة إسرائيل". وانتقدت كل من "لجنة الرؤساء" و"رابطة مكافحة التشهير" اليهوديتين القرار، وحمّلتا الإدارة الأميركية مسؤولية وصول الأمور إلى هذا الحد.

وقال المدير العام لـ"رابطة مكافحة التشهير" أبراهام فوكسمان، في بيان صادر عنه، إن قرار المحكمة يعكس "نفاق الإدارة الأميركية وقصر نظرها". واعتبر أن قرار المحكمة يرمي الكرة في ملعب الإدارة الأميركية التي رأى أنها "مطالبة بإحداث تغيير جذري في موقفها من قضية القدس". وأضاف: "إنه محزن ومحبط حقيقة أن إسرائيل هي الدولة السيادية الوحيدة في العالم التي لا يحق لها تحديد عاصمتها وأن تضطر للدفاع عن قرارها اعتبار القدس عاصمة لها".

من جهته، اعتبر الكاتب الإسرائيلي حامي شليف قرار المحكمة الأميركية صفعة مدوية للاستراتيجية الدعائية لإسرائيل والمنظمات اليهودية في كل ما يتعلق بالقدس المحتلة. وفي مقال نشرته "هآرتس"، قال شليف إن خيبة أمل المنظمات اليهودية ومؤيدي إسرائيل في الكونغرس كانت كبيرة لأنهم توقعوا أن يصدر عن المحكمة العليا قرار مغاير ينسف الموقف الأميركي الرسمي الذي لا يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وأشار شليف إلى أن المنظمات اليهودية أنفقت على مدى عشر سنوات عشرات الملايين من الدولارات على حملة دعائية تهدف إلى تعزيز موقف إسرائيل من القدس لدى النخب والرأي العام الأميركي، لافتاً إلى أن الضجة الإعلامية حول قرار المحكمة العليا سلطت الضوء على حقيقة أن الولايات المتحدة لا تعترف بالسيادة الإسرائيلية على القدس، مشدداً على أن هذه الضجة لفتت نظر الأميركيين بشكل خاص إلى هذه الحقيقة.

اقرأ أيضاً: حيلة من نتنياهو لإحباط المبادرة الفرنسية وتثبيت الكتل الاستيطانية