يهود يعادون الصهيونية بعد زيارة إسرائيل

يهود يعادون الصهيونية بعد زيارة إسرائيل

24 مايو 2015
شاهد الشباب اليهودي تعامل الاحتلال مع الفلسطينيين (الأناضول)
+ الخط -
تُعاني الحكومة الإسرائيلية من مشكلة "تضامن" فعلية، إذ تبيّن أن قطاعات واسعة من الشباب اليهودي، الذين يزورون إسرائيل بهدف تعزيز علاقتهم بها، يصبحون أقلّ استعداداً لتشرّب الأفكار الصهونية، ويتحول بعضهم إلى قيادات فاعلة في حركة المقاطعة الدولية ضد إسرائيل.

وجاء في تحقيق أجرته صحيفة "هآرتس"، ونشرته في ملحقها نهاية الأسبوع الماضي، أن "استثمار حكومة تل أبيب والوكالة اليهودية، ملايين الدولارات سنوياً في تمويل وتنظيم رحلات للشباب اليهودي، لا يُسهم في تقريب عددٍ كبير من الشباب لإسرائيل، ولا يحوّلهم إلى مُدافعين عنها".

مع العلم أن "الوكالة اليهودية" تتولّى مهمة تنظيم رحلات الشباب اليهودي السنوية لإسرائيل من خلال برنامج "تجليت"، الذي تسهم في تمويله إلى جانب الحكومة الإسرائيلية، الحكومة الألمانية وعدد من الأثرياء اليهود على رأسهم الملياردير اليهودي الأميركي شيلدون أدلسون، المعروف بحماسه الشديد لليمين الإسرائيلي والحزب الجمهوري الأميركي. وذكرت "هآرتس" أن "جزءاً مهماً من الشباب يضيقون ذرعاً بالطابع العنصري للبرامج التعبوية والتثقيفية التي تعدّها اسرائيل لهم، مما دفعهم لتبني مواقف معادية للصهيونية".

اقرأ أيضاً: "حق الولادة".. لليهود فقط

ويقول الطالب اليهودي سوس سوسمان، الذي يقطن في نيويورك، أنه "جاء إلى إسرائيل قبل ثلاث سنوات في رحلة تعبئة، وفوجئ من كثافة المضامين العنصرية، للرسائل التي يحرص المرشدون الصهاينة على إيصالها إلى السياح اليهود من الشباب". وحسب سوسمان، فإنه "فوجئ عندما خطب أحد المرشدين في مجموعة السياح التي كان يتواجد فيها قائلاً: عندما يتم تخييرك بين إنقاذ يهودي واحد أو إنقاذ 100 شخص غير يهودي، فعليك ألا تتردد، وانقذ اليهودي ودع الآخرين". استهجن سوسمان من حقيقة أن "معظم الإسرائيليين، الذين يحرص منظمو الرحلات على عقد لقاء بينهم وبين الشباب اليهودي الزائر، يتبنّون تحديداً التوجهات اليمينية المتطرفة".

ولفت إلى أن "التحول الفارق في موقفه من إسرائيل، جاء في أعقاب مبادرته لزيارة الضفة الغربية واطلاعه على فظاعة المسّ بحقوق الإنسان الفلسطيني على أيدي جيش الاحتلال والمستوطنين". وإلى جانب اندفاعه للعمل ضمن صفوف حركة المقاطعة الدولية ضد إسرائيل داخل الولايات المتحدة، فإن سوسمان حرص على تشكيل منظمة تُعنى بتنظيم رحلات للشباب اليهودي الأميركي للمناطق الفلسطينية، من أجل إطلاعهم على حجم المعاناة التي يكابدها الفلسطينيون تحت الاحتلال، ما يسهم في تعرية الخطاب الذي تعكف عليه إسرائيل في محاولاتها تعبئة الشباب اليهودي.

وتقرّ إليزابيت غولدبيرغ، وهي شابة يهودية أميركية قدمت لإسرائيل ضمن برنامج "تجليت"، أنها "صُدمت من نمط التعاطي الإسرائيلي مع الفلسطينيين". وأشارت إلى أن "أكثر ما فاجأها هو شدّة القيود التي يفرضها جيش الاحتلال على أكثر من 120 ألف فلسطيني في الخليل، من أجل منح بعض المستوطنين اليهود في المدينة إحساساً بالأمن". وقد أجرت الصحيفة مقابلات مع عدد كبير من الشباب اليهودي، الذين شاركوا في برنامج الرحلات السنوية، الذين أكدوا أنهم "باتوا يتبنّون مواقف سلبية تجاه إسرائيل بعدها".

ومن خلال الاطلاع على المعطيات التي يعرضها موقع "تجليت" على شبكة الإنترنت، فقد شرعت المنظمة في تنفيذ برنامج الرحلات السنوية للشباب اليهودي لإسرائيل منذ 14 عاماً، وزار 400 ألف شاب يهودي الأراضي الفلسطينية المحتلة. وحسب الموقع، فإن كل مجموعة من الشباب اليهودي، تُمضي 10 أيام في إسرائيل، بهدف تعزيز "عناصر الهوية اليهودية لديهم، وتمتين الإحساس بالتضامن تجاه إسرائيل".

ولا تخفي إسرائيل رهانها على أن تفضي برامج التواصل مع يهود العالم، وضمنها برامج الرحلات السنوي، إلى إحدى نتيجتين أساسيتين: إما أن يقتنع السياح اليهود بفكرة الهجرة لإسرائيل، مما يسهم في تعزيز الثقل الديمغرافي اليهودي فيها، وإما أن يتحول الشباب اليهودي إلى سفراء لإسرائيل للدفاع عنها في مناطق وجودهم، من خلال الاندماج في أنشطة المنظمات اليهودية المساندة لإسرائيل.

وقد رصدت سلطات الاحتلال خلال السنوات الخمس الماضية، العديد من المظاهر التي تدلل على تراجع العلاقة بينها وبين يهود العالم، مما دفع وزارة "الشتات اليهودي" الإسرائيلية إلى بلورة خطة لتعزيز العلاقات مع الجاليات اليهودية في أرجاء العالم.

وقد وافقت حكومة بنيامين نتنياهو السابقة على رصد ميزانية بقيمة 1.250 مليار دولار لخطة "تعزيز العلاقات مع الجاليات اليهودية" التي أعدها الوزير نفتالي بينيت، الذي سيواصل الاحتفاظ بحقيبة "الشتات" إلى جانب وزارة التعليم، التي سيتولاها في الحكومة الجديدة. 

اقرأ أيضاً: مواقف يهودية تدين إسرائيل

دلالات