هجوم ألماني استباقي على السيسي قبل زيارته برلين

هجوم ألماني استباقي على السيسي قبل زيارته برلين

19 مايو 2015
مرسي خلال جلسة صدور حكم الإعدام بحقه (عامر عمر/الأناضول)
+ الخط -
قبل أكثر من أسبوعين على زيارته المتوقعة إلى ألمانيا، تعرض الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، ونظامه لانتقادات عنيفة، هي الأكثر حدة منذ فترة، من قبل السفير الألماني لدى القاهرة، هانس يورغ هابر. جاء ذلك خلال لقاء مع إعلاميين في مقرّ السفارة الألمانية، هاجم هابر خلاله الأحكام القضائية الأخيرة بخصوص إعدام المعارضين، والسياسات والقوانين، بدون أن يغفل وسائل الإعلام.

اقرأ أيضاً مصر:3 شهداء وأسير فلسطيني ضمن المحالين للمفتي باقتحام السجون 

ووصف هابر جماعة "الإخوان المسلمين" بأنهم "ليسوا وراء كل العمليات الإرهابية"، وأنه "من غير المعقول تحميلهم مسؤولية كل شيء سلبي يحدث في مصر، خصوصاً وأن من يتهمهم بذلك لا يقدم الدليل المقنع على ذلك"، مبدياً استغرابه من أن "ينسب للإخوان ما يحدث في سيناء من أعمال إرهابية رغم انعدام وجودهم هناك"، وهو ما دعاه إلى المطالبة بأن "تعلن الحكومة المصرية وتعلمنا بما يحدث في سيناء حقيقة بصورة أفضل من ذلك".

وانتقد هابر تغير موقف القضاء المصري من "الإخوان"، قبل وبعد 30 يونيو/ حزيران 2013، فبعدما سُمح لهم بخوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، نُسبت إليهم جميع العمليات الإرهابية التي تشهدها البلاد، رغم انعدام الدليل على ذلك، مشيراً إلى أن الأحكام القضائية التي تصدر ضدّهم تخالف المبدأ القانوني المعروف بأنّ "الشك يفسر لصالح المتهم".

وعندما اعترض رئيس تحرير إحدى الصحف الخاصة المؤيدة لنظام السيسي على كلام السفير، خلال اللقاء، قائلاً إن "كل الإرهاب جذوره إخوانية"، جاء ردّ هابر ليؤكّد أن "الإرهاب خارج مصر يستقي الأفكار من زعامات ومرجعيات أخرى غير إخوانية، مما يدل على وجود توجهات مختلفة للإرهابيين، وليس اتجاهاً سياسياً واحداً، وقد يكون بعضهم معارضين لجماعة الإخوان". ودعا النظام المصري إلى ما أسماه "تحليلاً دقيقاً" لظاهرة غياب الاستقرار والسلم الأهلي في المنطقة، وتحديد هوية العدو الحقيقي.

وبالنسبة للإعلام المصري الذي أثبت أنه يلعب دوراً فاعلاً في تعقيد الأزمة وإذكاء نار التفرقة، انتقد السفير الألماني "انتشار الحديث عن ظاهرة المؤامرة على مصر في الإعلام المصري". وأشار إلى أن الإعلام يجب عليه البحث عن الأسباب الحقيقية لتردي الأوضاع في سيناء وغيرها من المناطق، بدلاً من توجيه أصابع الاتهامات فوراً إلى جهات بعينها.

وعبّر السفير عن رفض بلاده ظاهرة "اعتقال شباب دعموا السيسي في 30 يونيو/حزيران، والحكم عليهم بسبب مخالفة قانون التظاهر"، معبّراً عن "رفضه المطلق لهذا القانون وتصرفات القضاء والقوات المسلحة والشرطة التي تأتي في إطار تطبيقه".

وردّاً على اعتراض رئيس تحرير صحيفة أخرى على هذا الكلام بحجة أن "القانون المصري لتنظيم التظاهر مقتبس من قوانين غربية"، قال هابر متهكماً: "أسمع دائماً أن القانون مأخوذ من نظم أوروبية، لكن المشكلة ليست فيه، بل في تطبيقه، ولقد وجهنا دعوات رسمية للشرطة المصرية لترسل عناصر إلى ألمانيا لتدريبهم على كيفية التحكم في الحشود، دون التسبب في خسائر أرواح أو ممتلكات".

واستطرد قائلاً إن "صورة بلادكم ستتحسن كثيراً إذا تم تغيير قانون التظاهر الحالي، ودعمت الدولة الشباب، الذين دعموا الرئيس السيسي، فكيف يمكن الحكم على شاب انتزع هاتفاً من يد شرطي بالحبس 12 عاماً؟"، في إشارة إلى الحكم الصادر في قضية الناشط السياسي، علاء عبدالفتاحن وزميله، محمد النوبي.

وشمل هابر في انتقاداته القضاء المصري قضية "خلية الجزيرة"، موضحاً أن "محكمة النقض أكدت ضعف الحيثيات، التي بني عليها حكم أول درجة بإدانة الصحافيين، وهو ما ينال من سمعة القضاء المصري، رغم أن حكم أول درجة هو حكم مبدئي وتم إلغاؤه بالفعل".

من جهة ثانية، وصف هابر المناخ الاستثماري في مصر بأنه "بدأ يسير على الطريق الصحيح بعد مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي"، لكنه، في الوقت نفسه، أشار إلى عدد من السلبيات مثل "صدور قانون الاستثمار الجديد قبل يوم واحد من انعقاد المؤتمر، وضعف البنية الهيكلية، وغموض الموقف الاقتصادي للقوات المسلحة وتمتعها بمزايا تنافسية ضخمة لا يستطيع باقي المستثمرين مجاراتها، بسبب انعدام الشفافية وعدم قدرتهم على معرفة تفاصيل تعاقداتها ومشروعاتها".

وقالت مصادر سياسية مطلعة، لـ"العربي الجديد"، إن تصريحات السفير الألماني هي بمثابة رسالة استباقية من الحكومة الألمانية للسيسي قبل زيارته برلين، وتكشف إلى أي حد سيتعرض لأسئلة هناك تتعلق باستقلال القضاء المصري والإجراءات الداخلية في الحرب على الإرهاب، والعلاقات مع "الإخوان المسلمين".

وأضافت المصادر، التي لها صلة بملف علاقات مصر الخارجية بالحكومة المصرية، مفضلة عدم نشر اسمها، أنه "من الواضح جداً أن برلين ليست مرتاحة للتأجيل الدائم للانتخابات البرلمانية المصرية، وأن هذا الأمر قد يشكل عائقاً أمام تطبيق بعض العقود والاتفاقيات، التي وقعتها شركات ومؤسسات ألمانية مع مصر خلال المؤتمر الاقتصادي الأخير".

وأكدت المصادر نفسها أن السيسي أصبح أمام امتحان هو الأصعب له خارجياً، منذ توليه الحكم، بحيث ستكون المرة الأولى التي يزور فيها بلداً يحمل له كل هذا القدر من الانتقادات، على غرار ما جرى في العواصم الأوروبية والأفريقية والآسيوية، التي سبق أن زارها.

المساهمون