توسّع "دائرة الهوية اليهودية" نحو جيل أكثر تطرفاً

توسّع "دائرة الهوية اليهودية" نحو جيل أكثر تطرفاً

13 مايو 2015
سيعمل بنيت على تدشين معاهد دينية للنساء (Getty)
+ الخط -

على الرغم من أنّ الأبحاث التي عالجت مضامين مناهج التعليم الإسرائيلية التي أكّدت حثّها على التطرف والعنصرية، فإنّ "الثورة التعليمية" التي يبشّر بها وزير التعليم الجديد نفتالي بنيت ستجعل النشء اليهودي أكثر تطرفاً من ناحية أيديولوجية، وأكثر استعداداً لتشرب القيم التي تحث عليها المرجعيات الدينية.

ففي كلمته التي ألقاها أمام مؤتمر نظّمه حزبه، الاثنين الماضي، أوضح بنيت أنّه سيزيد من المساقات التعليمية التي تتناول التوراة والمصادر الدينية وتراث إسرائيل و"تاريخها القديم"، فضلاً عن تسليط الضوء على تاريخ أنبياء وملوك إسرائيل. وشدد بنيت على أنّه معني بشكل مباشر أن يتشرّب الطلاب الإسرائيليون قيم اليهودية، وجعلها مصدراً للتوجيه في حياتهم. وأعاد بنيت للأذهان حقيقة أنّه نجح في تضمين برنامج الحكومة التزاماً بتخصيص موازنات تسمح بتوسيع تعليم اليهودية ليس فقط في مدارس إسرائيل، بل ومن خلال إنشاء مدارس يهودية في أرجاء العالم. وأكّد أنه سيعمل على تدشين معاهد دينية للنساء في جميع أرجاء إسرائيل لتأهيلهنّ في التيار الديني الصهيوني للقيام بدور أكبر في قطاع التدريس.

وما يدل على أغراض "ثورته" التعليمية، عدم إخفاء بنيت حماسه للاهتمام بمكانة جامعة "أرئيل"، أول جامعة تقام في مستوطنات الضفة، مشدداً على أنه سيتم تخصيص أموال لتطوير الجامعة وتعزيز قدرتها على منافسة الجامعات الأخرى في استقطاب الطلاب من إسرائيل ومن

الجاليات اليهودية في جميع أرجاء العالم. وما يزيد من خطورة هيمنة بنيت على وزارة التعليم، حقيقة أنّ موازنتها تعتبر ثاني أكبر موازنة بعد موازنة الأمن، إذ تصل إلى 48 مليار شيكل (12 مليار دولار). وقد نجح بنيت في إقناع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بنقل "دائرة الهوية اليهودية" من وزارة الأديان إلى وزارة التعليم، وتمكينها من الاطلاع بجهد في توسيع الأنشطة اللامنهجية الهادفة إلى تجذير قيم الدين.

اقرأ أيضاً: متطرفون يهود يطالبون بإغلاق مخابز مقدسية

وكشفت صحيفة "هارتس" في عددها الصادر الخميس الماضي أنّ "دائرة الهوية اليهودية" ستدشن برامج لتعليم التوراة والتلمود، يشرف عليها نشطاء متدينون، إذ إن الأساتذة في المدارس العلمانية غير قادرين وغير راغبين في التصدي لتعليم التراث الديني. ويذكر أن عدداً كبيراً من العلمانيين في إسرائيل اتهموا بنيت أنّه حرص، كـ"وزير للأديان"، على إقامة هذه الدائرة من أجل إغراء الطلاب العلمانيين بالتحوّل نحو الدين.

ويذكر أنّه ينظر لحزب "البيت اليهودي" كذراع للمستوطنين في الضفة الغربية وممثل التيار الديني الصهيوني. في هذا السياق، توقّع الباحث ليئور داتل أن بنيت كوزير للتعليم سيحرص على تحويل موازنات أكبر لقطاع التعليم الديني الرسمي، الذي يستقطب عادة أبناء التيار الديني الصهيوني، المنتمي إليه. وفي مقال نشرته صحيفة "هاآرتس" الأحد الماضي، أشار داتل إلى أنّه بالاستناد إلى الاتفاق الائتلافي بين الليكود والبيت اليهودي، يتبيّن أنّ أكثر ما حرص عليه بنيت هو التزام الحكومة المقبلة بتحويل مبالغ ضخمة لمؤسسات التعليم الديني الرسمي.

وما يزيد من خطورة تأثير سيطرة "البيت اليهودي" على وزارة التعليم، حقيقة أنه يسيطر أيضاً على ثلاثة من أخطر مَواطن التأثير في الكيان الصهيوني، أي وزارتي القضاء والزراعة، والإدارة المدنية التي تحدّد السياسات تجاه الفسطينيين في الأراضي المحتلة. فالقيادية في الحزب إياليت شكيد ستتولى وزارة القضاء، وسترأس بشكل تلقائي اللجنة الوزارية لشؤون التشريع التي تتحكّم بطابع التشريعات التي يصدرها البرلمان، مع العلم أنّ شاكيد كانت وراء معظم القوانين العنصرية التي قدّمت للبرلمان السابق. وسيتولى أوري أرئيل منصب وزير الزراعة، وسيكون مسؤولاً في الوقت ذاته عن شعبة الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية والقدس. وكي يتم الأخذ بعين الاعتبار مصالح المستوطنين عند بلورة السياسات تجاه السلطة الفلسطينية، تقرّر تعيين القيادي في الحزب الحاخام إيلي بن دهان نائباً لوزير الحرب ومسؤولاً عن الإدارة المدنية في الجيش الإسرائيلي، الجهة المسؤولة عن تحديد سياسات الحكومة الإسرائيلية تجاه مناطق السلطة الفلسطينية.

اقرأ أيضاً: انطلاق الكنيست العشرين اليوم بغالبية يمينية

من ناحيته، اعتبر وكيل وزارة الخارجية الأسبق أوري سافير، أنّ البيت اليهودي سيتمكّن من خلال هيمنته على هذه المواقع الحساسة من تصميم هوية الدولة بمفرده. وفي مقال نشرته

صحيفة "معاريف" في عددها الصادر الثلاثاء، قال سافير "إنّ إسرائيل باتت تحت سيطرة ثلاثة، ديكتاتور صغير (بنيت) وعنصرية متوسطة القيمة (شاكيد) ومستوطن كبير (أرئيل)". وتابع، "لقد استغل الثلاثة ضعف نتنياهو وشرهه للسلطة وأجبروه على تسليمهم مفاتيح التأثير الرئيسية في الدولة للقيام بثورتهم، وترسيخ أفكار هوامش اليمين المتطرف التي يؤمنون بها". وأكمل "إذا أضفنا إلى ذلك نواب ووزراء الليكود الذين لا يقلّون عنصرية، ووزراء ونواب الأحزاب الدينية الحريدية، فلا أمل في أي جديد إيجابي". وحذّر سافير من أنّ قادة حزب "البيت اليهودي" من خلال الهيمنة على مَواطن التأثير المهمة في الدولة، وعلى رأسها إعادة صياغة التعليم وسَنّ المزيد من القوانين العنصرية، سيعملون على تدمير البناء الديمقراطي الإسرائيلي. وأعاد سافير للأذهان حقيقة أنّ حزب "البيت اليهودي" يملك 8 مقاعد فقط في البرلمان، ومع ذلك مُنح الحق لتصميم اتجاهات الحياة في "الدولة".

من ناحيته، وصف المفكر الصهيوني رام فورمان تولي بنات مقاليد وزارة التعليم بـ"الكارثة" لكل شخص يعتبر نفسه "علمانياً وليبرالياً". وفي مقال نشرته هاآرتس في عددها الصادر يوم الجمعة الماضي، أوضح فورمان أنّ بنيت سيحرص على تجذير القيم التي تعزز التطرف الديني والقومي لدى الطلاب.

اقرأ أيضاً: مشاورات مبكرة لحكومة اليمين المتطرف