مستشفى جسر الشغور: الصيد الثمين للمعارضة السورية المسلحة

مستشفى جسر الشغور: الصيد الثمين للمعارضة السورية المسلحة

11 مايو 2015
حوّل النظام السوري المستشفى إلى ثكنة عسكرية (Getty)
+ الخط -

بدت الفصائل الإسلاميّة مصمّمة على اقتحام المستشفى الوطني في مدينة جسر الشغور، شمال غرب سورية، بأية طريقة، وخصوصاً بعد تفجير أحد العناصر التابعة لـ"جيش الفتح" نفسه داخل سيارة مفخخة أمس، الأحد، أمام الباب الرئيسي للمستشفى المحصن. وبثّت التنسيقيات صوراً وتسجيلات مصوّرة، تظهر انفجاراً ضخماً وسحباً كثيفة من الدخان تتصاعد من داخل المستشفى، حيث يُحاصر 250 جندياً ومدنياً منذ أسبوعين، إثر الاشتباكات العنيفة المندلعة بين الفصائل وقوات النظام المتحصنة داخل المبنى.

بدأت معركة مستشفى جسر الشغور تأخذ طابعاً ملحمياً، بعد نحو أسبوعين من سيطرة المعارضة المسلحة على مدينة جسر الشغور، وخمسة أيام على الوعد، الذي أطلقه الرئيس بشار الأسد لفك الحصار عنها.

اقرأ أيضاً:
قوات المعارضة تقتحم مشفى جسر الشغور شمالي سورية

بدا الأسد واثقاً من كسر الحصار المفروض على المستشفى، وهو الذي خرج برسالة وحيدة من خطابه الأخير، في أحد مدارس أبناء الشهداء في دمشق قبل أيام، قال فيها: "سيصل الجيش قريباً إلى أولئك الأبطال المحاصرين في مستشفى جسر الشغور ولن تنتهي المعارك عندها"، فيما يجري التحضير العسكري عبر إرسال عشرات المقاتلين المدعومين بالأسلحة الثقيلة من مناطق جورين، في ريف حماة الشمالي، وفريكة وقرقور، في ريف إدلب الجنوبي، حيث لم تعد قوات النظام سوى على بعد كيلومترَيْن من المستشفى الوطني المحاصر من كافة الجهات، خصوصاً بعد سيطرة قوات المعارضة على ثلاث بلدات، هي،  اشتبرق وغانية وكفير، الموالية بمعظم سكانها للنظام.

وحول المستشفى العسكري، يقول نائب رئيس هيئة الأركان في الجيش السوري الحر، العميد أحمد بري، لـ "العربي الجديد"، إن "مستشفى جسر الشغور مؤلف من ستة مبانٍ"، معتبراً أنّ المباني الثلاثة العليا لا أهمية لها، "أمّا الثلاثة الموجودة تحت الأرض، فهي بغاية الأهمية، وتتمتع بتحصين عالي المستوى". ويتابع: "أضحت هذه الأبنية مقر القيادة العليا الآن، في ظلّ وجود محافظ إدلب، ورؤساء القادة الأمنيين الأربعة، واللواء أكرم خلوف، نائب أركان الفرقة العاشرة، وقيادات عديدة أخرى ومستشار روسي وإيرانيون".

ويشير بري إلى أنّ قوات المعارضة "اعتمدت على الخطة ــ أ، المتمثلة بالإفراج عن أسرى موجودين لدى قوات النظام، مقابل فك الحصار عن المستشفى، وعندما فشلت المفاوضات مع قياديين في النظام، انتقلت إلى الخطة ب، المتمثلة بنسف المستشفى كما هو لتبدأ عملية الاقتحام"، مبيّناً أنّ "النظام كان يهدف من خلال المبادلة إلى كسب رأي شعبي بعد وعد بشار الأسد بكسر الحصار، لكنه بعد هجوم المعارضة سيفكر في تحصين خطوطه الخلفية".


اقرأ أيضاً: ماذا قال الناشطون عن ظهور الأسد المفاجئ؟

ويوضح العميد أحمد رحال، لـ"العربي الجديد"، أنّ "النظام يستميت لإنقاذ المحاصرين في إدلب، لأنّهم صيد ثمين، ولا يريد أن يتم قتلهم على يد الثوّار" على حد تعبيره. ويتابع أن "هناك محافظ إدلب وكل مسؤولي الأمن، إضافة إلى ضابط روسي بارز، وضابط ايراني، والعقيد سهيل الحسن الملقب بالنمر، بالإضافة إلى أن أموال البنوك في إدلب وجسر الشغور بحوزتهم، والمعارك مستمرة"، لافتاً إلى أنه "في اللحظة التي يجد فيها جيش الفتح أنّ المعركة تتطلب تجاوز كل هؤلاء، سيتم حرق المستشفى وتدميرها فوق رؤوسهم".

ويقول أحد المقاتلين المشاركين في معركة إدلب، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المستشفى يحتوي على كمية كبيرة من الذخائر والأسلحة، ويحيط به عدد كبير من الدشم، تتم تغطيتها بالتراب وتنصب عليها مدافع أو رشاشات بقواعد مثبتة على جسم التحصين الأساسي، فضلاً عن انتشار قناصة على مختلف الأبنية التابعة للمستشفى".

ويوضح المقاتل المنضوي ضمن فصيل إسلامي (طلب عدم ذكر اسمه واسم الفصيلة) أنّ "مستشفى مدينة جسر الشغور، التي لا تزال قوات النظام في داخلها بعد تحرير المدينة والطرق المؤدية إليها، محصّنة تماماً من مخارجها ومداخلها من قبل المجاهدين".

ويضيف الشاب الثلاثيني، الذي حصل على معلومات إضافية عن السجن من عسكريين انشقوا عن قوات النظام وكانوا داخل المستشفى خلال المعركة، أنّ "أكبر المراتب العسكرية في محافظة إدلب، والتي قادت سير المعارك في المدينة وريفها طيلة الثورة، تحصنت داخل المستشفى". ويتابع: "لم تؤثر العمليات الاستشهادية حتى الآن في بنيانه الضخم والمسلح"، مبيّناً أن "عناصر قوات النظام التي تتحصن داخله هم ما يقارب الـ 300 عنصر بينهم 150 من الطائفة العلوية، كما تشير المعطيات إلى وجود محافظ إدلب ورئيسي فرع الأمن العسكري وفرع الأمن السياسي وعدد من عناصر حزب الله اللبناني". 

اقرأ أيضاً: حشد النظام السوري لاستعادة ريف جسر الشغور بلا نتائج

ويؤكد المقاتل أنّ "ضخامة المبنى والتحصين الجيد لقوات النظام داخله واعتماده على سلاح الطيران، الذي نفّذ عشرات الغارات، ولم يهدأ منذ حصار المستشفى، بالإضافة إلى الحملات البرية، التي يخوضها من معاقله المتبقية في ريف إدلب الجنوبي ومناطق سيطرته في حماة، هو ما أخّر عملية الاقتحام حتى الآن". 

يبدو أن مجريات المعركة متجهة نحو مزيد من التصعيد، قد تشهد حرباً تفوق حرب مدينة جسر الشغور بكاملها، بالإضافة إلى أنّ عامل الوقت قد يكون حاسماً لأحد الطرفين، مع تجهيز قوات  المعارضة للاقتحام ونجاحها في التقدم والدخول إلى أحد المباني أمس، الأحد.

ويؤكد الكاتب الصحافي المعارض، بسام جعارة، أن "الأسد يعتبر فك الحصار عن مستشفى الجسر مسألة حياة أو موت، وهناك ثماني حوامات وسبع مقاتلات وأكثر من 1200 مرتزق لفك الحصار عن المستشفى".

وتجدر الإشارة إلى أنّ المستشفى الوطني في جسر الشغور هو المستشفى الحكومي الوحيد في المدينة، وبلغ عدد الأطباء البشريين فيه، بحسب إحصاءات غير رسمية، نحو 41 طبيباً و30 طبيب أسنان، و26 صيدلية و4 مخابر للتحليل و6 مخابر للتعويضات السنية ومستوصفاً خيريّاً تابعاً لمنظمة الهلال الأحمر السوري. وكانت الخدمات الصحية عالية المستوى فيه، قبل أن يحوله النظام السوري بعد الثورة إلى ثكنة عسكرية.

اقرأ أيضاً: تلازُم جبهتي جسر الشغور والساحل ينهك النظام السوري