كلينتون و"الحلم الأميركي": فرصة أخيرة لموعد البيت الأبيض

كلينتون و"الحلم الأميركي": فرصة أخيرة لموعد البيت الأبيض

28 ابريل 2015
حاولت كلينتون أثناء حملتها التقرّب من عامة الشعب (Getty)
+ الخط -

خسرت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، ترشيح حزبها الديمقراطي لها في سباق الرئاسة الأميركية في العام 2008، أمام باراك أوباما الذي حصد فوزاً كاسحاً لرئاسة البيت الأبيض في ولايتين لحزبه. وعلى الرغم من شعبية كلينتون آنذاك، إلا أنّ بعض المحللين السياسيين عزوا جزءاً كبيراً من خسارتها لتأييدها وتصويتها في الكونغرس عام 2002، لصالح قرار "الحرب على العراق". اليوم، تترشّح كلينتون مرّة أخرى، ويبدو أنّها صاحبة الحظ الأوفر بين الديمقراطيين، على الرغم من وجود تحفظات وانتقادات تتعلق بتاريخ من المساومات والانتهازية السياسية ومغازلة عمالقة "وول ستريت".

لم يأت إعلان الترشح الأسبوع الماضي بالكثير من المفاجآت للوهلة الأولى، على الرغم من الترحيب الذي شهده في صفوف الراغبين بـ"رئيسة" لأميركا. أعلنت كلينتون منافستها في شريط فيديو قصير لا تتعدى مدته الدقيقتين، وفيه يظهر مواطنون يكافحون من أجل المساواة والعدالة الاجتماعية، وكلّ يسعى على طريقته لتحقيق "الحلم الأميركي". تميّز انطلاق حملتها وإعلانها الترشح بـ "البساطة"، ومحاولة الظهور بالشخصيّة المقرّبة من الشعب. ويأتي ذلك، في ظلّ ذروة الجدل القائم حول مؤسسة كلينتون الخيريّة، التي أسسها زوجها، الرئيس السابق بيل كلينتون، والتبرعات المالية المقدَّمة للمؤسسة من دول وأطراف أجنبية، بالإضافة إلى المبالغ الطائلة التي تتلقّاها وزوجها لمجرد الظهور إعلاميّاً  وإلقاء الخطابات. وعلى الرغم من أنّ تلقي السياسيين الأموال لا يعد استثنائياً في الولايات المتحدة، إلاّ أنّ تصريحات سابقة لها وشكواها من "مصاعب مادية"، عرّضها للانتقادات خارج وداخل حزبها، وخصوصاً الجناح  اليساري. إذ يبدو أنّها أبعد من أن تكون من المواطنين العاديين أو الطبقة الوسطى التي بدأت بالتآكل في الولايات المتحدة، على الرغم من التحسن الاقتصادي الذي يشهده البلد.

اقرأ أيضاً: ترشّح هيلاري كلينتون للرئاسة يُثير سخرية الأميركيين

لعلّ التحدي الأكبر أمامها، هو إقناع الناخب أو إيهامه باستقلاليتها عن الشركات والبنوك الكبرى. كما عليها أن تعمل جاهدة، للتقليل من أهمية هذه العلاقات من دون أن تخسر داعميها من الأغنياء، وهم أكثريّة. ويأخذ عليها منتقدوها داخل الحزب، أنّها لم تعلن حتى الآن موقفها من مطالب نقابات العمال بتحديد الحد الأدنى للأجور بـ 15 دولاراً، وخصوصاً في الشركات الكبرى التي تجني أرباحاً طائلة، في حين أنّ عمّالها يتقاضون أجوراً بخسة، كما هو الحال في محالات "ماكدونالدز" للوجبات السريعة أو متاجر "وال مارت" الضخمة، التي تنظّم اتحادات العمال فيها إضرابات عديدة واحتجاجات منذ مدة طويلة. كما أنّ حديّة شعبيتها زدادت في الفترة الأخيرة لتشمل أنحاء عديدة من الولايات المتحدة. وما يزيد الأمر تعقيداً ويطعن في مصداقيتها، أنّها كانت عضواً في مجلس إدارة "وول مارت" بين العامي 1986 و1992، ولم تدل بأي موقف واضح وصريح ينتقد تعامل "وول مارت" مع اتحادات العمال.

وفي حين يرى داعمو كلينتون أنّها رمز المرأة القوية التي تضع على سلم أولوّياتها الانتخابية موضوع تمكين المرأة العاملة ومساعدتها على التوفيق بين المهنة والعائلة عن طريق سن القوانين، وتقديم الدعم المادي للنساء، يرى منتقدوها داخل الحزب أنّ مواقفها، ما هي إلاّ واجهة لامعة من دون أسس متينة لحل مشاكل الفقر. ورأوا أنّها وزوجها، كانوا المسؤولين الرئيسيين عن تقليص برامج المعونات للفقراء أثناء رئاسة بيل، وفتح الباب قانونياً على مصراعيه لدعم البنوك الكبرى وتقديم التسهيلات. 

وتشير آخر استطلاعات الرأي، إلى أنّ كلينتون تتقدم بفارق 50 بالمائة عن أي مرشح ديمقراطي يرغب بالتنافس للفوز بالانتخابات التمهيدية للحزب، ممّا يجعل فوزها، على الأقل حالياً، شبه مؤكد. كما يخدمها في ذلك، دعم الرئيس الأميركي باراك أوباما وشريحة واسعة من مؤيديه داخل الحزب الديمقراطي، لها . وفي الوقت الذي لا يبدو فيه التيار المعارض داخل حزبها مهماً نسبياً بسبب شعبيّتها، إلاّ أنّ عدم حماسه لها، واستياء معظم المواطنين من نظام الحزبين، واحتمال عودة عائلة "بوش" للفوز بالترشح عن الحزب الجمهوري وخوض سبق الرئاسة، قد يؤدي  إلى انخفاض نسبة المصوّتين عامة في انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 الرئاسية، مما يؤثر سلباً على المرشح الديمقراطي.

تبدو هيلاري، التي يحلو للبعض وصفها بالمرأة الحديدية داخل حزبها، نسخة أميركية "ناعمة" من رئيسة الوزراء البريطانية اليمينية مارغريت تاتشر، لكن إذا ما حالفها الحظ وعادت إلى البيت الأبيض رئيسة بعد أن سكنته كسيدة أولى، فإنّ قناع النعومة مرشّح للسقوط أمام حقائق توضّحت معالمها في السنوات الأخيرة.

اقرأ أيضاً: استدعاء كلينتون لمحوها رسائل الهجوم على قنصلية بنغازي

المساهمون