شهر على "العاصفة": جردة بحسابات الأطراف

شهر على "العاصفة": جردة بحسابات الأطراف

26 ابريل 2015
لحقت بالحوثيين خسائر باهظة جراء الغارات (عادل الشارع/الأناضول)
+ الخط -

لا تخضع الحرب في اليمن لحسابات طرفي المعادلة الرئيسية كقوى مؤيدة للشرعية وأخرى للانقلاب فحسب، بل أيضاً لحسابات داخلية للقوى السياسية سواء كانت في هذا الطرف أو ذاك. وتمثل الحسابات الخاصة بكل طرف على حدة ومدى تأثيرها في الواقع، بعد نحو شهر على انطلاق عمليات التحالف، تحدياً أمام الحسم والحلول السياسية المطروحة، إذ تبحث بعض الأطراف عن مكاسب أو دور مستقبلي، وأخرى تسعى للخروج بأقل الخسائر الممكنة. 

"الحوثيون".. بقاء الحركة 

تعرّضت جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، كأبرز الأطراف المعنية بالأزمة، أو أبرز عنوان فيها على الأقل، لخسائر كبيرة من خلال الضربات الجوية المكثفة للتحالف، ووصلت الغارات إلى استهداف مواقع أو مراكز تابعة لمحسوبين على الجماعة في مختلف المحافظات. ويسعى الحوثيون، وسط هذه الخسائر، إلى الخروج بأي حلٍ يُبقي عليهم كحركة قابلة لاستعادة قوتها أو الحفاظ على درجة من التأثير في أقل الأحوال، ويدفعون، ومعهم حلفاؤهم الإقليميون، إيران تحديداً، إلى اتفاق يجعل الحوار بعيداً عن الرياض أو تأثيرها المباشر. وبصيغة أخرى، يأمل الحوثيون الخروج من الحرب بشكل يتمكنون من إعادة ترتيب صفوفهم، أو ضمان بقاء تأثيرهم السياسي.

اقرأ أيضاً انتهاء مهلة مجلس الأمن: الحوثيون يخشون مصير "داعش"

صالح.. محاولة النجاة

لا يزال حليف الحوثيين، الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، يراوغ في التصريحات على الأقل، بنفي تحالفه معهم، على الرغم من أنه صار واضحاً أن المعركة الدائرة هي معركتهما معاً واستهدفهما التحالف العربي معاً، مزيحاً بذلك الستار عن تحالفهما بصورة غير مسبوقة. ويتصرف صالح إزاء الأزمة بأكثر من صعيد، إذ يُبقي على الخيوط السياسية ويرحب بالمبادرات وفي الوقت نفسه يسعى للنجاة بنفسه وضمان عدم الملاحقة له أو لمعاونيه. من جهة أخرى، يسعى لإطالة أمد الأزمة أملاً في حدوث بعض التغييرات في المواقف الدولية التي قد تؤدي إلى إيقاف عمليات التحالف، أو إلى مضاعفة الخسائر على الأقل. وإذا ما وجد منفذاً للتنصّل من الالتزامات المفروضة عليه، فإنه كما تقول التجارب، سوف يتنصّل من جديد. 

اقرأ أيضاً: المخلوع صالح يدعو الحوثيين لوقف القتال والانسحاب من المدن

هادي.. الحفاظ على الدور 

على الرغم من تمسك المجتمع الدولي والإقليمي والعديد من الأطراف المحلية بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، إلا أنه صار واضحاً أن التمسك بالشرعية ليس لأجله فقط، بقدر ما هو تمسك بالعملية السياسية في مواجهة الانقلاب. وانطلاقاً من ذلك، يسعى هادي وفريقه إلى نتيجة تبقي على دورهم أكبر قدر ممكن، ويُفضّل بالنسبة إليه العودة بالسلطة إلى عدن وليس صنعاء، لضمان دور أكبر، بحسب ما يرى البعض.

"الإصلاح".. الخوف من الفشل

بالنسبة لحزب "الإصلاح" وحلفاؤه السياسيون والقبليون، فقد كانوا الطرف الأكثر تضرراً من (الحوثيين) وحروبهم التوسعية خلال الأعوام الماضية، ما جعلهم الحزب الوحيد "الكبير" الذي أيد "عاصفة الحزم" بشكل صريح، قبل أن ينخرط مسلّحون وشخصيات محسوبة عليه في "المقاومة الشعبية"، بعدما حاول التهرّب في بادئ الأمر. ويتخوف "الإصلاح" وبقية الأطراف الشمالية، خصوصاً، من أن عدم إكمال الضربات، قد يعيد الحوثي وصالح بصورة أقوى ويجعل الأطراف التي أيدت "عاصفة الحزم"، عرضة للانتقام مستقبلاً، ولذلك فهم يتعاملون بحذر تجاه الحديث عن تسوية ويشددون على ضرورة أن تضمن عدم استعادتهم للقوة.

الرياض.. تحديات الحلفاء والخصوم 

وبالنسبة للرياض، قائد التحالف وأبرز الأطراف الإقليمية المعنية باليمن، فإن الأمر لا يقتصر بالنسبة لها على إخضاع الحوثيين وصالح بعد دخولها المباشر في الأزمة، وتسعى إلى شلّ قدرة الحوثيين العسكرية فعلاً. ومن جهة ثانية، تسعى لأن تكون المشرف الأساسي على أي تسوية، كي تضمن عدم تحوّل اليمن مجدداً إلى مصدر تهديد لأمنها الإقليمي، وهي بهذا قد تختلف حتى مع بعض شركائها أو مؤيديها الدوليين في عمليات التحالف. 

وعلى صعيد تعاملها مع القوى اليمنية، تعاني الرياض من تحديات مع القوى المؤيدة للشرعية من ناحية اختلاف غاياتهم وتأثيرهم على الواقع. إذ إن الأطراف التي تمثل الشرعية حول هادي أثبتت فشلاً على الأرض، وكذلك فإن دخول "الإصلاح"، الذي يشكّل عاملاً أساسياً في تعز ومأرب، جاء بعد ضغوط شديدة. ولولا العمليات الجوية، فإن عدن وتعز كان يمكن أن تسقطا، وهو ما بدا واضحاً بعد ساعات من إيقاف "عاصفة الحزم"، إذ تغيّرت موازين السيطرة وسقط اللواء 35 مدرع المؤيد للشرعية، لتعود معه ضربات التحالف لقصف اللواء ومواقع أخرى في المدينة.  

من جهة ثانية، تشكّل محدودية فاعلية القوى المناصرة للشرعية على الأرض إحباطاً لدول التحالف، ما يضعها أمام ثلاثة خيارات: المزيد من الضربات إلى أن تضعف قوة صالح والحوثيين، وهو أمر تزيد معه الضغوط والتكاليف وسط تدهور الوضع الإنساني، والخيار الثاني التفاوض السياسي مع طرفي الانقلاب، وهو أمر قد يشجعهما على سقف معيّن من التنازلات ويبقي على تأثيرهما، والثالث هو التخطيط لعمليات برّية. ويبدو واضحاً من خلال تطورات الأيام الماضية أن المحاور الثلاثة التي يجري العمل بها في آن واحد، هي: ضربات، مفاوضات، ووضع احتمال الحاجة لعمليات برّية.

المساهمون