تعز على خطى عدن: حرب شوارع وانقسامات وغارات

تعز على خطى عدن: حرب شوارع وانقسامات وغارات

19 ابريل 2015
توصف تعز بأنها ثالث أهم المدن اليمنية(الأناضول)
+ الخط -
دخلت تعز، ثالث أهم المدن اليمنية، على خط التصدي لقوات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، بعدما انتقلت الأوضاع فيها من مسيرات تخرج بشكل متواصل رفضاً للانقلاب وتتعرض للقمع، إلى مواجهات مسلحة وقصف متبادل خلال الأيام الماضية، بين قوات الحوثيين والرئيس المخلوع من جهة، وبين لواء موالٍ للشرعية وقبليين ومتطوعين من جهة أخرى، وسط غارات مكثفة للتحالف نتج عنها تدمير القصر الجمهوري، أبرز المعالم الحكومية في المدينة بمن فيه.

وبدأ التوتر المسلح في تعز عقب إعلان اللواء 35 مدرع، الذي يرابط في أحد أطراف المدينة، ولاءه للشرعية التي يمثلها الرئيس عبد ربه منصور هادي، فيما أصدر الأخير قراراً بتعيين العقيد محمد الحمادي، قائداً لهذا اللواء.
في موازاة ذلك، تتواجد قوات أخرى موالية للرئيس المخلوع والحوثيين، من أهمها اللواء 22 مدرع، الذي عين هادي، ضابطاً موالياً للمستشار الرئاسي اللواء علي محسن الأحمر، قائداً له، وهو العميد صادق سرحان، لكن الأخير لم يتمكن من تسلم مهامه بسبب رفض منتسبي اللواء القرار، بالإضافة إلى وجود قوات الأمن الخاصة الموالية أيضاً لصالح والحوثيين.
وانتشرت وحدات من اللواء 35 الموالي لهادي، بالتزامن مع غارات مكثفة على اللواء 22 الموالي لصالح خلفت خسائر كبيرة، لكنها لم تتمكن من القضاء على اللواء، إذ انتشرت قوات من الحوثيين وأخرى موالية لهم، وحاولت حصار مقر اللواء 35 الذي انضمت إليه مجاميع قبلية ومتطوعون من المحسوبين على الشيخ حمود المخلافي، المقرب من حزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلموين) واللواء الأحمر. وشهدت المدينة حرب شوارع ومواجهات متقطعة في أكثر منطقة.

اقرأ أيضاً: تحديات متعددة تنتظر خليفة بنعمر في اليمن

تعز و"المقاومة الشعبية"

وتعتبر تعز، من أهم المدن اليمنية، وهي أعلى المحافظات من حيث عدد السكان، ويمتاز أهلها بالحياة المدنية، وتعد المركز المنافس لصنعاء، على مستوى المحافظات التي كانت تمثل الشطر الشمالي قبل توحيد اليمن 1990. وتُوصف تعز بأنها شرارة الثورة في عام 2011، إذ بدأ فيها أول اعتصام متواصل للمطالبة برحيل صالح من الحكم، ولاحقاً كانت ساحتها المعروفة بـ "ساحة الحرية"، ثاني أهم ميدان للثورة بعد "ساحة التغيير" في صنعاء.

في مايو/ أيار 2011 اقتحمت القوات الموالية لصالح "ساحة الحرية" وأحرقت خيام المعتصمين، فتشكلت مجموعات مسلحة لأول مرة بحجة حماية الساحة، وكانت بقيادة المخلافي. والأخير هو ضابط سابق في جهاز استخبارات الأمن السياسي مقرب من اللواء الأحمر، وكذلك العميد صادق سرحان (الذي عينه هادي قبل أيام قائداً للواء 22 مدرع). وقد كان يعمل في السابق، قائداً للدفاع الجوي في الفرقة الأولى التي يقودها الأحمر. وبدخول الاثنين (سرحان والمخلافي) واجهة الصراع من جديد، تكون تعز قد استعادت جزءا من مشهد 2011، وأصبحت مرشحة لمواجهات متصاعدة في الفترة المقبلة، من دون إغفال وجود عامل جديد يساهم في تبديل الموازين، وهو طيران تحالف "عاصفة الحزم"، الذي يستهدف أي تجمعات أو مواقع للقوات المناوئة للشرعية ويحاول الحسم لصالح "المقاومة".

مواقف القوى السياسية

يعد محافظ تعز، شوقي هائل، من الشخصيات المؤثرة في المحافظة، لانتمائه إلى أكبر عائلة تجارية في اليمن، وكانت له خلال الفترة الماضية مواقف استثنائية، برفض دخول المليشيات إلى المحافظة، ومن ثم كان واضحاً تجنبه الانحياز إلى القيادة الشرعية ممثلة بهادي أو القيادة الانقلابية ممثلة بالحوثيين، وبقي "ممثلاً لتعز"، رفض دخول التعزيزات الموالية للحوثيين، والتي كانت في طريقها إلى عدن. واعتبر، حسب بيان للسلطة المحلية، أنها يمكن أن تدفع الطرف الآخر للتعزيز، وتحويل تعز إلى ساحة صراع. وأخيراً بعد بدء المواجهات، حاول التوسط بإقناع الطرفين بسحب نقاط التفتيش المستحدثة وتجنب المواجهة. وفي المحصلة يبدو المحافظ، حذراً في عدم الانحياز إلى أي طرف، وفي ذات الوقت، رفض تحويل تعز إلى ساحة اقتتال.
أما على صعيد القوى السياسية، فإن العديد من قيادات حزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه الرئيس المخلوع تقف إلى جانب القوات الخاضعة لنفوذه وللحوثيين. ويقابله، حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذي يمثل محسوبون عليه جزءاً مما بات يطلق عليه "المقاومة الشعبية". أما أغلب القوى المدنية الأخرى ترفض تحويل المدينة إلى ساحة عنف، لكنها تحمّل الحوثيين المسؤولية؛ باعتبارهم الطرف الذي بدأ التصعيد في المدينة، من خلال التعزيزات التي وصلت إلى معسكرات في المدينة، وأعمال القمع التي طالت متظاهرين.

تصعيد محتمل

بالنظر إلى معطيات الوضع وتطورات الأيام الماضية، يبدو أن تعز العاصمة الثقافية، حسب قرار حكومي في 2013، مرشحة لتكون عدن ثانية، من حيث تحولها ساحة صراع، إذ تمتاز المحافظة، بمزاج عام رافض للحوثيين.
وفي المقابل، فإن القوات الموالية للحوثيين وصالح قادرة على الاستمرار في المواجهة. غير أن انتقال الصراع المسلح إليها يخفف الضغط على عدن، التي كانت أغلب إمدادات الحوثيين تأتي إليها عبر تعز، التي دخلت على خط المواجهات المسلحة والمليشيات، والأرجح أنه ما لم تتدخل الحلول السياسية وتقطع الأزمة المشتعلة في البلاد، فإن تعز يمكن أن تبقى ساحة صراع لفترة أطول.

اقرأ أيضاً: معاناة عدن: نزوح وكارثة إنسانية تنتظر الجسر الإغاثي