"القسام" و"الغموض الإيجابي" حول جنود الاحتلال: لكل معلومة ثمن

"القسام" و"الغموض الإيجابي" حول جنود الاحتلال: لكل معلومة ثمن

19 ابريل 2015
"القسام" ترفض منح معلومات مجانية للاحتلال(عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
تبقي "كتائب الشهيد عز الدين القسام"، الذراع العسكرية لحركة "حماس"، على الغموض الذي يلف مصير جنود إسرائيل في غزة، والذين كانت أعلنت عن أسر أحدهم، فيما أبقت الحديث عن الآخر طيّ الكتمان حتى اللحظة، على الرغم من مرور أكثر من تسعة أشهر على توقف العدوان الإسرائيلي على القطاع.

وهذا الغموض "الإيجابي" يتزامن مع محاولات إسرائيلية متكررة، شهدتها الأيام الماضية في سبيل استدراج تصريحات ومواقف من "القسام" و"حماس" حول الجنود، عبر ما بثّته وسائل إعلام الاحتلال عن مصير اثنين منهم، وترجيحات عن وفاة أحدهم ووصول الآخر لقبضة "القسام" حياً.
وتدرك "حماس" اليوم أنّ للملف ثمناً، حتى الحديث عن أي تفصيل من تفاصيله يجب أن يرافقه ثمن يتم الاتفاق عليه. ولا تغامر الحركة في الحديث عن الملف، لارتباطه بقضية حساسة جداً في المجتمع الفلسطيني، إلى جانب حرصها على "مشاعر الأسرى وذويهم".

اقرأ أيضاً: إسرائيل طلبت وساطات أوروبية لكشف مصير جنودها في غزة 

وقال المتحدث باسم "القسام" أبو عبيدة، في كلمة قصيرة مسجلة بثت عبر وسائل الإعلام في غزة، إنّ الكتائب لن تتخلى عن دورها المقدس من أجل الإفراج عن كافة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وذلك تزامناً مع الذكرى السنوية ليوم الأسير.
وأبقى أبو عبيدة الغموض حول الملف برمته؛ وهو الخيار الذي تتمسك فيه "القسام" منذ تجربتها الأولى التفاوضية بملف الجندي جلعاد شاليط. وقال أبو عبيدة للأسرى "انتظروا القول الفصل من إخوانكم في كتائب القسام الذين لن يخذلوكم أبداً، ولا تلقوا بالاً لروايات العدو وتخبطه وتحليلاته".
ولفت المتحدث العسكري لـ "القسام" إلى أنّ الذراع العسكرية لـ "حماس" تتضامن مع الأسرى، بالعمل الحثيث والجهد الدؤوب والأداء المتقن من أجل تحريرهم، وليس بالشعارات والكلمات، مشدداً على أنّ "لحظة الفرج آتية، ومن حاول قهركم (للأسرى) سنقهره بإذن الله".
وشدد أبو عبيدة على عقيدة "القسام" تجاه ملف الأسرى، إذ قال "أسرانا الأحرار لقد بات من المعلوم لديكم أن عملنا من أجلكم هو عقيدة وواجب والتزام ودور مقدس، لا يمكن أن نتخلى عنه في أي وقت، وتحت أي ظرف، والعدو قبل الصديق يدرك أن قضية الأسرى هي قضيتنا التي نعمل ليل نهار من أجلها".

وجاءت كلمة أبو عبيدة دقيقة حتى في الألفاظ والمعاني. وهو لم يتطرق إلى الحديث عن توقيت للإفراج عن الأسرى أو عملية التبادل، لكنه قال إنّ الفرج آتٍ، كما لم يغفل تنبيه الفلسطينيين من محاولات إسرائيل استدراجهم في الملف، والحصول على معلومات.
وفي غزة، لا يتحدث قادة "حماس" عن الملف نهائياً، بناء على تعليمات عليا، تفرض سرية التفاصيل، حتى على أولئك الذين يعرفون مصير الجنود وعلى علاقة قريبة بالملف، وما يُحكى عن محاولات ألمانية للخوض في تفاصيل عقد صفقة جديدة.

ويقول المحلل السياسي، حسام الدجني، لـ "العربي الجديد"، إنّ هناك صراع أدمغة بين "القسام" وبين جهاز "الشاباك"، وباقي أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية حول الجنود المخطوفين في غزة، مشيراً إلى أنّ "القسام" ترى أنّه ليس من الحكمة إعطاء أي معلومة مجانية للاحتلال، لذلك لم تنجر وراء الاستفزازات المقصودة التي تتحدث عن الجنود وحياتهم وتفاصيل أخرى.
ويرى الدجني أنّ التصريحات الإسرائيلية الأخيرة عن الجنود المخطوفين، لها رسائل ودلالات، ومنها استفزاز الكتائب لإخراج أي معلومة عنهم، غير أنه يلفت إلى أنه ربما يكون هناك صفقة تلوح في الأفق، وتريد إسرائيل تهيئة الرأي العام الداخلي لها، لأي ثمن ستدفعه.
ويشير الدجني أيضاً إلى ما سمّاه محاولات إعلامية، ومن أهالي الجنود لاستفزاز صانع القرار الإسرائيلي؛ من أجل أنّ يهتم بملف المفقودين أكثر. وينفي الدجني أن تكون إسرائيل تتعامل بلا مبالاة مع ملف جنودها في غزة، معتقداً أنّ إسرائيل تتعامل بصمت مع الملف، وتحاول استخدام القوة والاستخبارات للوصول إلى جنودها، لكيلا تدفع ثمناً مقابلهم.
وتحافظ كتائب القسام على مشاعر الأسرى وذويهم، لأنّ أي تصريح منها حول التبادل، يمسّ أكثر من 6500 أسير فلسطيني وذويهم، فالأسرى باتوا يراهنون على التبادل كخيار أول وأخير لإخراجهم من عتمة السجون الإسرائيلية، وفق الدجني.
ويجزم الأخير أنّ نهاية هذا الملف ستكون "صفقة تبادل"، ولا سيما في ظل الخبرة التي اكتسبتها "القسام" من إدارتها ملف الجندي شاليط، والذي بادلته بـ1027 فلسطينياً معتقلين في سجون الاحتلال، مؤكداً أنّ "القسام" تعلمت مما حصل في الصفقة السابقة، وستصرّ على أن تكون الصفقة المقبلة بمواصفات جديدة وبضمانات أوسع وأوضح.

اقرأ أيضاً: في يوم الأسير الفلسطيني: معاناة 6500 معتقل مستمرة

المساهمون