تونس تستعد لدخول "الحوار الليبي" بغطاء أميركي ــ بريطاني

تونس تستعد لدخول "الحوار الليبي" بغطاء أميركي ــ بريطاني

19 ابريل 2015
أثناء لقاء السبسي مع الثني أواخر الشهر الماضي (الأناضول)
+ الخط -
تشير عدّة معطيات إلى أن تونس تتهيأ للدخول على  خط الأزمة الليبية بشكل مباشر، بعدما اقتصر دورها على بعث رسائل تهدئة ودعوة الأفرقاء المتخاصمين إلى الحوار.

وبعدما التقى الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي أواخر الشهر الماضي رئيس حكومة طبرق عبد الله الثني، وقبله وزير خارجيته، محمد الدائري، التقى أول من أمس، رئيس حكومة طرابلس خليفة غويل، في خطوة اعتُبرت مفاجئة في الساحتين التونسية والإقليمية، وتدل على أنّ تونس تعتمد على استراتيجية جديدة في طريقة تعاطيها مع الملف الليبي.

اقرأ أيضاً (تونس: دور جديد في ليبيا)

وتؤكد المعلومات التي حصلت عليها "العربي الجديد" أن الأمر لم يتحول بعدُ الى مبادرة تونسية واضحة وصريحة، غير أن "السبسي لا يدخل على خط مبادرة إلا اذا توافرت كل شروط نجاحها، والتي بدأ بعضها بالنضوج فعلاً".

وقال مصدر دبلوماسي مخضرم، فضّل عدم نشر اسمه، إن "السبسي ليس له موقف إيديولوجي من الموضوع، ونظرته تنطلق من المصالح التونسية الصرفة، التي تضررت من الأزمة الليبية، وهو مقتنع أن لا أحد قادر على حلحلة الموضوع الليبي في الوقت الراهن، بالإضافة إلى اقتناع عديد الأطراف في تونس بأنها الأقدر على لعب دور حقيقي في ليبيا بحكم العلاقات القوية مع طرفي النزاع".

وكان يفترض أن يكون لقاء السبسي بغويل سرّياً بالكامل، لكن الطرف الليبي نشر صورة لاستقبال مستشار السبسي لغويل في المطار، ما دفع الخارجية التونسية الى إصدار بيان مقتضب حول اللقاء يشير إلى محادثة السبسي مع "وفدٍ ليبي يترأسه خليفة محمد الغويل، رئيس حكومة الإنقاذ المكلّف، وأن اللقاء كان مناسبة أطلع خلالها المسؤول الليبي رئيس الجمهورية على سير العملية السياسية الجارية حالياً برعاية مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، وكذلك الأوضاع الأمنية على الحدود الليبية التونسية وظروف إقامة الجالية التونسية بليبيا". وأشار البيان إلى أن "هذا اللقاء  يأتي عقب استقبال رئيس الجمهورية، يوم الثلاثاء 31 مايو/أيار الماضي، لوفدٍ ليبي يقوده عبد الله الثني، رئيس الحكومة الليبيّة المؤقتة".

في المقابل قال غويل في تصريح صحافي مقتضب إن "التعامل الدبلوماسي لتونس مع حكومته موصوف بالحذر، وأن هذا التعامل يأتي لإرضاء طرفي النزاع اللذين يحكمان ليبيا"، في إشارة إلى حكومته وحكومة عبد الله الثني التي تتخذ من طبرق مقراً لها.

واعتبر غويل أن "هذا الموقف يعبّر عن توحيد صف الشعب والتراب الليبيين"، قبل أن يغادر تونس فجر أمس. وتجدر الإشارة الى أن غويل التقى أيضاً رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد.

وتؤكد مصادر مطلعة، فضلت عدم نشر اسمها، لـ"العربي الجديد" أنّ "السبسي يتعامل مع الملف الليبي بشجاعة سياسية واضحة، بدون الرضوخ لحسابات إقليمية أو دولية أو عربية"، وأنه "ينظر الى الموضوع بواقعية كبيرة، وسبق أن أقرّ بضرورة التحاور مع قوات "فجر ليبيا" برغم الأصوات المعترضة تونسياً، لأنها تسيطر على الوضع ميدانياً من ناحية، ولأنها جزء من الشعب الليبي الذي لا يمكن تجاهله أو القفز فوقه في أي صيغة حلّ، من ناحية ثانية".

وقالت المصادر نفسها، إنّه "سيتم استئناف الرحلات الجوّية بين تونس ومطارات الغرب الليبي على غرار مطار معيتيقة"، وإنّ "وفداً تونسياً تقنياً في طريقه الى هناك لمعاينة شروط استئناف الرحلات"، مشيرةً إلى أنّ قوات "فجر ليبيا" المسيطرة على المعبر الحدودي تنفي في المقابل نيتها التضييق على التونسيين في المعبر. كما نفت بالاشتراك مع الخارجية التونسية شائعة مقتل أربعة تونسيين عن طريق قواتها في ليبيا، "ما يؤكد أن الموقف التونسي من (فجر ليبيا) ومن الملف الليبي، يتجه نحو التغير استراتيجياً"، وأن "الأيام المقبلة تحمل الجديد في الموضوع"، بحسب المصادر.

لقاء السبسي برئيس حكومة طرابلس لم يكن طارئاً ولا فجائياً، بل جرى ترتيبه منذ مدة، ما يعني أنه نتاج رؤية سياسية تونسية متكاملة تجاه الملف الليبي تقوم على الحياد بين طرفي النزاع، والدفع لتفعيل التقارب بينهما، وتعبّر عن استعدادها لتأدية أي دور يمكن أن يجمع الليبيين على طاولة حوار، وفق ما أكدته مصادر تونسية لـ"العربي الجديد". وأضافت المصادر أن السياق الدولي يتقاسم القراءة نفسها في خصوص ليبيا، وتحديداً الطرفين البريطاني والأميركي. كلام تُرجم خلال زيارة مساعد وزير الخارجية الاميركية أنتونين بلنكين الى تونس أخيراً، حيث عبر للأطراف الرسمية والحزبية التي التقاها عن رؤية اإدارته للأزمة الليبية التي تقوم على أساس الحوار وعدم تغليب طرف على آخر، وإنهاء الصراع بشكل سريع. وأوضح بلنكين للمسؤولين التونسيين أن بلاده لا تعتبر "فجر ليبيا" منظمة ارهابية أو داعمة للإرهاب، وبالتالي ينبغي التحاور معها.

وكان زعيم حركة "النهضة"، راشد الغنوشي، قد انتقد بقوة موقف الحكومة السابقة من الأزمة الليبية وتضييعها على تونس فرصة لعب دور في الملف الليبي، مشيراً إلى أن تعاملها مع طرفي النزاع لم يكن متكافئاً، وهو ما يتعارض مع المصالح التونسية التي تضررت كثيراً من استمرار الأزمة في ليبيا.

اقرأ أيضاً (الدبلوماسية التونسية: لا مغامرات في المدى المنظور)

المساهمون