رسالة الـ16 وزيراً: تمهيد لحصار البضائع الإسرائيلية أوروبياً

رسالة الـ16 وزيراً: تمهيد لحصار البضائع الإسرائيلية أوروبياً

18 ابريل 2015
مقاطعة اسرائيل تتقدّم بنجاح (مهدي فدعواش/فرانس برس)
+ الخط -
تتقدّم حملة "مقاطعة البضائع الإسرائيلية" أوروبياً، على الرغم من المحاولات الحثيثة للاحتلال لمواجهتها، وتجلّت آخر إيجابيات الحملة في دعوة 16 وزيراً للخارجية في أوروبا، المفوضة العليا للشؤون الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني، أمس الجمعة، إلى "تسريع إجراء فرض وضع إشارات على البضائع المنتجة في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية".

وجاءت الدعوة في رسالة وجّهها الوزراء الأوروبيون، ووقّعتها فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا وبلجيكا والسويد والنمسا ومالطا وإيرلندا والبرتغال وسلوفينيا وهنغاريا وفنلندا والدنمارك وهولندا ولوكسمبورغ. وحدها ألمانيا غرّدت خارج السرب ورفضت توقيع الرسالة، التي ذكَّرت موغيريني بأنها "إجراء يهدف بالأساس إلى ضمان شفافية المعلومات بالنسبة للمستهلكين الأوروبيين، ليكونوا على علم بهوية المنتجات الإسرائيلية".

كما اعتبر الوزراء أن "هذا الإجراء هو حلقة أساسية لتنفيذ المواقف الأوروبية من النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ودعم حل الدولتين". وبرر الوزراء الأوروبيون دعوتهم هذه، بضرورة الانسجام مع الالتزام الأوروبي بتوجهه الداعي إلى وقف سياسة الاستيطان الإسرائيلية، التي تهدد بتقويض مسلسل السلام في المنطقة. ولفت الوزراء إلى أن "توسّع المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة من طرف إسرائيل، منذ العام 1967، يهدد آفاق تحقيق حل سياسي وسلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين".

وانتقد وزير الطاقة الإسرائيلي سيلفان شالوم، الاتحاد الأوروبي، بقوله في حديثٍ للإذاعة الإسرائيلية العامة، أمس الجمعة، أن "الأوروبيين لا يساهمون في دفع إلى حلّ الدولتين، بل يُبعدون هذا الحل من خلال وقوفهم إلى جانب الفلسطينيين".

اقرأ أيضاً: الأردن: قائمة سوداء للشركات المطبعة مع إسرائيل

وليست المرة الأولى التي يدعو فيها وزراء أوروبيون إلى تطبيق هذا الإجراء، للضغط على إسرائيل من أجل الحدّ من المشاريع الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبعث وزراء أوروبيون عدة في العام 2013، برسالة مماثلة إلى المفوضة العليا السابقة للشؤون الأوروبية كاثرين آشتون، لكنها بقيت حبيسة الأدراج، على الرغم من عدم توخّيها مقاطعة البضائع الإسرائيلية، بل فقط البضائع المنتجة داخل المستوطنات، وذلك بسبب التدخلات القوية لوزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي ضغط على الأوروبيين لعرقلة هذا الإجراء، معتبراً أن "تبنيه سيزيد من صعوبة مساعيه لإحياء عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين".

وأدت آشتون دوراً كبيراً في عرقلة قرار أوروبي بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، كان من المفترض أن يتم اتخاذه بدءاً من يناير/كانون الثاني 2014، ويقضي بـ"فرض الدول الأعضاء في الاتحاد، مقاطعة المنتجات الإسرائيلية الآتية من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحظر الاستثمارات الأوروبية في المشاريع المتعلقة بالمستوطنات الإسرائيلية".

وأثارت آشتون امتعاض دول عدة في الاتحاد، لوضعها إياه في تناقض صارخ بين إدانته الواضحة للمشاريع الاستيطانية الإسرائيلية، وعدم الدعوة الصريحة لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، واستخدام هذه المقاطعة كورقة ضغط ضد إسرائيل وسياستها التوسعية.

والملاحظ أن مبادرة الـ 16 وزيراً، على الرغم من أهميتها، لم ترقَ حتى الآن إلى الدعوة الصريحة لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، كإجراء عقابي ضد السياسة الاستيطانية الإسرائيلية، لكن المراقبين يرون فيه "مرحلة تمهيدية" للوصول إلى مبدأ "المقاطعة" الذي لوّح به الاتحاد الأوروبي أكثر من مرة، من دون أن يتبناه بشكل صريح.

ورأى المتخصص في العلاقات الدولية زيدان خوليف، في تصريحاتٍ لـ"العربي الجديد"، أن "موغيريني، بخلاف آشتون، مضطرة للتجاوب مع دعوة الوزراء الأوروبيين، فيما يخص إجراء وضع علامة على البضائع المنتجة في المستوطنات الإسرائيلية، استجابة للضغوط الشعبية الأوروبية وللرأي العام الأوروبي، الذي صار متنبهاً لكون إسرائيل دولة مارقة، لا تكترث للقرارات الدولية بخصوص احتلالها للأراضي الفلسطينية. وأيضاً نزولاً عند ضغوط دول شمال أوروبا، مثل السويد وفنلندا، التي تطالب الاتحاد بتبنّي موقف مقاطعة المنتجات الإسرائيلية".

وحذّر خوليف من أنه "في حال سرّع الاتحاد الأوروبي تنفيذ إجراء وضع علامة واضحة على المنتجات الإسرائيلية الآتية من المستوطنات، فقد تلجأ إسرائيل إلى التحايل وتمرير بضائعها عبر مصر أو الأردن، اللتين ترتبطان باتفاقيات مع الدولة العبرية، تحت علامات تجارية عربية للدخول إلى السوق الأوروبية".

وكانت الدعوات لمقاطعة البضائع والمنتجات الإسرائيلية التي أطلقتها العديد من منظمات المجتمع المدني في البلدان الأوروبية، ازدادت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وتعاظمت تحديداً بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة الصيف الماضي.

وتسيّد "الائتلاف" الفلسطيني، "اللجنة الوطنية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات عليها"، الذي ينشط عبر فروعه في بلدان أوروبية عدة، خصوصاً في فرنسا وبريطانيا وبلجيكا، قائمة المنظمات الداعية إلى مقاطعة البضائع الإسرائيلية.

كما تقوم جمعيات أوروبية عدة داعمة للحق الفلسطيني، من حين لآخر، بحملات منظمة ومفاجئة في المتاجر الكبرى لإشعار المستهلكين بحقيقة البضائع والمنتجات الإسرائيلية، التي لا تضع علامات على منتجات الاستيطان. كما تكاثرت الدعوات بقوة في الآونة الأخيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لمقاطعة البضائع الإسرائيلية، وأيضاً منتجات شركات عالمية معروفة بدعمها لاسرائيل.


اقرأ أيضاً: القوى الفلسطينية تقرر "إتلاف" بضائع 6 شركات إسرائيلية

المساهمون