أوروبا العقدة الأصعب في الانتخابات البريطانية

أوروبا العقدة الأصعب في الانتخابات البريطانية

15 ابريل 2015
كاميرون وعد بإجراء استفتاء حول الاتحاد (بيتر ماكديارميد/getty)
+ الخط -
يتصدر مستقبل علاقة بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي برامج الأحزاب البريطانية خلال الحملات للانتخابات العامة المزمع إجراؤها في السابع من مايو/ أيار المقبل. وتبدو هذه القضية من أكثر القضايا التي تتمايز بها الأحزاب السبعة المتنافسة للفوز بتشكيل الحكومة البريطانية المقبلة بشكل منفرد أو كطرف في حكومة ائتلاف جديد.

ويعد حزب "الاستقلال" البريطاني، الحزب الوحيد الذي يخوض الانتخابات العامة مع الالتزام التام بالعمل على انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ويبدو هذا الموقف مؤثراً، لا سيما أن الحزب أصبح لاعباً مهماً في الساحة السياسية. وبعدما فاز بـ3 في المائة فقط من الأصوات في الانتخابات العامة الماضية، بات ينافس على 13 في المائة من الأصوات، حسب آخر استطلاعات الرأي.

وجاء صعود حزب "الاستقلال" على حساب رصيد حزب "المحافظين"، وهو ما دفع زعيم الأخير ديفيد كاميرون إلى التعهد بتنظيم استفتاء شعبي في العام 2017 حول بقاء أو انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ويأمل المحافظون أن يُوقف هذا التعهد نزيف الأصوات التي تهرب من بيت "المحافظين" الى بيت "الاستقلال" بسبب قضية العلاقة مع الاتحاد الأوروبي.

في المقابل، ينتقد حزبا "العمال" و"الأحرار الديمقراطي"، الاستفتاء الذي تعهد به كاميرون، مؤكّدين أنّ لا مبرّر لاستفتاء شعبي، إلا في حالة طلب الاتحاد الأوروبي من حكومة المملكة المتحدة التخلي عن المزيد من سلطاتها الوطنية لصالح المزيد من سلطة الاتحاد. 

وفي موقف أكثر وضوحاً، أعلن زعيم حزب "العمال"، إيد ميليباند، أن حزبه لن ينظّم أي استفتاء حول مصير عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، إذا ما فاز بتشكيل حكومة بعد الانتخابات المقبلة. وقد يحاول "العمال" في هذا الموقف، كسب ما خسره من دعم رجال الأعمال الذين يخشون أن تثير الوعود بتنظيم "الاستفتاء" عدم استقرار ينعكس سلبياً على أداء الاقتصاد، ويحول دون جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، مما يضرّ بنمو سوق العمل البريطاني.   

ولا يرى المراقبون في "وعد الاستفتاء"، الذي أطلقه زعيم حزب المحافظين، كاميرون، سوى مناورة سياسية يسعى خلالها الأخير إلى الضغط بغرض إعادة التفاوض مع الاتحاد الأوروبي على شروط جديدة تعيد للدولة الوطنية بعض الصلاحيات التي انتزعها الاتحاد، وهو ما يساعد على تصويت البريطانيين لصالح البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي في حال تنظيم الاستفتاء في العام 2017. 

والواقع أن دول الاتحاد الأوروبي، بما فيها ألمانيا، لا تمانع في مناقشة مطالب كاميرون، ولكن في حدود لا تشمل تقييد حرية الحركة للأفراد بين الدول الأعضاء، وهو المطلب الذي تصرّ عليه حكومة لندن. 

ويصر كاميرون على أنّ لا تراجع عن "وعد الاستفتاء"، إذا نجح حزب المحافظين في تشكيل الحكومة المقبلة، وهو وعد غير قابل للتفاوض مع أي شريك في حالة اضطر الحزب إلى تشكيل حكومة تحالف مع أي من الأحزاب المنافسة. ومن الواضح أن هذا الموقف موجّه بالأساس للتحالف الحكومي الحالي والمحتمل استمراره مع المحافظين، ذلك أن العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي لن تكون إشكالية في أي مفاوضات بين حزبي "العمال" و"الأحرار الديمقراطي". 

بالنسبة إلى حزب "الاستقلال"، لا يستبعد الدخول في تحالف حكومي مصغر مع المحافظين، في حال وافق الأخير على تقديم موعد الاستفتاء إلى العام 2016 بدلاً من العام 2017. هذا الإصرار من كاميرون على تنظيم الاستفتاء خلق بعض التفاوت في موقف قيادات حزب "الأحرار الديمقراطي" ، الشريك في حكومة "الائتلاف" الحالية.

 وفيما لا يستبعد زعيم الحزب، نيك كليغ، تنظيم الاستفتاء، حذّر قياديون آخرون من أن الحزب قد لا يقبل بتنظيم الاستفتاء، وبالتالي لابد أن يصادق على الدخول في أي تحالف حكومي مشروط بإجراء الاستفتاء الخاص بعضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.

اقرأ أيضاً: تقديرات حول خارطة الانتخابات البريطانية المقبلة

وتبدو علاقة المملكة المتحدة مع الاتحاد الأوروبي أكثر تعقيداً عندما يدعو الحزبان الأكبر في ويلز وإسكتلندا إلى ضرورة أن تصوت كل الأقاليم المكوّنة للمملكة المتحدة (إنجلترا، ويلز، إسكتلندا، شمال إيرلندا) بالإجماع على الخروج من الاتحاد الأوروبي، لأنه إذا ما صوتت هذه الأقاليم (إنجلترا، ويلز، شمال إيرلندا) على الخروج من الاتحاد الأوروبي، فيما صوتت إسكتلندا لصالح البقاء، فهذا يعطي ذريعة للحزب القومي الإسكتلندي للدعوة مجدداً إلى استفتاء حول استقلال إسكتلندا عن المملكة المتحدة. 

ولا يحول خلاف الأحزاب البريطانية حول علاقة بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي دون توافقها جميعاً على عدم القبول باستمرار العلاقة على وضعها الحالي. وفيما تطالب الأحزاب الثلاثة الكبرى بالمزيد من الإجراءات الأوروبية لتعزيز "السوق الواحدة"، لأنّ ذلك يساعد الشركات البريطانية، يصرّ حزبا "العمال" و"الأحرار الديمقراطي" على تقييد الامتيازات المعيشية الممنوحة للأوروبيين المقيمين في بريطانيا.

اقرأ أيضاً: استفتاءات الرأي تتلاعب بالسوق البريطاني