مفاوضات الليبيين بين المغرب والجزائر: "مبادئ مشتركة" تمهد للحكومة

مفاوضات الليبيين بين المغرب والجزائر: "مبادئ مشتركة" تمهد للحكومة

09 مارس 2015
يترقب الليبيون ما ستسفر عنه الحوارات (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
تدفع دول المغرب العربي، بكل ما أوتيت من قوة، لأجل التوصل إلى حل سلمي للأزمة الليبية يعيد تفعيل المؤسسات لتلافي انفجار الأوضاع التي ستصيب شظاياها دول الجوار الليبي. الدعم المغاربي للحل السياسي ترجم في الاجتماعات المتتالية لفرقاء الأزمة الليبية، وآخرها الاجتماع الذي استضافه المغرب منذ يوم الخميس الماضي واختتم أول من أمس، والاجتماع الذي تعدّ له الجزائر غداً، واللذان يتزامنان مع مؤشرات على تذليل مبدئي للعقبات التي كانت تحول من دون التوصل إلى اتفاقات في الفترة السابقة.

الاجتماع الأول الذي امتد من يوم الخميس الماضي وحتى السبت في مدينة الصخيرات المغربية عقد برعاية الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا برناردينو ليون، وبحضور الوفدين الرئيسين اللذين يمثلان المؤتمر الوطني المنتهية ولايته في طرابلس والذي تتبع له قوات فجر ليبيا من جهة، وبرلمان طبرق المنحل الذي تنبثق منه حكومة عبد الله الثاني وقائد جيشها خليفة حفتر من جهة ثانية. وتركز النقاش خلاله حول آليات وقف إطلاق النار ومعايير تشكيل الحكومة، فيما عدّ جلوس الأطراف المشاركة أول من أمس لأول مرة على طاولة واحدة، إلى جانب ليون ووزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار، مؤشراً على تقدم المفاوضات والتوصل إلى حد أدنى من نقاط الاتفاق يُنتظر حسمها بعد قيام الوفدين، كل على حدة، الرئيسين بإجراء مشاورات حولها.

وهو ما أشار إليه رئيس وفد برلمان طبرق، محمد علي شعيب، بقوله في تصريحات صحافية   "سننتظر الصيغة النهائية المتعلقة بورقتين، الأولى تتعلق بتشكيل الحكومة والثانية بالترتيبات الأمنية، ونتمنى أن تكون الصيغة النهائية مقبولة من الجميع". وأشار شعيب إلى "أن الأطراف تقدمت بمقترحات وتعديلات، ونحن في انتظار الوصول إلى صيغة نهائية تتعلق بالورقتين، بعد ذلك سيكون لنا الحق في تقديم مرشحين بعد الانتهاء من هذه المرحلة". وأوضح أنه "لم يتم إلى هذه اللحظة التطرق لأي ترشيحات تتعلق بشغل منصب رئيس الوزراء، ولم يتم التداول بخصوص أي اسم"، مضيفاً "الأطراف الليبية ستعود إلى المغرب خلال الأربعاء المقبل".

من جهته، شدد رئيس وفد المؤتمر الوطني العام، صالح المخزوم، في تصريحات نقلتها "الأناضول"، على ضرورة "الاستعجال في تشكيل الحكومة وإعطائها كل الصلاحيات للعمل، مع ضرورة التوافق على السلطة التشريعية"، مشيراً إلى أن "محادثات السبت كانت إيجابية، وخصوصاً أن هناك مبادئ مشتركة بين الطرفين ستساعد بالتسريع باعتماد حكومة".

كما لفت إلى أن مقترح المؤتمر للخروج من الأزمة الليبية "يقضي بتسمية مجلس رئاسي مكون من 6 أعضاء، بواقع 3 أعضاء عن المؤتمر الوطني العام و3 عن النواب (برلمان طبرق) يتولى الصلاحيات السيادية والرئاسية ومراقبة عمل الحكومة".

ووفقاً للمخزوم فإن المقترح "ينص على أن السلطة التشريعية تتكون من غرفتين (المؤتمر والنواب) تتولى الصلاحيات التشريعية والدستورية بالكيفية التي سيتم النص عليها لاحقاً ضمن التعديل الدستوري، والذي يشمل أيضا المجلس الرئاسي".

إقرأ أيضاً: حوار "الفرصة الأخيرة" لليبيين في المغرب: 3 معطيات للتفاؤل

وفيما سيستأنف حوار المغرب يوم الأربعاء المقبل، ينتظر أن يناقش اجتماع الجزائر غداً الثلاثاء كيفية تشكيل حكومة وحدة وطنية التي ستتولى تسيير وإدارة الأمور في المرحلة الانتقالية.

وفي سياق الاستعدادات، وصل ثلاثة من قادة أحزاب سياسية ليبية، أمس الأحد الى الجزائر، بينهم قياديون في كل من حزب العدالة والبناء، ليبيا المستقبل الذي يقوده جمعة القماطي وحزب الوطن الذي يقوده عبد الحكيم بلحاج، للمشاركة في الاجتماع. وينتظر أن يصل إلى الجزائر ممثلون عن أحزاب سياسية ليبية أخرى، عبّرت عن رغبتها في الحضور، بينها تحالف القوى الوطنية وحزب الجبهة الوطنية وتجمع ليبيا الديمقراطي والحزب الوطني وحزب التنمية وحزب الاستقلال والوسط وشباب ليبيا والتيار الوطني والتضامن والتغيير وحزب القمة، إضافة إلى عدد من الشخصيات المستقلة والفاعلة. كما ذكر مصدر دبلوماسي أن الجزائر سعت إلى تأمين حضور مفتي ليبيا، صادق الغرياني، للمشاركة في الاجتماع لدعم جهود الوساطة والدفع باتجاه التوصل إلى تفاهمات وتوافق سياسي ينهي الأزمة.

 واجتماع الجزائر، الذي كان أعلن عنه مساعد وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل، أكده أيضاً ليون. ويأتي اجتماع الغد أيضاً بعد أيام من كشف مساهل أن 200 شخصية ليبية، بين قيادات أحزاب سياسية وشخصيات مستقلة زارت الجزائر خلال الأسابيع القليلة الماضية، في سياق مساعي بلاده لاستطلاع المواقف تمهيداً لإجراء هذا الحوار الموسع. وأكدت أكثر من شخصية ليبية زيارتها الى الجزائر، كرئيس حزب الوطن عبد الحكيم بلحاج ورئيس حزب العدالة والبناء محمد صوان والقيادي في نفس الحزب جمال سعداوي، إضافة إلى علي زيدان ومحمود جبريل وغيرهم.

وبحسب تصريحات سابقة لمساهل فإن اجتماع الجزائر سيركز على نقطتين أساسيتين، هما وقف إطلاق النار واستبعاد الحل العسكري، مقابل تركيز الحل السياسي والتفاهم حول طبيعة وآليات تشكيل حكومة وحدة وطنية تحفظ لليبيا وحدتها الترابية.

ولأن الجزائر تدرك أن الحل السياسي يحتاج إلى إقناع الدول الإقليمية التي تنادي بالخيار العسكري بضرورة تحييد هذا الخيار مقابل دعم المسار السياسي، استبق مساهل بدء اجتماعات الغد بزيارة القاهرة أمس الأحد، حيث عقد أمس اجتماعاً بوزير الخارجية المصري سامح شكري، وبمشاركة كل رئيس جهاز المخابرات العامة المصري، الوزير خالد فوزي، ومدير المخابرات العامة الجزائري، الوزير، محمد بوزيت. وخصص لبحث "تطورات الأزمة الليبية"، بحسب ما أكد بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية.  

ويعتبر سفير الجزائر السابق في مدريد، عبد العزيز رحابي، أن اجتماع الجزائر الذي يأتي متزامناً مع اجتماع الصخيرات في المغرب، يشكل تأكيداً لدور الجزائر في حلحلة الأزمة الليبية. ولفت إلى أن الجزائر أكثر فمهاً لتفاصيل الأزمة في ليبيا، لكنه لفت إلى أن هناك أطرافاً ليبية كان لديها تحفظات على مواقف الجزائر خلال وبعد الثورة على نظام القذافي، في إشارة إلى تحفظ حكومة طبرق على انفتاح الجزائر على حكومة طرابلس، وتعاملها مع القوى المشكلة لبرلمان طرابلس. وهو انفتاح ليس له صلة بموقف سياسي بقدر ما هو تعامل مع طرف ليبي شريك في العملية السياسية وطرف في الأزمة الساعية الجزائر إلى حلها.

في غضون ذلك، يذكر مسؤول دبلوماسي تحفظ على ذكر اسمه لـ "العربي الجديد"، أن الجزائر تراهن على علاقتها الخاصة مع عدد من الشخصيات الليبية لإنجاح اجتماع الثلاثاء، ولا سيما رئيس الحكومة السابق علي زيدان، الذي يحتفظ بعلاقات ممتازة مع المسؤولين الجزائريين، على خلفية الدعم الكبير الذي وفّرته له الجزائر خلال رئاسته للحكومة الليبية.  ويضاف إلى ذلك، علاقات الجزائر مع شخصيات ليبية، كمحمود جبريل وجمعة القماطي، وهي شخصيات تؤدي دوراً في المشهد السياسي في ليبيا. 

ويؤكد نفس المصدر أن رئيس حركة "النهضة" التونسية، الشيخ راشد الغنوشي، أدى دوراً مهماً في إقناع عدد من الأطراف الليبية بالقبول بالحوار والجلوس إلى طاولة المفاوضات. ويلفت المصدر الدبلوماسي إلى أنّ "الجزائر وليبيا ستحفظان للغنوشي دوره المهم في إقناع المؤتمر الوطني في طرابلس بالتنازل عن قانون العزل السياسي، وهو القانون الذي شكل أبرز محطات الخلاف بين طرفي النزاع في ليبيا". ويعتبر المصدر أن "استعانة الجزائر بالغنوشي والشخصيات التي لها علاقات مع أطراف في ليبيا، يدخل في سياق الجهد الدبلوماسي وتوظيف الأدوات المتاحة لتلافي انجرار ليبيا إلى الحرب الأهلية، التي لن تسلم منها لا الجزائر ولا تونس ولا مصر ولا حتى أوروبا، إضافة إلى مخاطر المجموعات الإرهابية التي بدأت تتشكل في ليبيا".  

ورداً على سؤال حول ما إذا كان اجتماع الغد خطوة في سياق سعي الجزائر إلى إبقاء حضورها في مسار الأزمة الليبية، في مقابل اجتماع الصخيرات في المغرب الذي عقد قبل يومين، يقول المسؤول الدبلوماسي إن الجزائر ليست في صدد منافسة مع المغرب بشأن الأزمة الليبية". ويوضح أن "هذه الاجتماعات قررت الأمم المتحدة مكانها وملفاتها، سواء اجتماع الجزائر أو اجتماع المغرب أو اجتماع غدامس السابق". ويخلص إلى القول "ما يهمنا أن يتوصل الفرقاء في ليبيا إلى حل سياسي يعيد للدولة الليبية مؤسساتها، ويعيد الآلاف من الليبيين اللذين اضطروا إلى اللجوء إلى الخارج".

إقرأ أيضاً: تعيين حفتر يشق معسكر حكومة الثني

المساهمون