مصر: تصاعد وتيرة التفجيرات ومخاوف من مستقبل مجهول

مصر: تصاعد وتيرة التفجيرات ومخاوف من مستقبل مجهول

09 مارس 2015
تفجير دار القضاء في 2 مارس (خالد الدسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
لا يُمكن قراءة ارتفاع وتيرة التفجيرات التي شهدتها مصر، خلال الأيام القليلة الماضية، إلا على ضوء الأزمة التي تعرفها البلاد منذ إطاحة الرئيس المعزول محمد مرسي من الحكم، في 3 يوليو/تموز 2013. وكانت تفجيرات عدة وقعت في عددٍ من المحافظات، طالت مديريات أمن وأقسام شرطة، واستهدفت مقرّات أمنية وعسكرية.

ولم يستبعد خبير أمني، رفض الكشف عن اسمه، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، انزلاقاً "محدوداً، في البداية، ثم يتطور لما هو أخطر، ربما، في موجة الأعمال المعتمدة على أساليب عنيفة في المواجهة السياسية في البلاد". كما لم يستبعد "تأثير التغييرات المهمة في القيادات الأمنية. فرغم انضباط جهاز الشرطة المصرية، إلا أن اختلاط الأوراق، يسمح بوضع جميع الاحتمالات في الحسبان"، رافضاً إعطاء المزيد من التفسير حول تصريحاته.

وكانت موجة التفجيرات ازدادت في الفترة الأخيرة، وانفجرت قنبلة بدائية الصنع بجوار قسم شرطة باب شرق، وسط الإسكندرية، شمال مصر، الذي يوجد فيه مكتب مساعد وزير الداخلية لقطاع غرب الدلتا، من دون وقوع أي إصابات. وتبين أن الانفجار ناتج عن قنبلة صوتية محدّثة، وضعها مجهولون بجوار سور القسم. ويُعدّ هذا التطوّر "مؤشراً مهماً، قد يحمل تطورات ودلالات كثيرة، من أن يكون بداية استهداف مسؤولين أمنيين بارزين"، وفقاً لبعض المراقبين.

وفي الإسكندرية، تعددت التفجيرات، من دون إعلان أي جهة مسؤوليتها عنها، مع العلم أنه قُتل شخص وأصيب تسعة آخرون، في انفجار قنبلتين، وضعهما مجهولون بجوار أحد المراكز التسويقية الشهيرة في منطقة السيوف، شرق الإسكندرية. كما انفجرت قنبلة أخرى بالقرب من قسم شرطة محرم بك، تسببت في إصابة أربعة أشخاص، وتحطيم عدد من السيارات وواجهات المباني والمحلات التجارية، بحسب مصادر أمنية وطبية. وتبادل النظام الحالي والمعارضة، الاتهامات حول التفجيرات، ففي حين يعتبر النظام أن "مؤيدي مرسي يقومون بها"، يعتبر أنصار الأخير أن "الأجهزة الأمنية تقوم بالتفجيرات من أجل إلصاق التهمة بالمعارضين".

وبعيداً عن التفجيرات السابقة، التي كانت غالباً بعيدة عن المواطنين المدنيين، ظهر نوع آخر من التفجيرات، تمثل في استهداف قوات الشرطة في وضح النهار، في وجود مدنيين، من أجل إيقاع ضحايا بينهم. وهو ما يُعدّ تحوّلاً كبيراً في هذا السياق.

اقرأ أيضاً: صراعات أجنحة النظام المصري في تغييرات قيادة الداخلية

وفي غياب "الجهة المسؤولة" للتفجيرات الأخيرة، تبنّت مجموعة "العقاب الثوري"، تفجير دار القضاء، وسط القاهرة، في 2 مارس/آذار الحالي، الذي أوقع قتيلين وتسعة جرحى، معظمهم من قوات الشرطة. وكانت المجموعة قد أعلنت عن نفسها في الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير، عبر استهداف دوريات للشرطة ونصب كمائن على الطرق، "انتقاماً من عمليات القتل الممنهج والاعتقالات والتعذيب لمعارضي النظام الحالي"، وفقاً لبياناتها المتفرقة. مع العلم أن عمليات المجموعة، التي بدا عليها العشوائية وضعف الإمكانيات، لم تكن تستهدف المدنيين سابقاً، بينما تُعدّ عملية دار القضاء "احترافية ونوعية".

أما بالنسبة إلى الجماعات والتنظيمات الجهادية، وعلى رأسها جماعة "أنصار بيت المقدس"، التي تحوّلت إلى "ولاية سيناء" بعد مبايعتها لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وجماعة "أجناد مصر"، فقد شددت أنها "لا تقوم بعملية ضد الجيش أو الشرطة، إلا بعد التأكد من عدم وجود المدنيين أو تأثرهم بالعمليات". وأكد أحد مسؤولي اللجنة الإعلامية لـ"أجناد مصر"، رفض الكشف عن اسمه، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الجماعة لا تقوم بعمليات تضرّ بالمواطنين". ونفى، فور تفجير دار القضاء، أن تكون الجماعة مسؤولة عنه.

من جهته، حذّر الخبير في الحركات الإسلامية، علاء النادي، من "تأثير سياسات النظام الحالي ضد المعارضين، الذي يؤدي إلى تزايد أعمال العنف ضد رجال الجيش والشرطة، فضلاً عن استهداف تجمعات مدنيين". وقال إنه "توجد مجموعات داخل التحالف الوطني لدعم الشرعية، لا تنتمي إلى كيان أو جماعة محددة، وخرجت من رحمه، لتتحوّل إلى استخدام العنف، من دون رؤية أو مسوّغ شرعي".

وأضاف في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "لا أحد يستطيع السيطرة على تلك المجموعات، على ضوء الضربات الأمنية والملاحقات، واستهداف المعارضين، وعمليات القتل والعنف ضد الشباب". وتابع "هناك تحديات أمام التيار الإسلامي، لضرورة ضبط الشباب الذي بدأ يرفض فكرة تلقي ضربات من الأمن دون رد قوي".

وحذّر من إمكانية "خروج الوضع عن السيطرة، في حال لم تتمكن القيادات من ضبط الشباب، في ظلّ استمرار الضربات الأمنية للجماعة وأعمال العنف والتعذيب والقتل". ولفت إلى أنه "إذا لم تعالج القيادات الأمر سريعاً، فربما تفلت الأمور منها، خلال الفترة المقبلة، مع ما يعنيه ذلك من تشكيل أزمة كبيرة لها وللدولة المصرية". وحول أن يكون استهداف مدنيين "نقطة تحول"، لفت النادي، إلى "أن منفّذ التفجيرات مجهول حتى الآن، خلافاً لتلك التي تعلن عنها مجموعات وجماعات معروفة".

ولم يستبعد خبير سياسي، رفض الكشف عن اسمه، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "تكون هناك أطراف يهمها إذكاء حالة الصراع والاحتراب داخل الدولة المصرية". وأضاف أنه "من الممكن أن تكون هذه الأطراف لا تريد لمصر الاستقرار، ومن مصلحتها بقاء الوضع كما هو عليه". وأشار إلى أنه "من الوارد أن تقوم قوات الأمن بعمليات تفجير لنسف فكرة المصالحة أو حل الأزمة الراهنة".

اقرأ أيضاً: "ولاية سيناء" يتمدّد: فتح باب "التجنيد العام"

المساهمون