"ولاية سيناء" يتمدّد: فتح باب "التجنيد العام"

"ولاية سيناء" يتمدّد: فتح باب "التجنيد العام"

08 مارس 2015
أهالي أحد ضحايا اعتداءات "ولاية سيناء" (الأناضول)
+ الخط -
يتوقع أن تشهد الأوضاع تعقيداً في سيناء خلال الفترة المقبلة، على ضوء المواجهات المسلّحة بين مقاتلي تنظيم "ولاية سيناء" والجيش المصري، خصوصاً بعد مبايعة الولاية لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وزعيمه أبوبكر البغدادي، وانضمام مقاتلين مدربين إلى "ولاية سيناء"، وهو ما ظهر من خلال إعداد كميات المتفجرات المستخدمة في الهجوم على مقرّات عسكرية وأمنية في ليلة واحدة، فضلاً عن أعداد المقاتلين المشاركين في تلك العملية.
ويعدّ التحوّل الأبرز في مسيرة "ولاية سيناء"، والذي يشير إلى تصاعد التوتر المحتمل، فتح باب "التجنيد" أمام الشباب للانضمام إليه، بحسب ما كشفت مصادر جهادية على صلة وثيقة بالتنظيم في سيناء، لـ"العربي الجديد".

وقالت المصادر، التي فضلت عدم نشر اسمها، إنّ "طلبات الانضمام إلى التنظيم تنهال علينا من قبل الشباب، سواء داخل مصر أو خارجها". وأضافت أنّ "التنظيم لم يردّ أحداً جاء إليه للانضمام للعمليات ضدّ الجيش، حتى وإن كان غير مؤهل خلال الفترة الأخيرة".
وبحسب المصادر نفسها، فإنّ "انضمام مقاتلين إلى التنظيم ليس ظاهرة جديدة، لكن الجديد هذه المرّة أنّ التنظيم سمح بما يسمى بـ"التجنيد العام" للشباب بصفة عامة، وغالبيتهم لا يتمتع بقدرات قتالية أو عسكرية سابقة.
وكانت مصادر مقربة من تنظيم "ولاية سيناء" قد أكّدت رفض التنظيم قبل بضعة أشهر انضمام شباب جدد إليه، للمشاركة في العمليات ضد الجيش ووقف الاعتداءات على المدنيين.
وأرجعت هذه المصادر، التي فضلت عدم نشر اسمها، في حديث لـ"العربي الجديد"، رفض التنظيم إلى الخوف من اختراق الهيكل التنظيمي في هذا التوقيت، وهو ما قد يفشل الهدف والفكرة التي يقوم عليها التنظيم.
لكن هذا الرفض تبدّل مع تطور الأوضاع في مصر، وتزايد قمع السلطات، وهو ما خلق بيئة مواتية لتفريخ الإرهاب. واعتاد التنظيم على اختيار العناصر التي تنضم إليه، من حيث فعاليتها وخبراتها التنظيمية والعسكرية، في المشاركة في عمليات عسكرية في سورية والعراق، وأفغانستان وبعض مناطق أفريقيا.
ورفض التنظيم في البداية انضمام الشباب إليه إلا "المقاتلين"، لأنّه اعتبر أنّ سيناء ليست ساحة تدريب، وإنما ساحة قتال. ومع قراره الأخير بفتح باب التجنيد، يعني أنّ حجّته هذه تبدّلت، ويمكن أن تتحوّل شبه الصحراء إلى ساحة للتدريب وإنشاء المعسكرات لهذا الغرض.
وفي سياق القدرات الهائلة التي بات يتمتع بها تنظيم "ولاية سيناء"، يبرز استعراضه بنشر تفاصيل المتفجرات المستخدمة في الهجوم على مقرّات عسكرية وأمنية أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، في أمرٍ ذي دلالة كبيرة، كون إعداد متفجرات تزن 10 أطنان يحتاج إلى ترتيبات كبيرة ودقيقة، والتعامل مع بضعة كيلوغرامات من المتفجرات ليس كالتعامل مع أطنان منها.

اقرأ أيضاً (عرض عسكري لـ"ولاية سيناء" يفنّد سيطرة الجيش المصري)
وعلى الرغم من تخصيص الجماعات الجهادية المسلحة خبراء لتصنيع المتفجرات وإعداد السيارات المفخخة بطريقة احترافية، وتدريب الخبراء بشكل جيد لإتمام الأعمال المستهدفة، إلا أن استخدام "ولاية سيناء" هذه الكمية من المتفجرات يُعدّ سابقة، ويشير إلى إمكانية وجود عناصر أجنبية غير مصرية.

وكان لافتاً في بيان "ولاية سيناء"، ذكر عدد المسلّحين الذين شاركوا في الهجمات، والذي وصل إلى 100 مقاتل. وهي المرّة الأولى التي يعلن فيها عن عدد المشاركين في أي عملية له بشكل صريح، علماً أن أكبر عدد من المسلحين المشاركين في عملية واحدة، كان في هجوم على دورية عسكرية للجيش الإسرائيلي، وشارك فيه حوالى 15 عنصراً.

ويعمل "ولاية سيناء" على استمالة القبائل وشيوخها، أو على الأقل تحييدها عن الصراع القائم مع الجيش المصري، بهدف ضرب نقاط القوة التي يمكن أن يركن إليها الجيش، خصوصاً أن موقف القبائل يشكّل أحد أبرز العوامل التي يمكن أن تحسم المواجهات بين "ولاية سيناء" والجيش.
وفي سياق متصل، ذكرت تقارير إعلامية، خلال اليومين الماضيين، وجود خلاف وانشقاق داخل تنظيم "ولاية سيناء"، فضلاً عن وجود تنازع بين قيادتين للتنظيم.
وقالت التقارير إن هناك قيادتين للتنظيم؛ جديدة تعتمد على أبناء القبائل، وقديمة مؤسسة، واستندت في خلاصتها هذه على تسيير مسيرتين مسلحتين في عدة مناطق مختلفة خلال أيام قليلة.
غير أن مصادر قبلية سيناوية، فضلت عدم نشر اسمها، قالت لـ"العربي الجديد"، إن أحداً في سيناء لم يشعر بوجود خلاف داخل "ولاية سيناء"، مشيرة إلى أنّه في حال وجود انشقاق أو خلاف، لكان علم أهالي سيناء. وأضافت أنّ "التنظيم معتاد على تنظيم مسيرات بشكل طبيعي في عدّة مناطق مختلفة وفي أوقات مختلفة تماماّ، بدون وجود أي خلاف".
وفي سياق متصل، نفى مقاتل في صفوف "داعش" في سورية، وهو مصري الجنسية "صحة ما أُشيع عن وجود خلافات، نظراً لأنّ في التنظيم مجلس شورى عاما وأميرا، فضلاً عن عدم اتخاذ أي أمر إلا بالتشاور بين الجميع".
وقال لـ"العربي الجديد"، مفضلاً عدم نشر اسمه، إنّه "لا مجال لوجود خلافات بالصورة التي تحدثت عنها التقارير الإعلامية، لأن الجميع في (ولاية سيناء) يدرك صعوبة المرحلة التي تمّر بها الأوضاع في سيناء".
وفي سياق العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش في سيناء، بدأت حملة عسكرية جنوب مدينة الشيخ زويد في منطقة السدرة والوحشي وأبوعيطة، صباح الأربعاء الماضي. وقام الجيش بنصب أكثر من كمين على طريق الشيخ زويد الجورة وقام بتفتيش واعتقال مواطنين.

في المقابل، حذّر خبير عسكري مصري من "تزايد أعداد مقاتلي التنظيم، في حال صحة المعلومات الواردة"، منوها إلى "خطورة ذلك على إشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في مصر بأكملها، وسيناء خصوصاً".

وقال الخبير العسكري، اللواء عادل سليمان، لـ"العربي الجديد"، إنّ "فكرة تزايد أعداد المقاتلين في سيناء لا يمكن التأكد منها؛ نظراً لعدم وجود مصدر رسمي يمكن التحقق منه، أو حتى معلومات استخباراتية محددة يمكن أن تشكل إطاراً عاماً لتحليل الأوضاع هناك".
وأضاف أن "مصر تشهد نوعاً من حروب الإرهاب العابر للحدود". وتابع "في ظل انتشار أفرع تنظيم "داعش"، وحالة السيولة التي تعيشها المنطقة العربية، لا يمكن استبعاد أن يكون هناك حركة لانتقال المقاتلين من داخل مصر أو خارجها إلى سيناء".
وأكد أنه "لا يمكن الحكم على عمليات الجيش بالفشل أو العرقلة في ضوء تزايد أعداد مقاتلي التنظيم الإرهابي". لكنّه أشار إلى أنّ ذلك يستدعي "تطوير قدرات الجيش، كلما اقتضت الحاجة إلى ذلك، وبشكل سريع".
وأشار الخبير العسكري إلى أنّ "الحرب في سيناء مفتوحة، ولا يمكن الحكم عليها بنفس معايير الحروب التقليدية التي تواجه خلالها الجيوش النظامية بعضها البعض".
ونوه إلى أن "تصاعد العمليات في سيناء وتزايدها، ينعكس سلباً على القاهرة والمحافظات، لجهة إشاعة الفوضى وعدم الاستقرار".
وأوضح أنّ "التنظيم في سيناء لديه هيكل تنظيمي وعسكري وتدريبات قوية وإمكانيات مادية وبشرية وخبرات، وهي ليست متوفرة لمجموعات في محافظات أخرى".
واعتبر أنّ "هناك خطورة شديدة في التعاطي مع تزايد العمليات في سيناء، لجهة تشجيع بعض المجموعات على القيام بعمليات في محافظات أخرى". ولفت إلى أنّه "لا أحد يعلم إن كان هناك صلة مع التنظيم الإرهابي في سيناء أم لا؟".