قلق في إسرائيل من "تحالفات جديدة" للرياض

قلق في إسرائيل من "تحالفات جديدة" للرياض

05 مارس 2015
"تركيا هي الدولة الأكثر أهلية للتصدي لإيران" (الأناضول)
+ الخط -
توقّع مراقبون إسرائيليون أن تطرأ تحوّلات واضحة على السياسة الخارجية السعودية، تُعيد بناء التحالفات الإقليمية، بما لا يتناسب مع المصالح الإسرائيلية. ورأى كتّاب ومعلقون صهاينة، أن "هناك ما يدل على أن التهديدات التي تتعرّض لها السعودية، ستدفع العهد الجديد في الرياض على إعادة رسم خارطة التحالفات بشكل مؤثر بشكل واضح على البيئة الإقليمية بمجملها". وتوقّع الكاتب المختص بالشؤون العربية تسيفي بارئيل، أن "يشرع السعوديين في تغيير نمط تعاطيهم مع نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بما يُقلّص من هامش المناورة المتاح أمامه".

وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر يوم الثلاثاء، أوضح بارئيل أن "هناك ما يبرر قلق (الرئيس عبد الفتاح) السيسي من التحول الذي يمكن أن يدخله الملك سلمان على موقف الرياض تجاه نظام مصر، تحديداً في كل ما يتعلق بتواصل تدفق الدعم المالي السعودي للقاهرة".

ولفت إلى أن "شخصيات سعودية بدأت بتوجيه انتقادات لنظام السيسي"، مشيراً إلى أن "هذه النخب عبّرت عن امتعاضها من اعتراض الرئيس المصري على تطوير العلاقات السعودية التركية، بحجة دعم حكومة أنقرة لجماعة الإخوان المسلمين". وتوقع بارئيل أن "تقدم إدارة الملك سلمان على تبنّي توجّهات جديدة إزاء التنظيمات الإسلامية السنية المعتدلة، مثل حماس والإخوان المسلمين".

ورأى أن "هناك قناعة بدأت تتعاظم داخل دول الخليج، مفادها أن مواجهة إيران تتطلب تحسين العلاقة مع هذه التنظيمات". ووفقاً لبارئيل فإن "جذور التحوّل في الموقف السعودي المتوقع، تكمن في اعتقاد الرياض أن كل المؤشرات تدل على فشل السياسة التي اتخذتها السعودية حتى الآن في مواجهة التهديدات التي تتعرض لها".

ويعدّد ما يعتبره "نكسات الرياض"، ويقول "لم تنجح الاستراتيجية السعودية في حلّ الأزمة في سورية، ولم تمنع سيطرة الحوثيين على اليمن، ولم تتمكن من مواجهة إيران، التي تسعى بشكل حثيث للسيطرة على المنطقة". وشدد على أن "مخطط الملك سلمان لزيارة تركيا كأول دولة يزورها بعد توليه الحكم، له دلالة كبيرة. وفي حال تحققت التوقعات من العهد الجديد، فإن ذلك سيحسن من فرص التوصل لمصالحة فلسطينية داخلية وتفعيل حكومة التوافق بقيادة رامي الحمد الله، على اعتبار أن الرياض بإمكانها توظيف حاجة طرفي الانقسام لمساعدتها".

ويتوقع بارئيل بأن يمثل تحقق هذا السيناريو إن حصل، "تحدياً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لأنه سينسف صورة الواقع الإقليمي التي يعرضها، والتي تقوم على ادعاء مفاده أن العالم العربي معني بالتعاون مع إسرائيل في مواجهة التنظيمات الإسلامية".

من جهة أخرى، يعتقد مركز "يروشلايم لدراسة المجتمع والدولة"، أن "تحسين مكانة تركيا الإقليمية بعد صعود سلمان، سيمُسّ بمصالح إسرائيل الإستراتيجية". وأضاف أن "صعود الملك سلمان للحكم، يشي ببلورة تحالفات جديدة في المنطقة، ستؤثر بشكل واضح على العلاقات الإقليمية". وأوضح المركز الذي يديره دوري غولد، كبير المستشارين السياسيين لنتنياهو، في ورقة بحثية صدرت في 18 فبراير/شباط الماضي، أن السعوديين يرون أن تركيا هي الدولة الأكثر أهلية لمساعدتهم في التصدي لإيران، الأمر الذي يحفّز الرياض على السعي لبناء تحالف مع أنقرة بشكل خاص".

اقرأ أيضاً: أردوغان والملك السعودي يتفقان على تعزيز دعم المعارضة السورية

وتوقع المركز أن "تطرأ تحولات على العلاقات بين السعودية وحركة حماس، وسيدفع ذلك الحركة إلى تخفيض وتيرة علاقاتها مع إيران". واعتبر أن "الإيرانيين لا يبدون حماساً لاستعادة العلاقات مع الحركة إلى سابق عهدها، بسبب الموقف الذي اتخذته حماس من الأوضاع في سورية". وتوقع المركز أن "تكون حركة حماس من المستفيدين من نجاح الملك سلمان في تحقيق مصالحة وطنية داخل مصر".

إلا أن هناك في إسرائيل، من يرى أنه ليس بإمكان أحد في تل أبيب اتهام الملك سلمان بالتطرّف، في حال اختار أن يعيد رسم السياسات الخارجية للرياض على أسس جديدة، لأن إسرائيل هي التي رفضت مبادرة السلام العربية التي طرحها الملك عبد الله عام 2002، ولم تعرها أي اهتمام.

وقال وزير القضاء السابق، يوسي بيلين، إن "السعوديين وضعوا إسرائيل في الزاوية عندما طرحوا المبادرة، ولا يمكن لأحد أن يطالب الملك سلمان بإعادة تفعيل المبادرة التي رفضتها تل أبيب". وفي مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" بتاريخ 5 فبراير/شباط الماضي، قال بيلين إن "السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل الحكومة الإسرائيلية ترى في التعاطي مع هذه المبادرة مصلحة لإسرائيل أم لا؟".

وشدد على أن "مبادرة الملك عبد الله وجهت ضربة قاصمة لخطاب اليمين الإسرائيلي، الذي ظلّ يدّعي أن الصراع تفجّر لأن العالم العربي غير معني بالاعتراف بإسرائيل". وأشار بيلين إلى أن "المبادرة أحرجت اليمين الحاكم في تل أبيب، لأنها عرضت تطبيعاً كاملاً للعلاقات بين إسرائيل والعالم العربي، مقابل الانسحاب من الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967".

اقرأ أيضاً: قضية الدبلوماسي السعودي في اليمن: قبائل خطفته من "القاعدة"

المساهمون