تحديات إدلب: النظام يعدّ للانتقام والحكومة المؤقتة للانتقال إليها

تحديات إدلب: النظام يعدّ للانتقام والحكومة المؤقتة للانتقال إليها

31 مارس 2015
أيّدت جهات إقليمية الحراك الأخير للمعارضة (زين الرفاعي/فرانس برس)
+ الخط -
ما إن خرجت قوات النظام السوري من مدينة إدلب، حتى تسرّبت معلومات تُفيد بعزمه على تدمير المدينة من خلال قصفها بصواريخ "سكود" وإلقاء البراميل المتفجرة التي تحتوي غاز الكلور السام. وتزامنت المعلومات مع إصدار الحكومة المؤقتة المعارضة، قراراً ذكرت فيه بأنها ستعمل على نقل مقراتها إلى إدلب، بالتزامن مع نشر العضو في الهيئة الشرعية لـ"جبهة النصرة"، عبد الله المحيسني، تغريدة على موقع "تويتر"، يرفض فيها دخول الائتلاف المدينة، مؤكداً أن "مهمة إدارة المدينة تعود لمن حررها فقط".

وكانت الحكومة السورية المؤقتة، أعلنت نيتها، يوم الأحد، نقل مقراتها من مدينة غازي عنتاب التركية إلى إدلب في خطوة من شأنها تكريس معطى جديد في الشمال السوري. وأكد الأمين العام لـ"الائتلاف الوطني" المعارض يحيى مكتبي، في تصريحاتٍ لـ "العربي الجديد"، أن "موضوع عمل الحكومة المؤقتة داخل الأراضي السورية قديم، ويُعتبر أولوية لدى الائتلاف".

وكشف أنه "كان هناك تشاور مع دول عدة، على رأسها تركيا، منذ نحو ثمانية أشهر، من أجل توفير الحدّ الأدنى من الحماية لمقرّات الحكومة المؤقتة في حال انتقالها إلى الداخل". وأشار إلى أن "تصريح الحكومة الأخير، حول نقل مقراتها إلى إدلب، جاء في هذا السياق". وكشف أن "الأشقاء في كل من تركيا والسعودية، يدعمون الحراك الأخير، وشكّل تحرير المدينة فرصة مواتية لعملية الانتقال".

وأوضح مكتبي، أن "هناك نقاشات تجري مع الدول الإقليمية، من أجل نقل مقرات الحكومة إلى مدينة إدلب، وهو بحاجة إلى تشاور مع مجموعة دول، تحديداً تركيا، من أجل تأكيد الأمر، كي نكون قريبين من أهلنا في الداخل وعلى تماس مباشر مع متطلباتهم اليومية"، ولم ينفِ وجود "عوائق عديدة نسعى إلى حلّها".

وعن موضوع اعتراض بعض الفصائل على دخول "الائتلاف" والحكومة إلى إدلب، خصوصاً "جبهة النصرة"، قال الأمين العام لـ"الائتلاف"، "بالنسبة لنا هذا قرار استراتيجي، وهناك اتصالات مع جميع القوى الثورية والقوى المدنية من أهلنا في إدلب، من خلال أعضاء بارزين في الائتلاف من المنطقة".

وعن علاقة قرار نقل مقرات الحكومة إلى إدلب، بإنشاء "منطقة عازلة في الشمال السوري"، أكد مكتبي، أنه "ليس هناك ارتباط مباشر بين الأمرين، إلا أن إنشاء منطقة عازلة يساعد كثيراً على تحقيق الانتقال للداخل، وهو ما كنا نطالب به منذ زمن من دون الاستجابة لنا".

وأبدى اعتقاده، بـ"احتياج الخطة بعض الوقت، لأننا نسعى بكل قوة لتأمين الحماية لمدينة إدلب، ولكن إذا استطعنا تأمين عملية الانتقال، من دون فرض منطقة حظر جوي، فسنقوم بهذه الخطوة، لأننا نريد أن تكون إدلب نموذجاً لتحرير وإدارة بقية المناطق".

اقرأ أيضاً: مصدر "العربي الجديد": إدلب ستكون مقر الحكومة السورية المعارضة

ميدانياً، تواصل المعارضة المسلّحة المتمثلة بـ"جيش الفتح" إحراز المزيد من التقدم جنوبي مدينة إدلب، بعد يومين من فرض سيطرتها بشكل كامل على المدينة. وكانت قوات المعارضة بدأت هجومها على حواجز قوات النظام السوري، على الطريق الذي يصل إدلب بمعسكر المسطومة جنوباً، عبر مهاجمة حاجز المطلق. وأكد مصدر إعلامي في "جيش الفتح"، لـ "العربي الجديد"، أن "قوات المعارضة تمكنت من السيطرة، أمس الإثنين، على كل من حاجز دوار المطلق على مدخل المدينة الجنوبي، وعلى حواجز المعصرة وغسان عبود ودريم لاند والقبب، لتصبح على مقربة كيلومتر واحد من معسكر المسطومة، حيث يتمركز حاجز بركات التابع لقوات النظام".


وكبّدت قوات المعارضة، قوات النظام خسائر بشرية ومادية كبيرة، في هجومها، وبثّ المكتب الإعلامي التابع لـ "جبهة النصرة" مقطعاً مصوّراً يظهر عدداً من السيارات المدمّرة التابعة لقوات النظام، والتي خسرتها أثناء المعارك الأخيرة جنوب إدلب.

وبالتزامن مع تقدّم المعارضة، كشف مصدر عسكري رفيع في قيادة "الجيش الحر" عن نية النظام استهداف المدينة بصواريخ "سكود" والبراميل المحملة بغاز الكلور. وألقت طائرة مروحية برميلين متفجرين على بلدة الهبيط في ريف إدلب، كما استهدفت طائرة حربية مبنى سكنيا في المدينة، وآخر في مدينة بنّش القريبة.

وكانت "ألوية الفرقان" التابعة لـ "تجمّع أنصار الشام"، قد أعلنت في بيان لها أمس، عن تشكيل غرفة عمليات عسكرية موحّدة في ريف جسر الشغور الجنوبي، على طريق إدلب ـ اللاذقية، بهدف تنسيق العمل العسكري لمهاجمة قوات النظام التي تتمركز في المنطقة.

ويبدو أن موضوع السيطرة على إدلب، قد اتخذ أبعاداً إقليمية، بعد التطور الأخير في مواقف السعودية وقطر وتركيا، والمواقف المتقدمة للدول العربية تجاه المد الإيراني في المنطقة، وتشكيل "عاصفة الحزم" لوقف تمدد جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، المدعوم من إيران في اليمن.

كما شهد الموقف التركي تطوراً بارزاً تجلّى باجتماع رئيس الحكومة التركية، أحمد داود أوغلو، مع "الائتلاف" والحكومة المؤقتة السوريين، وإعلانه أن "تركيا عازمة على وضع حد للتدخل الإيراني في سورية، وأنها لن تتخلى عنهم حتى لو تخلت كل دول العالم عنهم".

وترجم ذلك ميدانياً بتقدم كبير للمعارضة في إدلب، ما كان ليحصل لولا الدعم اللوجستي الذي حصلت عليه عبر تركيا، خصوصاً الأقنعة الواقية من الضربات الكيماوية، الأمر الذي يؤشر إلى أن الموقف التركي ذاهب باتجاه الضغط لتطبيق خطته، في إنشاء "منطقة عازلة" في شمال سورية.

وتبدو الفرصة مناسبة الآن للأتراك من أجل الضغط على الأميركيين وعلى حلف الأطلسي من أجل تأمين غطاء دولي، لتطبيق خطة "المنطقة الآمنة" التي طرحتها تركيا وتقف الدول الغربية عائقاً أمام تطبيقها. وتُشكّل سيطرة المعارضة على إدلب في الشمال، وتقدّمها على أربع جبهات أخرى، غوطة دمشق الغربية والقلمون في ريف دمشق الشمالي، والزبداني في ريف دمشق الغربي، ودرعا، ورقة ضغط ميدانية بيد الأتراك من أجل إقامة "المنطقة الآمنة".

وفي أسوأ الاحتمالات، قد تسعى تركيا لتنفيذ هذه المنطقة بشكل منفرد، في حال النجاح في استدراج النظام للقيام بأعمال انتقامية في إدلب، والحصول على تأييد سعودي قطري، وبالتالي فرض الموضوع على الأميركيين كأمر واقع، ربما لا تعارضه الولايات المتحدة في حال تمكن "الائتلاف" من التوصل لتسوية مع "جبهة النصرة" وتحييدها في إدلب.

اقرأ أيضاً: هواجس إدارة إدلب: سيناريو الرقة هل يتكرر؟

المساهمون