إسرائيل تسلّم بالاتفاق النووي مع إيران

إسرائيل تسلّم بالاتفاق النووي مع إيران

30 مارس 2015
إسرائيل تجتهد للتأثير على الاتفاق النهائي (سبنسر بلات/Getty)
+ الخط -
ذهبت كل محاولات رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لعرقلة التوصل إلى اتفاق بين إيران والدول الست، أدراج الرياح، وفشل في الاتصال الأخير، الذي أجراه نهاية الأسبوع، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في تسويق خط الدعاية الإسرائيلية بأن عدم الاتفاق خير من الاتفاق السيئ.


اقرأ أيضاً (جدل حول تجسس إسرائيل على مفاوضات النووي)

وكشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، في عددها الصادر أمس، أن إسرائيل تسلّم عملياً بأن الاتفاق مع إيران حقيقة ناجزة. وقالت إن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى احتمال التوصل إلى الاتفاق يوم الأحد أو الإثنين (أمس واليوم)، وإن كانت تل أبيب تعمل "على مدار الساعة" للتأثير على مسودة الاتفاق النهائية، التي تعتبرها تل أبيب سيئة وخطيرة.

ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي قوله إنه "ليس واضحاً لنا ما إذا كان سيتم التوقيع على اتفاق ذي معنى أم أن الحديث بمثابة عرض إعلامي، فنحن نرى أنه لم يتم بعد البدء في إنهاء قضايا معينة. وقد نشهد التوصل إلى اتفاق إطار عام لخدمة الأغراض الدعائية، ولمنح الأميركيين وقتاً إضافياً لمواصلة المفاوضات".


وبحسب الصحيفة، فإن إسرائيل تعتبر الاتفاق المتوقع مليئاً بالثقوب؛ فهو لا يقضي على قدرات إيران النووية، وإنما يمكنها من تطوير هذه القدرات ويمنحها شرعية دولية. وقالت المصادر نفسها إن هذا ما دفع نتنياهو إلى أن يجري اتصالين مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال نهاية الأسبوع الماضي، إلى جانب توجيه وزير الشؤون الاستخباراتية، يوفال شطاينتس، لشنّ حرب إعلامية في الصحف الأجنبية.

ونقلت "يديعوت أحرونوت" عن شطاينتس قوله في مقابلات صحافية إن "اتفاق الإطار المرتقب بين إيران والدول الست، هو اتفاق إشكالي ومليء بالثغرات، ونحن لا زلنا نأمل بأن يطبق المبدأ الذي أعلنه الرئيس (الأميركي باراك) أوباما بأنه يفضل الامتناع عن توقيع اتفاق من التوقيع على اتفاق سيئ".

وفي السياق، كشف المحلل العسكري في الصحيفة، أليكس فيشمان، أنه على ضوء هذه التطورات، لم يكن غريباً أن تكون تعليمات وتوجيهات وزير الأمن الإسرائيلي، موشيه يعالون، ورئيس أركان الجيش، الجنرال جادي أيزنكوت، لأجهزة الأمن الإسرائيلية والجيش، بالاستعداد لمواجهة وضعٍ تدخل فيه إيران رسمياً إلى المجال الذي يتيح لها أن تكون دولة حافة نووية متحررة من كافة قيود وسلاسل العقوبات الاقتصادية. وبيّن فيشمان أن إيران ستواصل، بعد رفع كل العقوبات والقيود عنها، نشاطها في الشرق الأوسط من دون أية عراقيل.

ووفقاً لفيشمان، فإن توقيع الاتفاق بين إيران والدول الست يترك تداعيات كبيرة على ميزانيات الأمن وتفاصيل ومضامين خطة العمل الخمسية لجيش الاحتلال، التي ينتظر إنهاء إعدادها والمصادقة عليها في يونيو/حزيران المقبل. بمعنى آخر، سيكون على الجيش وأجهزة الأمن تعزيز القدرات الاستخباراتية والعملياتية، تمهيداً لاحتمال اتخاذ قرار إسرائيلي بوقف التهديد الإيراني في كل لحظة ممكنة.

ورأى فيشمان أنه حتى لو أبقى الاتفاق المرتقب على القيود التي تمنع بيع أي من المركبات اللازمة لمشروع الذرة الإيراني، وواصل منع إيران من تصدير السلاح، "فإننا عملياً أمام نكتة حزينة على حسابنا: إذ إن المتمردين اليوم يحاربون القوات الموالية للولايات المتحدة، كالقوات السعودية والمصرية والأردنية ودول الخليج، بسلاح وعتاد إيران وبالتنسيق مع طهران"، في إشارة إلى جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) في اليمن.

ووجد فيشمان مناسبة اقتراب التوقيع على الاتفاق مع إيران، فرصة لتكرار الدعاية الإسرائيلية بأن سياسة إدارة أوباما الفاشلة في الشرق الأوسط تبين حجم انقطاع الإدارة الأميركية عن الواقع السائد في المنطقة، مدللاً على ذلك بقوله إن الإيرانيين لم يلتزموا يومياً بقرارات مجلس الأمن الدولي بعدم تزويد المتمردين بالسلاح في اليمن ولبنان وسورية والعراق، وهذه قائمة جزئية من الموقع والأماكن التي تنشط فيها إيران لضرب المصالح الأميركية، على حدّ تعبيره.

وأعاد فيشمان إلى الأذهان التصريحات التي أطلقها نتنياهو، وبشكل أكثر فظاظة تلك التي أطلقها وزير الأمن الإسرائيلي، موشيه يعالون، على مدار العام الماضي، عندما زعم أن إدارة أوباما تترك حلفاءها في المنطقة وتدير لهم ظهرها، فيما تسعى إسرائيل إلى بناء جسور تقوم على المصالح المشتركة مع عدد من "الدول العربية المعتدلة" لمواجهة المد الشيعي الإيراني.
وسبق لوزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أن أطلق تصريحات مشابهة، وتناقلت الصحف الإسرائيلية، على مدار العام الماضي، أخبارا عن نشاط مكثف لليبرمان لبناء محور مع الدول الخليجية تحت بند مواجهة المد الشيعي الإيراني ومحاربة الإسلام السني المتطرف.

المساهمون