واشنطن لطهران: انحنوا للعاصفة

واشنطن لطهران: انحنوا للعاصفة

29 مارس 2015
أيّدت واشنطن العملية العسكرية (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
علمت "العربي الجديد"، من محلل سياسي أميركي على صلة بصنّاع القرار في الحزبين الديمقراطي والجمهوري على حدّ سواء، بأن "إدارة الرئيس باراك أوباما، طلبت من إيران أن تنحني لعاصفة الحزم حتى تهدأ، أو على الأقلّ إلى أن يتم التوصل إلى توافق مبدئي على الخطوط العريضة بشأن مشروعها النووي".

ويأتي الموقف الجديد، في وقت أفصحت فيه واشنطن أنها لا ترغب بحرب طويلة في اليمن، مبدية مخاوفها من تأثير الحرب على استقرار المنطقة، مع تأكيدها في الوقت عينه أن الوقوف مع السعودية خيار لا بديل عنه.
وأعرب المحلل السياسي الأميركي المتخصص بشؤون الجزيرة العربية، فيرناندو كارباخال، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، عن اعتقاده بأن "الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، وضعت إدارة أوباما في مأزق حقيقي، وأدت إلى نشوب مخاوف من انفجار المنطقة بحروب طائفية شاملة بين الشيعة والسنّة، لا يُمكن التحكم في مسارها، ولا التنبّؤ بمدى خطورتها على الأمن العالمي".

وأشار الباحث الأميركي، الذي عاد من السعودية إلى مقر إقامته في ولاية كاليفورنيا قبل بدء عمليات "عاصفة الحزم"، إلى أن "المباحثات التي أجراها وزير الخارجية الأميركي جون كيري في سويسرا، مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، تطرّقت إلى كل ما يُمكن أن يؤثر على الاتفاق، الذي يأمل البيت الأبيض أن يتم التوصل إليه مع إيران بشأن برنامجها النووي". وأقرّ كارباخال بأن "العملية جاءت في وقتٍ حرجٍ للغاية بالنسبة لإدارة أوباما، وعلّق عليها ظريف بأسلوب دبلوماسي ليّن خالٍ من التصعيد".

ويرى كارباخال أن "تزامن القرار السعودي العسكري مع المرحلة الحاسمة التي وصلت إليها المفاوضات الإيرانية الغربية في شأن المشروع النووي الإيراني، لم يكن مصادفة، بل استشعاراً من السعودية لخطر التقارب الإيراني الأميركي على نفوذها الإقليمي، وما يُمكن أن ينجم عن هذا التقارب من تأثير سلبي على المصالح الخليجية في المدى البعيد".

وحول حقيقة الدعم الأميركي للسعودية في حربها على جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) في اليمن، أعرب المحلل الأميركي عن اعتقاده بأن "الدعم حقيقي ومؤثر جداً في موازين القوى". لكنه استدرك بأن "هذا الدعم يتمّ بحكم الأمر الواقع، لأن القيادة السعودية بقرارها خوض المعركة لم تترك لإدارة أوباما أي خيار آخر غير الإعلان عن دعمها للسعودية". وأشار إلى أنه "لم يكن هناك أي مناص أمام البيت الأبيض سوى القبول بالقرار السعودي والوقوف إلى جانب الرياض كحليف استراتيجي لا يُمكن التخلّي عنه مهما كانت الظروف".

اقرأ أيضاً: محدودية المشاركة المصرية في اليمن: طيف عبد الناصر حاضر

ورداً على سؤالٍ عن مدى اعتقاده بوجود تنسيق بين خصوم أوباما المحليين والدوليين في تحركاتهم، لمنع اتفاق مع إيران يخشون من خطورته، قال الباحث الأميركي: "هناك تنسيق بين حكومة (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو وقيادات الحزب الجمهوري، المعارضة للاتفاق مع إيران في أميركا".

وذكر بأن "هناك في السعودية من تربطه أيضاً علاقات قوية مع الحزب الجمهوري، كما أن هناك أجنحة مؤثرة في الحكم فقدت الثقة في إدارة أوباما، مثلما فقدت منذ زمن طويل ثقتها في القيادة الإيرانية، وبالتالي فإن السعودية قررت أن تتحكم في زمام أمنها بنفسها".

وفي السياق، ذكر سفير السعودية لدى واشنطن، عادل الجبير، مساء الجمعة، في مقابلة مع قناة "سي أن أن" الأميركية، أن "السعودية يُمكن أن تعمل كل ما يمكنها أن تعمله، من أجل هدفين اثنين: العقيدة والأمن". وحاولت المحطة بإصرار، جرّ السفير السعودي إلى القول بأن بلاده "يُمكن أن تلجأ لامتلاك السلاح النووي لحماية نفسها من إيران النووية".

وعلى الرغم تكرار المناورة لتأويل الجبير بما لم يكن بادياً أنه يريد أن يتطرق إليه، فقد قال بحزمٍ إن "موضوع امتلاك بلاده للسلاح النووي ليس من القضايا القابلة للنقاش أمام الملأ". ولكن بعد تكرار السؤال أكثر من مرة، قال: "سنعمل كل ما في وسعنا لحماية أمننا وعقيدتنا"، فاعتمدت القناة على هذه الإجابة، للخروج بعنوان رئيسي مضمونه: "سفير السعودية لا يستبعد سعي بلاده لامتلاك السلاح النووي".

ويؤشر تطرق الإعلام الأميركي إلى موضوع السباق الإقليمي النووي المحتمل بين السعودية وإيران في مثل هذا الوقت، إلى مدى ارتفاع مستوى الخطر الذي يستشعره الأميركيون ممّا يجري حالياً في المنطقة، واعتبارهم بأن الحملة العسكرية الدائرة حالياً في اليمن، هي صراع نفوذ بين إيران والسعودية، قد يمتد ليتحوّل إلى حرب طائفية شاملة، تتطلّب تفكير طرف بالحصول على قدرات نووية لحماية نفسه من أسلحة الطرف الآخر.
لكن كارباخال، ورغم إقراره بخطورة التصعيد، يرى أن "الحملة العسكرية السعودية على مواقع الحوثيين في اليمن قد حققت أهدافها في كبح جماح الجماعة للسيطرة الكاملة على عدن، والتوسّع باتجاه مناطق عملت السعودية على تحصينها، وبالتالي فإن الرياض قد خلقت نوعاً من التوازن بين القوى السياسية اليمنية".

في هذه الأثناء، دعا بيان للبيت الأبيض، عقب لقاء مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس مع وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، إلى استئناف التفاوض، معتبراً أن "الحوار هو أفضل سيناريو لحلّ الأزمة في اليمن". وذكر البيان أن "رايس وهاموند، اتفقا على أنه لا يوجد حلّ عسكري للأزمة اليمنية، بل إن ذلك سيؤدي إلى مزيد من المعاناة وعدم استقرار المنطقة".

ويتفق كارباخال مع الرأي الرسمي للبيت الأبيض، لكنه غير متفائل بأن تنتهي "عاصفة الحزم" بحوارٍ يعيد الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى صنعاء، مرجّحاً أن "تقبل السعودية بانتخاب مرشح جديد للرئاسة اليمنية، تُجمع عليه كافة القوى السياسية". وأضاف أن "هذا الأمر هو أهم نقطة سيتم بحثها أثناء الحوار اليمني ـ اليمني، المُنتظر أن تمهّد العمليات العسكرية لاستئنافه، ما لم تتصاعد الأمور وتؤول إلى الانفجار الطائفي العظيم".

وفي السياق، أعرب كارباخال عن قناعته بأن "سلطنة عمان هي المكان الأنسب الذي يُمكن أن يقبل به الحوثيون لاستئناف الحوار مع بقية القوى السياسية اليمنية، نظراً لأنها الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تشارك في عاصفة الحزم ضدهم".

واستبعد كارباخال، الذي أقام في اليمن منذ بداية الربيع العربي في 2011 حتى أواخر العام الماضي، من أجل متابعة التطورات السياسية فيه، أن يقبل الحوثيون أو حزب "المؤتمر الشعبي العام"، بقيادة الرئيس السابق علي عبد الله صالح، بإرسال ممثلين عنهما للمغرب، وفقاً لاقتراح المبعوث الدولي جمال بنعمر.

وأشار إلى أن "المعلومات المتوفرة لديه، تشير إلى أن صالح يفضّل الإمارات مكاناً للحوار، على الرغم من مشاركتها في الحملة العسكرية ضد صالح وضد الحوثيين، ذلك لأن نجله أحمد، هو السفير اليمني المُعتمد في أبو ظبي. ونفى كارباخال أن يكون قد وصل إلى علمه من مصادره اليمنية، ما يشير إلى أن "الحوثيين يُفضّلون سلطنة عمان"، لكنه قال إن "السلطنة تملك قنوات اتصال جيدة مع إيران"، وأنه من خلال متابعة سياساتها، لم يلحظ أي مواقف معادية للحوثي، أو لأي طرف سياسي يمني، فضلاً عن كونها دولة خليجية يهمها استقرار اليمن وأمنه.

أما ما يتعلق بالمغرب، فيرى الباحث الأميركي أن "المانع الذي يمكن أن يتذرّع به الحوثيون أو غيرهم، هو عدم رغبتهم في الذهاب إلى أي دولة من الدول العشر المشاركة في الحملة العسكرية عليهم، ولن يكون بالإمكان إلزامهم على الحضور إلى أي من تلك الدول، حتى لو كانت مشاركتها رمزية".

وكان القيادي في "التجمّع اليمني للإصلاح"، محمد قحطان، قد أعلن أن "بنعمر اقترح نقل مؤتمر الحوار إلى المغرب، مع التوقيع على الاتفاق في العاصمة السعودية الرياض، نظراً لأنها مقر المبادرة الخليجية والأمانة العامة لمجلس التعاون". وأشار قحطان إلى أن "معظم القوى السياسية اليمنية وافقت على ما طرحه بنعمر، لكنها لا تزال تنتظر ردّ الحوثيين الذين التقى ممثليهم بمعزل عن بقية الأحزاب السياسية".

اقرأ أيضاً: صحف بريطانيا: "حرب الوكالة" في اليمن تهدّد المفاوضات النوويّة

المساهمون