النظام السوري يحارب بـ"جيش عشائر"... لا يمثل العشائر

النظام السوري يحارب بـ"جيش عشائر"... لا يمثل العشائر

10 فبراير 2015
حرب دير الزور تتسع (أحمد عبود/فرانس برس)
+ الخط -
بعد المجزرة التي ارتكبها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بحق عشيرة الشعيطات، من أبناء محافظة دير الزور في الشرق السوري، في أغسطس/آب الماضي، وراح ضحيتها حوالي 800 شخص، في ظروفٍ لا تزال مجهولة حتى الآن، تم الإعلان وبطريقة غامضة وسريعة، عن تشكيل فصيل جديد يُطلق على نفسه اسم "جيش العشائر"، وينادي بالثأر لضحايا عشيرة الشعيطات من "داعش".

يصل عديد "جيش العشائر" إلى الألف عنصر، انضموا إليه من مختلف العشائر في دير الزور، والجزء الأكبر منه ينتمي إلى عشيرة الشعيطات. لم يتأخر الجيش الجديد، حتى أعلن انضمامه لقوات النظام السوري، ليتوزع مسلّحوه في ريف دير الزور، وتحديداً على جبهات المطار العسكري المُحاصر من "داعش".

ويدّعي قيادات "جيش العشائر"، أن "المبرر الأول للانضمام إلى قوات النظام، يأتي من كوننا عشيرة، ظلمها تنظيم الدولة ولم يناصرها أحد من عشائر المنطقة، فلم يبقَ لنا الخيار إلا العودة إلى الجيش النظامي لمحاربة التنظيم".

في المقابل، ترفض مجموعة من ضباط "الجيش الحر" من أبناء محافظة دير الزور، ومعهم وجهاء من العشائر وتحديداً عشيرة الشعيطات، مبرر "جيش العشائر"، ويعتبرون أن "هذا الفصيل بالذات هو المسؤول عن المجازر التي ارتكبت بحق أبناء العشيرة"، وأنه "أداة جديدة يستخدمها (الرئيس السوري بشار) الأسد مستغلاً مظلومية أبناء الشعيطات".

ويوضح أحد الضباط من أبناء الشعيطات، رفض الكشف عن اسمه، في تصريحات لـ "العربي الجديد" أن "المجزرة لم تكن لتتم لولا بعض الأشخاص من الشعيطات، الذين أصرّوا على قتال التنظيم، في الوقت الذي انسحبت فيه الفصائل المسلحة التابعة للعشيرة خارج المحافظة، نتيجة عدم قدرتها على الثبات في وجه التنظيم وحفاظاً منها على سلامة المدنيين".

وتابع "ولكن الفرق أن هؤلاء الأفراد بالذات، لم يقاتلوا بدافع وطني أو ديني أو حتى عشائري، وإنما قاتلوا دفاعاً عن آبار النفط الموجودة في مناطقهم، فقاموا بتوريط المدنيين من أبناء الشعيطات بتلك المجزرة، التي ارتكبها داعش، وهم أنفسهم قادة هذا التشكيل الجديد".

ويضيف "هؤلاء الأفراد معروفون بالأسماء في كل محافظة دير الزور، ومشهورون بتاريخهم السيئ، وقليلون يعلمون أن هؤلاء هم أصحاب مجازر جماعية بحق تجار نفط من إدلب وحلب، كانوا يشترون النفط من دير الزور قبل دخول التنظيم، وتم دفن العشرات منهم في مقابر جماعية في بادية دير الزور، وفي مواقع معروفة، على يد أولئك المجرمين الذين كانوا يعملون في السرقة والنهب".

كما يؤكد أن "معسكرات التشكيل متواجدة في محافظة تدمر تحت إشراف ضباط من الجيش السوري، وأن لهم منسّقاً يقيم في دمشق لتنسيق عمليات توريد الأسلحة والتجنيد تحت مسمى منسق عشائر، وهو عبد الحي تراك النومان، وشخص آخر خرج مع وفد النظام إلى منتدى موسكو كممثل عن العشائر، وهو حميدة الحسن الغانم. فضلاً عن شخص يقيم في دمشق يدّعي أنه شيخ عشيرة الشعيطات وهو ابراهيم دهوم الداير، وبعض القادة الميدانيين ممن يعتمدون عليهم بشكل مباشر على الأرض".

من جهته، يوضح قائد المنطقة الشرقية في "الجيش الحر"، المقدم محمد العبود، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن "الأسماء المتواجدة في دمشق ويعتمد عليها النظام في إدارة هذا التشكيل، لا تمثل إلا نفسها، فقد التقيت ببعض وجهاء الشعيطات منذ فترة قريبة وممن قاتلوا داعش، والآن هم مهجرون لهذا السبب، وفقدوا من أبنائهم وأخوتهم وبعض أقاربهم. وقد أكدوا التزامهم بمبادئ الثورة السورية واستنكروا ألاعيب النظام تلك، وما زالوا يؤكدون أن قتال عصابات الأسد أولوية، إذ إن داعش ما كانت لتكون لولا الأسد".

ويضيف العبود أن "ما يسمى جيش العشائر، كذبة كبيرة وفقاعة إعلامية، إذ إن عددهم ﻻ يتجاوز المئات من لصوص النفط وقطاع الطرق، الذين لم يجدوا مكاناً لهم بين شرفاء العشائر عامة، والشعيطات خاصة، فهم مطلوبون للجيش الحرّ قبل أن تطلبهم داعش، ولكنهم انتهزوا الفرصة للنجاة بأفعالهم".

ويبدو أن سياسة النظام في إنشاء تلك التشكيلات العسكرية، في هذا الوقت بالذات، تهدف إلى تحويل الصراع لمرحلة جديدة أشبه بالحرب الأهلية بين أبناء المحافظة الواحدة، بعيداً عن جيشه. ويعتمد النظام على المليشيات كمشاة في الصف الأول بالقتال، حسب ما أكده بعض القادة الميدانيين في دير الزور لـ "العربي الجديد".

ويظهر أن تلك السياسة لا تقتصر على محافظة دير الزور، وإنما هي منهجية عامة، بدأ النظام يعتمد عليها منذ حوالي العام تقريباً. إذ سعى لتشكيل مليشيات من أبناء المناطق الثائرة، معتمداً على من أيّده منها في سبيل ضربهم ببعض. فقد تزامن تشكيل "جيش العشائر" مع إنشاء "جيش الوفاء" من أبناء الغوطة الشرقية، بنفس الأسلوب ولنفس الهدف.

ويسعى النظام من خلالهم، ليس فقط إلى ضرب قوات المعارضة، وإنما لاستخدامهم كوسيط، لتجنيد ما تبقّى من أبناء المناطق، وتنفيذ عمليات اغتيال لقادة المعارضة ضمن مناطقهم. وتؤكد مصادر من معسكرات "أسود الشرقية"، التي تشكلت في إدلب من بعض فصائل "الجيش الحر"، بعد انسحابها من دير الزور، إثر سيطرة تنظيم "الدولة"، أن "قيادات من جيش العشائر حاولت التواصل مع كتائب أسود الشرقية في إدلب، ومن ثم حاولت تنفيذ عمليات اغتيال في صفوفهم".

ويوضح قائد المنطقة الشرقية أن "التواصل قد تمّ، إذ عرضوا على بعض العناصر من أسود الشرقية تسوية أوضاعهم لدى الأسد، ولكن المحاولات باءت بالفشل. لا أعتقد بأن الأسد ومن خلفه سيفلحون بالدفع إلى حرب أهلية بين أبناء المنطقة الواحدة، لأنهم يعرفون حجمهم بين أقاربهم، والعشائر تعرف حجمهم جيداً، ولن يساووا الليرات التي دفعت لتدريبهم وإعدادهم".

المساهمون