من بوتين إلى السيسي

من بوتين إلى السيسي

14 فبراير 2015
العدو المشترك بين موسكو والقاهرة واضحٌ وليس هو إسرائيل(getty)
+ الخط -
بندقية الكلاشينكوف التي قدمها بوتين هدية للسيسي، هدية "رجالية" بامتياز. ومع ذلك، كان يمكن أن يهديه بندقية صيد من تلك التي تشتهر بصناعتها روسيا. أم أن الرئيس الروسي يرى الكلاشينكوف أيضاً بندقية صيد؟ فإذن، يصبح الخلاف على من يكون الطريدة، أم لا خلاف على ذلك أيضاً؟ فالعدو المشترك بين موسكو والقاهرة واضحٌ للعيان، وليس هو إسرائيل على أية حال.

الإسلاميون، جاهزون للتصنيع وفق متطلبات السوق. سوق الدكتاتوريات والنفط والسلاح وما تشاء، في صورة براغماتيين، حيناً، ومعتدلين حيناً آخر، وإرهابيين عند اللزوم. للأسف لا تدرك الأداة أنها أداة، بل هي لا تدرك ذاتها، والأداة لا شخصية لها. فكما لا تدرك سكين الذبح ما تفعل بوصفها أداة فإن الذابح لا يدرك بوصفه أداة أيضاً هول فعلته وأبعادها الإنسانية والاجتماعية والسياسية.

ولمن يذكّرني بأن الناس يستخدمون السلاح للدفاع عن النفس كي لا أوغل في تأويل دلالات الهدية، أقول بأن بندقية الصيد أيضاً تستخدم للدفاع عن النفس، ولكن في الأرياف حيث الشمس وروائح العشب والأرض بعد المطر، بدلاً عن المسدس في المدن، حيث روائح عوادم السيارات. النفط، لا يحب بنادق الصيد، بل يحتاج إلى ما هو أقوى منها وأشد فتكاً. حسن نصر الله، أهدى ذات يوم البندقية التي غنمتها المقاومة لرستم غزالي، ورأينا إلى أين توجهت بندقية دمشق المقاومة بالمعنى المباشر وليس الرمزي. فهل ستكون لبندقية السيسي وظائف أخرى سوى قتل أبناء البلد؟ هم (إرهابيون)، ويكفي أن يصيّرك أحد ما أو أحداث ما (إرهابياً) حتى تصبح قابلاً للقتل، بل يصبح قتلك فعلاً وطنياً تمجّده الأناشيد.

أن تصبح إرهابياً يكفي أن (ترتدي) لحية في ظرف ما، أو تكفر بالأرض وتلجأ إلى السماء من جور ملوك الأرض وعصاباتهم وحراس مصالحهم. ولا أحد يحارب الظُلّام. فليس لذلك قيمة مقارنة بمحاربة الإرهاب الطنانة الرنانة المطلوبة كمانشيتات في الصحف وعلى الشاشات. أمّا من يُصّير بسطاءَ الناس محبّي الحياة إرهابيين، فموضوعُ البحث فيه ممل ولا يصلح لجذب القرّاء والدخول في مسابقات الموضوعات الأكثر متابعة.