ليبيا: أنصار "عملية الكرامة" يغزون الجيش

ليبيا: أنصار "عملية الكرامة" يغزون الجيش

11 فبراير 2015
بدأت عملية التوحيد مطلع العام الحالي (محمود تركيا/فرانس برس)
+ الخط -
لم تؤدِّ "عملية الكرامة" التي أطلقها اللواء خليفة حفتر في مايو/أيار الماضي، إلى "توحيد الصفوف"، بقدر ما شتتت قوى المعسكر الواحد. لكن الأمور بدأت تتخذ منحى آخر، توحيديا هذه المرة، في ظلّ مؤشرات عدة أخذت تبرز. وكانت العملية، التي أطلقها حفتر في مدينة بنغازي، من أجل "القضاء على تشكيلات مسلّحة، بمن فيها تنظيم أنصار الشريعة، وكتائب أخرى"، كشفت الإشكالات الداخلية بعد رفض رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي التابع لحكومة عبدالله الثني، وعلى لسان رئيسها اللواء عبد السلام جاد الله العبيدي، العملية.

وبعد خمسة أشهر من انطلاق العملية، وتحديداً في 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن المتحدث باسم مجلس النواب المنحلّ فرج هاشم، تبنّي النواب "عملية الكرامة"، مؤكداً "مشاركة جميع ضباط وجنود الجيش الليبي التابع للثني". وشدّد أن "عملية الكرامة هي عملية للجيش الليبي".

وفي مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، وقّع رئيس مجلس النواب الليبي المنحلّ، قراراً باعتباره "قائداً أعلى للقوات المسلّحة"، أعاد بموجبه 129 ضابطاً إلى صفوف الجيش، من بينهم حفتر، وقائد ركن القوات الجوية السابق العميد صقر الجروشي، وذلك في محاولة للتصدي لانتقادات معارضي حفتر حول "عدم انتمائه للمؤسسة العسكرية".

وكان الثني قد مهّد لقرار مجلس النواب المنحلّ، بتأكيده في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز عربية"، في 15 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن "قوات الجيش مدعومة بمنتفضين مسلّحين، سيطرت على مدينة بنغازي". مبدياً ترحيبه بأي مجموعات مسلَحة ترغب في القتال إلى جانبهم. مع العلم بأن قوات حفتر اعتمدت في تشكيلاتها على مدنيين مؤيدين لـ "عملية الكرامة"، كما أن حكومة الثني، دعت بعد انتقالها إلى مدينة البيضاء شرق بنغازي، المدنيين إلى المشاركة في تظاهرات مسلّحة ضد من وصفتهم بـ "الإرهابيين" في بنغازي، وذلك في بيانها الصادر في 15 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وبعد بيان الثني، تداعت مجموعات مدنية إلى تظاهرة مسلّحة تحت شعار "انتفاضة بنغازي المسلّحة"، وظهر دور بارز للمدنيين المقاتلين إلى جانب حفتر، ممّن اصطلح على تسميتهم بـ "الصحوات". تحرّكت "الصحوات" أو "الانتفاضة المسلحة" في بنغازي، وأغلقت مداخل بعض أحياء المدينة بسواتر ترابية، وأحرق المسلّحون الإطارات، وبدأوا يستهدفون عائلات كل من يشكّ في انتمائه إلى "مجلس شورى ثوار بنغازي"، كعائلة الصويد والكرشيني واكريم، ذوي الأصول المصراتية.

وعلى الرغم من مباركة مجلس النواب الليبي المنحلّ لهذه الانتفاضة على لسان هاشم، الذي قال إن "ما يجري من معارك في مدينة بنغازي هو نتيجة طبيعية للأوضاع الأمنية المتردية التي تشهدها المدينة منذ مدة". إلا أنه نفى أي تنسيق بين مجلس النواب المنحل والمسلّحين.

وكشفت مصادر إعلامية أن "بعض أفراد الصحوات تلقوا تدريبات جرت وفقاً لطلب كان قد قدمه رئيس الحكومة السابق علي زيدان، إلى مجموعة الدول الثماني في يونيو/حزيران 2013، من أجل دعم وتأسيس قوة مسلّحة تحت مسمى قوة الأغراض العامة". وباشرت الولايات المتحدة تدريب هذه القوة، على أن تتكفّل ليبيا بمصاريف تدريبها الذي بدأ في ربيع 2014 في بلغاريا، وفقاً لتقرير صادر عن لجنة الشؤون الخارجية التابعة للكونغرس.

وكانت الخلافات داخل معسكر مؤيدي "عملية الكرامة"، قد صبغتها بالصفة العسكرية، فقد قال وزير داخلية الأزمة المنبثقة عن مجلس النواب المنحل عمر السنكي، في تصريح نُشر على موقع راديو "مونتي كارلو" في السادس من فبراير/شباط الحالي، إن "الجيش الليبي (التابع للثني) هو من يقود المعارك على الأرض، وإن عملية الكرامة أدت مهمتها ولم يعد لها مكان".

وجاء كلام السنكي في وقتٍ استنكر فيه المتحدث باسم "عملية الكرامة" محمد الحجازي، في تصريحات لقناة "ليبيا أولاً" زيارة قام بها الثني إلى بنغازي، واجتماعه بقادة عسكريين، من دون الحصول على إذن مسبق، وذلك في الثاني من فبراير/شباط.

يُذكر أن العبيدي دعا عبر قناة "الوطنية"، لحظة بدء "عملية الكرامة" في مايو/أيار الماضي، إلى "التصدّي لمحاولة السيطرة على بنغازي في 17 مايو/أيار". وهو ما أكده الثني في مؤتمر صحافي عقب اجتماع لحكومته في اليوم التالي لانطلاق "عملية الكرامة"، مشيراً إلى أن "أي عمل عسكري من دون تفويض من رئاسة الأركان، مرفوض". واعتبر أن "الطائرة التي قصفت بعض معسكرات المتطرفين في بنغازي (في حينه) منشقة عن سلاح الطيران الليبي".

وتشارك في "عملية الكرامة" كتائب مسلحة أسسها حفتر، مثل "كتيبة 309 مشاة" من طبرق، والكتيبتين 164، و115 من المرج، وكتيبة "حسين الجويفي" من البيضاء، وكتيبة "مشاة البحرية"، و"21 مشاة صاعقة"، و204 دبابات، وبقايا تشكيل "كتيبة الصاعقة"، و"مديرية الأمن" من بنغازي، و"كتيبة الجوارح" من أجدابيا، وحرس المنشآت النفطية بقيادة إبراهيم الجضران الذي يشتبك مع قوات "عملية الشروق" التابعة لرئاسة الأركان العامة المنبثقة عن "المؤتمر الوطني العام" (البرلمان السابق) حول الهلال النفطي في ميناء السدرة.