مقاربة السيسي لـ"احتواء" شباب الثورة... عسكرية منسوخة من مبارك

مقاربة السيسي لـ"احتواء" شباب الثورة... عسكرية منسوخة من مبارك

08 ديسمبر 2015
الشباب في مؤتمرات السيسي تختارهم أجهزة الدولة(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
تصطدم محاولات النظام المصري الحالي لاحتواء الشباب بشكل عام، وعلى وجه الخصوص أعضاء الحركات الثورية والشبابية، بالفشل، إذ تتسع الهوة بين الشباب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي باستمرار، ولا سيما في ظل تجاهل الأخير لهم، منذ إعلانه الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية العام الماضي.

ومع وصول السيسي إلى الحكم، عقب انقلابه على الرئيس المعزول محمد مرسي، في 3 يوليو/تموز 2013، لم يتحرك السيسي في اتجاه احتواء الشباب بشكل عام. وبدلاً من اللجوء إلى اتخاذ خطوات تجاههم واتباع سياسات من شأنها التخفيف من معاناة آلاف الشباب في إيجاد فرص عمل تتناسب مع مجالات تخصصهم أو فتح المجال العام لمزيد من الحريات، اتجه السيسي إلى فرض قبضة حديدية عليهم.

اقرأ أيضاً: السيسي يفشل في احتواء الشباب قبل 25 يناير


وفي السياق، يمكن التفريق بين نمطين في تعامل السيسي مع هذه الأزمة. الأول مرتبط بتعامله مع الشباب بصفة عامة، ويتمثل في تجاهل مشكلاتهم بشكل كبير وعدم الدفع باتجاه إصلاح أوضاعهم والبدء في عملية تمكين الشباب في مختلف المجالات، ولا سيما في القطاعات الحكومية.

وعقب تزايد الحديث عن هذا الموضوع، أطلق السيسي مشروعاً وهمياً للشباب لتأهيلهم للقيادة، في برنامج أشبه بخطط الحزب الوطني المنحل، وسياسات جمال مبارك، نجل الرئيس المخلوع حسني مبارك. كما ركّز السيسي على حضور الشباب في مؤتمراته العامة، وهم في حقيقة الأمر شباب تم اختيارهم بعناية شديدة من قبل جهات في الدولة، وأغلبهم كانوا أعضاء في جمعية جيل المستقبل، التي أسسها أيضاً جمال مبارك.
أما النمط الثاني، والذي لا يمكن فصله عن الأول، يتعلق بالتعامل مع الشباب من الحركات الثورية والشبابية، الذين شاركوا في ثورة 25 يناير، وبعضهم ممن كان قد ساعد السيسي في الانقلاب على مرسي.
شنّ السيسي، عبر الأجهزة الأمنية، حملات اعتقالات لعشرات الناشطين والأعضاء في الحركات الثورية، فضلاً عن تلفيق تهم تتعلق بأحداث الثورة وما تلاها من مواجهات مع قوات الأمن. واتسمت استراتيجية السيسي في النمط الثاني، بالتجاهل التام وعدم التواصل مع الشباب أو الاعتداد بآرائهم، بحسب ما تقول مصادر خاصة مقربة من مؤسسة الرئاسة لـ"العربي الجديد".
وتشير المصادر إلى أن تعامل السيسي بهذا النهج مع الشباب الفاعلين والمؤثرين، مبعثه وجهة نظر خاصة بالقوات المسلحة ومختلف الأجهزة الأمنية، أن هؤلاء الشباب ممولون ويتبعون جهات خارجية، وغيرها من الاتهامات.
وتقول المصادر إن السيسي في تعامله مع شباب الحركات الثورية، يحمل نفس وجهة النظر، ولكنه كان جزءاً من إطلاق هذه الاتهامات والادعاءات، حينما كان رئيساً لجهاز الاستخبارات العامة، خلال حكم المجلس العسكري، عقب خلع الشعب لحسني مبارك خلال ثورة يناير.

وتلفت المصادر إلى وجود صراع داخل نظام السيسي حول الطريقة المثلى للتعامل مع الكتلة الحرجة من الشباب، أي المنضمون لكيانات وحركات ثورية، باعتبارهم الأكثر فعالية وتأثيراً. وتشير إلى أن الاتجاه الأول، الذي يسير عليه السيسي، هو اعتبار هؤلاء خونة وممولين من جهات خارجية، ومن ثم لا يمكن الاعتداد بآرائهم، كما أنهم يريدون خراب البلاد لصالح جهات أخرى. وتشدد على أن هذا الاتجاه يدفع إلى التجاهل التام لهم وطلباتهم تماماً، حتى يتلاشى تأثيرهم، حتى إذا ما تراجع دورهم بات النظام في مأمن، ولن يكونوا مؤثرين في الشباب.

ووفقاً للمصادر، فإنّ "من يدعم هذا الاتجاه مسؤولون في مؤسسة الرئاسة ومقربون لدرجة كبيرة من السيسي، وخلفياتهم عسكرية وشرطية"، من دون أن تحدد هوية هؤلاء الأشخاص.
أما الاتجاه الثاني، فيمثله بعض المقربين من دوائر اتخاذ القرار وبعض المستشارين، ويدفع بضرورة احتواء الشباب والناشطين، باعتبار أنهم قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي وقت. وتؤكد أن أصحاب هذا الاتجاه يدفعون بقوة لتعديل سياسات السيسي تجاه التعامل مع أزمات الشباب، وضرورة تخفيف القبضة الأمنية المفروضة على الناشطين السياسيين.
في هذا السياق، وجد السيسي نفسه يميل بعض الشيء إلى فكرة إجراء حوار مع شباب 25 يناير، ولكن بشروطه الخاصة، بما في ذلك عدم التطرق إلى ما يعانيه الشباب من اعتقالات ومحاكمات وبطش وقمع من وزارة الداخلية. وفشلت محاولات السيسي لاحتواء شباب ثورة يناير، ولا سيما عقب رفضهم إجراء أي حوار مع النظام الحالي. وتلفت المصادر إلى أن السيسي لا يزال قابعاً في تفكير العسكريين في التعامل مع شباب الثورة، باعتبارهم مدفوعين من الخارج ويسعون لخراب البلاد، وهو ما ظهر في تفاصيل عملية الحوار التي بدا أنه مستعد لها. وتتوقع المصادر تزايد الفجوة بين السيسي والشباب خلال الفترة المقبلة بشكل أوسع، في ظل غياب المحاسبة لضباط وزارة الداخلية الذين تورطوا في حوادث قتل وتعذيب للشباب داخل أقسام الشرطة والسجون.

اقرأ أيضاً: عن جيل إسماعيل الإسكندراني

المساهمون