المغرب: السلم الاجتماعي ورقة انتخابية بين السلطة والمعارضة

المغرب: السلم الاجتماعي ورقة انتخابية بين السلطة والمعارضة

09 ديسمبر 2015
احتجاجات ضدّ الغلاء المعيشي في المغرب (الأناضول)
+ الخط -
يُشكّل السلم الاجتماعي الدعامة التي تتعلق بها الحكومة بالمغرب، من أجل مواجهة المعارضة ممثلة في عدد من النقابات العمالية والأحزاب، كما يشكّل الحجّة التي تلجأ إليها المعارضة، بهدف تسفيه جهود الحكومة الحالية التي يقودها حزب "العدالة والتنمية" ذو التوجه الإسلامي.

وفي وقت تؤكّد فيه الجهات الحكومية بالمغرب على أنّها بادرت إلى سنّ مجموعة من القرارات والقوانين التي تهدف إلى الحفاظ على السلم الاجتماعي في البلاد، عبر الحفاظ على التوازنات الاجتماعية، تذهب المعارضة إلى القول إن الحكومة تتسبب في انفراط اللحمة الاجتماعية، وتدفع بالبلاد إلى مصير محفوف بالمخاطر.

اقرأ أيضاً: خطة لتشغيل 500 ألف شاب في المغرب

تستند الحكومة في تأكيدها على أنها جاءت لتدعم التماسك الاجتماعي في بيت المغاربة، وتعيد الشارع إلى هدوئه، عبر قرارات تصب في مصلحة الطبقات الفقيرة والمتوسطة، إذ تفتخر حكومة عبد الإله بن كيران بكونها كانت وراء إحداث صندوق للدعم المالي للنساء الأرامل، فيما يتم بحث إحداث طريقة لدعم الأسر التي يوجد فيها معوّقون.

صندوق دعم الأرامل الذي أقرّته الحكومة المغربية، والذي انطلق العمل فيه بشكل تدريجي، لتستفيد منه بضع مئات من الأسر التي تعول فيها النساء أيتامهن، لم يعرف طريقه إلى التحقق إلا بصعوبة بالغة، وبعد عدّة أشهر منذ الإعلان عنه، "بسبب عرقلة المعارضة"، بحسب ما يؤكد مصدر حكومي لـ"العربي الجديد".

واتهم المصدر نفسه بعض الجهات في المعارضة، لم يُسمّها، بأنّها لعبت دوراً كبيراً في محاولة إفشال هذا الصندوق الخاص بدعم الفقراء، خشية أن تحوّله الحكومة إلى ورقة رابحة في صالحها خلال الانتخابات التشريعية لعام 2016، مبرزاً أن تدخل جهات عليا كان حاسماً، وصب في صالح الإرادة الحكومية لإحداث هذا الصندوق.

وكان رئيس الحكومة المغربية قد أعلن في آخر جلسة شهرية في مجلس المستشارين، وهو الغرفة الثانية من البرلمان المغربي، بأنّه لا يمكن للحكومة أن تتخذ قرارات دون عرضها على من يهمهم الأمر، مشيراً إلى أن "المعارضة اشتكت مبدية تخوفها من اغتنام الحكومة لهذه الورقة"، قبل أن يؤكد أنه "لولا تدخل ملك البلاد شخصياً لما حصلت الأرامل على الدعم". 

وتقول الحكومة إنّها حافظت على السلم الاجتماعي، من خلال قراراتها ومبادراتها التي تهدف إلى تعزيز مكتسبات الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وتستدل على ذلك بانخفاض واضح، بحسبها، في عدد الاحتجاجات والإضرابات التي تنظمها الفئات الاجتماعية الغاضبة، من عاطلين وطلبة ونقابات.

اقرأ أيضاً: الفقر في دول المغرب العربي ليس قضاءً وقدراً

في المقابل، ترى الأحزاب المعارضة للحكومة، ومعها النقابات العمالية الأكثر تمثيلية ورمزية بالمغرب، أن هذه المكتسبات الاجتماعية التي تتغنى بها الحكومة ليست سوى ذرٍ للرماد في العيون، وأن كثيراً ممّا أعلنت عنه الحكومة في هذا الصدد ليس سوى تطبيق لما وصلت إليه حكومات سابقة قبل "الربيع العربي" الذي أتى بحكومة "العدالة والتنمية" بالمغرب.

ويقول الناشط اليساري المعارض، محمد خزوز، لـ"العربي الجديد"، "إن الحكومة هي من تغامر بالسلم الاجتماعي، من خلال قراراتها التي أفقرت بها الفقراء، وأغنت بها الأغنياء"، وفق تعبيره، مضيفاً أن "قرار الحكومة برفع الدعم عن بعض المواد الاستهلاكية الرئيسية، أفضى إلى ارتفاع في الأسعار والخدمات، وهو ما أدى إلى تدهور القدرة الشرائية للمغاربة".

ويشير الى أن "الحكومة لم تحسن كذلك التعاطي مع احتجاجات العديد من الفئات الحيوية داخل المجتمع، من قبيل احتجاجات الأطباء والأساتذة، والتي هدّدت السلم الاجتماعي الذي تزعم الحكومة أنها تصونه، في وقت دقيق وحساس يمر به العالم، في ظل تفاقم التهديدات الأمنية".

ويرى مراقبون أن السلم الاجتماعي بات ورقة سياسية يتمسك بها كل طرف، سواء أحزاب الغالبية الحكومية، أو أحزاب المعارضة البرلمانية، ومعها النقابات العمالية، فضلاً عن أحزاب يسارية غير ممثلة بالبرلمان، وجماعة "العدل والإحسان"، من أجل كسب "نقاط انتخابية محتملة".

وتظهر العديد من الأصوات "المحايدة" التي تحذر أطراف اللعبة السياسية بالمغرب من مغبّة الإفراط في اللعب على ورقة السلم الاجتماعي، لغايات سياسية وانتخابية صرفة، داعية طرفي الحكومة والمعارضة للجلوس إلى طاولة الحوار، من أجل التقريب من وجهات النظر المتباينة، في خضم سياق جيوسياسي وأمني ملتهب في المنطقة، وفي العالم بأسره.

المساهمون