الدنمارك: استفتاء شعبي حول التحفظات القانونية في الاتحاد الأوروبي

الدنمارك: استفتاء شعبي حول التحفظات القانونية في الاتحاد الأوروبي

03 ديسمبر 2015
مخاوف من انتقاص سيادة الدنمارك (العربي الجديد)
+ الخط -

افتُتحت صباح اليوم الخميس صناديق الاقتراع أمام الاستفتاء الشعبي الذي تجريه الدنمارك حول ما يسمى "التحفظات القانونية" في الاتحاد الأوروبي، وتنقسم الأحزاب السياسية بين "نعم" و"لا" للقبول بأن تصبح الدنمارك جزءاً من التعاون العدلي والقانوني الواسع في الاتحاد الأوروبي.

ومن المثير للانتباه، أن التقاء سياسياً واجتماعياً يجمع الرافضون من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، فهؤلاء يعتبرون أن موافقة بلادهم على السياسة القانونية الموحدة في الاتحاد الأوروبي ستعني "التخلي عن المزيد من السيادة الوطنية وفرض سياسات وقرارات من الاتحاد على الدول الوطنية".

بينما يعتبر المعسكر المؤيد من يمين الوسط والديمقراطيين وبعض يسار الوسط أنه "من الضروري للبلاد أن تصبح جزءاً من التعاون القضائي والعدلي الأوروبي، لأجل مكافحة فعالة للجريمة وتهريب البشر والتهرب الضريبي للشركات".

وأهم ما في جعبة المؤيدين لتخلص الدنمارك من تحفظاتها القانونية المعمول بها منذ عام 1993، حيث رفضه الشعب في استفتاء شعبي أيضاً أنها تعد الشعب بـ"أن تأخذ الدنمارك فقط ما في مصلحتها ولن تسير مع سياسة الهجرة واللجوء الموحدة كما تقتضي معاهدات الاتحاد الأوروبي في هذا المجال".

ويشير هؤلاء، إلى أن الدنمارك بقيت خارج التعاون القضائي لسنوات طويلة ما "ضيع عليها الكثير من القضايا التي كان يمكن متابعتها، ومنها تهرب بعض الشركات من دفع مستحقات موظفيها وضرائب تهربت منها".

بينما يخشى المعارضون أن تصبح بلادهم جزءاً من العملية "فوق الوطنية"، بقرارات من الاتحاد الأوروبي، عرضة لانتقاص سيادتها بفرض قوانين تتعلق بقضايا عدلية واقتصادية وأمنية والأهم سياسة الهجرة واللجوء.

لكن يمين ويسار الوسط يحاججون بأن التصويت بـ"نعم"، اليوم، يعني "محاربة فعالة للإرهاب والجريمة المنظمة عبر التعاون الوثيق مع الشرطة الاتحادية الأوروبية".

وفي المجال الاقتصادي، يعتبر التصويت بـ"نعم" "فرصة لملاحقة الشركات التي تعلن إفلاسها وتتهرب إلى دول أخرى، لا تستطيع الدنمارك ملاحقتها فيها بسبب أنها خارج التعاون القضائي". لكن المعارضين والراغبين بأن يصوت الشعب في الاستفتاء بـ"لا"، يرون أن الموافقة على دخول بلادهم إلى التعاون المركزي مع الاتحاد، سيجعل القضاء الأوروبي يتدخل "في الأحوال الشخصية للناس".

ويذهب اليسار إلى رفضه انضمام بلده إلى تلك الاتفاقيات بحجة أن "الأمن والاستخبارات الأوروبية سيصبح من حقها التدخل في الشؤون الخاصة للدنماركيين، عبر تعاون أشمل بين الأجهزة كما هو الحال اليوم بمطاردات عابرة للحدود وتنصت ومراقبة لا تنظر إلى الحقوق الوطنية والحدود الجغرافية".

بعض الساسة الأوروبيين وجهوا انتقادات لهذا الاستفتاء الشعبي، وذكروا الدنمارك بأن "الاتحاد الأوروبي ليس متجراً تأخذ منه ما تريد وتترك ما لا تريد".

لا أحد بين الأحزاب المعارضة والمؤيدة يرى ضرراً من التعاون مع دول الاتحاد في قضايا تزوير العملة والقرصنة وجرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال، لكن هؤلاء المعارضين يقولون إنه، يمكننا التعاون مع الدول بشكل ثنائي كما نتعاون مع النرويج التي هي خارج منظومة الاتحاد الأوروبي كلياً.

في الدنمارك، التي انضمت إلى السوق الأوروبية المشتركة عام 1973، تعتبر القرارات الكبرى والتعديلات الدستورية بحاجة إلى استفتاء شعبي، ولكن في حالة الانضمام بالموافقة الشعبية اليوم على مجموع المعاهدات المتخذة من الاتحاد يصبح البرلمان الدنماركي خارج الصورة، وبدون أن تمر عليه التعديلات أو يستفتى بها الشعب وهو ما يعني لليمين القومي واليسار سحب للصلاحيات الوطنية وانتقاص للسيادة "لمصلحة مجموعة بيروقراطيين في بروكسل".

يلعب اليمين المتشدد على وتر المشاعر القومية وسياسات الاتحاد الأوروبي بالنسبة لقضايا الهجرة واللجوء، ليدفع الشعب نحو قول "لا".

لكن مهما حملت النتائج التي ستظهر تباعاً هذه الليلة فإن دول أوروبية أخرى، كبريطانيا وألمانيا والسويد تراقب عن كثب تلك النتيجة، وذلك لاهتمامات تخص تلك الدول داخلياً، وعلى صعيد التعاون مع الدنمارك على الأقل أمنيا بالنسبة للجارتين ألمانيا والسويد.