سمير القنطار

سمير القنطار

22 ديسمبر 2015
من تشييع القنطار في ضاحية بيروت الجنوبية (حسين بيضون)
+ الخط -
أراد سمير القنطار نهاية مماثلة. لم يبحث سوى عن فلسطين، التي نريدها جميعاً، غير سائل عن الاعتقال أو الموت أو ضياع العمر، ولم يتوقف عند آثار إحباط إنساني لكثرة النكسات والضياع السياسي، ولم يسأل عن تشتّت الأولويات والصراعات. نريد فلسطين، قبل الثورات العربية وبعدها، ولن يغيّر في قضيّتها صمود طاغية شهراً إضافياً أو حرب أهلية إجبارية هنا أو هناك.

لا نقاش في ذلك طالما أنّ الدفاع عن حق العودة وإنهاء الاحتلال ووضع حدّ للإهانة العربية اليومية المستمرة منذ ستين عاما، عناوين رئيسية ثابتة لا خروج عنها. للأسف، بات سمير القنطار موضوعاً للنقاش، بما يمثّله من رمز لمقاومة إسرائيل. ومن يتحمّل مسؤولية النقاش حول القنطار هي "المقاومة" نفسها وكل من يصنّف، أو يفرض نفسه على العرب والعالم، في هذه الخانة. شهيد؟ قتيل؟ قاتل؟ مشارك في القتل؟ لم يكن مقدراً لسجال مماثل أن ينشأ لو أنّ الجهات التي تدّعي المقاومة كانت فعلاً حريصة على الحرية والتحرر، ومبدئهما وأخلاقيّتهما.

لم يعد بمقدور أناس، قتلتهم هذه "المقاومة" وهجرّتهم من أراضيهم، أن يرووا أبعد من معاناتهم الفردية وفق منطق الشرف والكرامة العربيّين أو حتى الشعور الإنساني العام الموجود لدى أي مواطن في أي بلد كان. يتحمّل حزب الله مسؤولية هذا السجال. طرف احتكر الفكر المقاوم وألغى ألوان مقاومة إسرائيل وأطيافها، وأصبح جزءاً من آلة إبادة الشعب السوري أيضاً، مسؤول عن تبعات أي نقاش حالي أو مستقبلي مشابه.

لا وقت للدخول في النكتة السمجة القائلة إنّ "طريق القدس تمرّ من القصير وحلب والزبداني ودمشق"، على اعتبار أنّ القدس طريقها معروفة، والساعين إلى مهادنة إسرائيل معروفون أيضاً وفي طليعتهم نظام البعث في سورية. قد يقول منطق المقاومة العام إنّ أي شخص تقتله إسرائيل هو شهيد. يتّهم حزب الله العدو الإسرائيلي بالوقوف وراء سلسلة اغتيالات هزّت لبنان بين أعوام ٢٠٠٥ و٢٠١٣، سعياً وراء الفتنة وبهدف ردّ التهمة عنه وعن النظام البعثي. فهل يمكن لحزب الله، وأتباعه، ان يعترفوا بسمير قصير وجورج حاوي ورفيق الحريري وجبران تويني وغيرهم كشهداء؟ ومن هنا تبدأ الحكاية.