لقاءات عراقية متنقّلة من بغداد إلى لندن لإطاحة العبادي

لقاءات عراقية متنقّلة من بغداد إلى لندن لإطاحة العبادي

20 ديسمبر 2015
يدرك العبادي ما يُخطّط له قادة "التحالف الوطني"(علي محمد/الأناضول)
+ الخط -
يناقش عدد من قادة "التحالف الوطني" الحاكم في العراق، ذو الغالبية الشيعية، للمرة الأولى منذ تسمية القيادي في حزب "الدعوة الإسلامية"، حيدر العبادي رئيساً للحكومة عام 2014، بدل نوري المالكي، فكرة استبداله على خلفية اتهامه بالإخفاق في تنفيذ الوعود التي أطلقها، أخيراً، وضعف أدائه العام في الدولة.

واجتمعت قيادات في "التحالف" الذي يضمّ تسع كتل سياسية، من بينها سبع تملك نحو ثلث مقاعد البرلمان، بشكل منفرد أخيراً لهذه الغاية. وعلمت "العربي الجديد" من قيادات بارزة في "التحالف الوطني"، زارت أخيراً العاصمة البريطانية لندن، حيث تقيم عائلاتها، أنّ لقاءات جانبية جرت بضوء أخضر إيراني، لبحث الوضع السياسي في العراق وإمكانية تغيير رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي.

ويقول عضو بارز في "التحالف" لـ"العربي الجديد"، إنّ "عدداً من الكتل السياسية في التحالف الوطني، وأبرزها دولة القانون بزعامة المالكي، وكتلة الفضيلة بزعامة محمد اليعقوبي، وكتلة العصائب، بزعامة قيس الخزعلي، وكتلة بدر بزعامة هادي العامري، عقدت، أخيراً، اجتماعات خارج إطار اللقاءات الدورية الشهرية لقادة التحالف في بغداد، وناقشت فكرة استبدال العبادي".

ويضيف القيادي الذي ينتمي إلى حزب "الدعوة الإسلامية"، أنّ "اللقاءات ضمّت كتل اليمين في التحالف المدعومة من إيران، وتحدّثت صراحة عن فكرة اختيار شخصية جديدة غير العبادي يكون من داخل حزب الدعوة"، مبيّناً أن "المالكي يقود حراكاً واسعاً في هذا الاتجاه، وتحدث خلال الاجتماعات عن موافقة مبدئية من طهران حصل عليها، أخيراً، خلال لقائه مع المسؤولين هناك".

ويؤكد القيادي ذاته، أنّ "إيران تتحفظ على كثير من الملفات في حكومة العبادي، من بينها تنامي الوجود العسكري والسياسي الأميركي والغربي في البلاد، وتأخُّر رئيس الحكومة في إنجاز مشروع قانون لمليشيات الحشد الشعبي، باعتبارها مؤسسة دستورية سانِدة على غرار الحرس الثوري الإيراني في العراق. ويُضاف إلى هذه القضايا، ملف تسليح العشائر السنية، ومشروع الإصلاح الذي أُبعدت بموجبه قيادات عسكرية وأمنيّة مقربة من إيران في وزارتَي الدفاع والداخلية وجهاز المخابرات العراقي، فضلاً عن التقارب الأخير مع الرياض المتمثّل بفتح السفارة السعودية في بغداد، أخيراً".

ويلفت هذا القيادي إلى أنّ "اللقاءات طرحت شخصيات بديلة عدّة، مؤكداً أنّ اسم المالكي غير وارد، خصوصاً أنّ الأخير يطمح بقوة للعودة إلى المنصب، إذ تشكّل عودته في حال تمت، أشبه ما يُسمّى انقلاباً". ويكشف المصدر ذاته، أن من بين الشخصيات المطروحة؛ وزير التعليم الحالي، حسين الشهرستاني، والقياديين في حزب "الدعوة"، المقرّبين من إيران، وليد الحلي وعلي الأديب، مشيراً إلى أنّ "الاجتماعات لا تتعدى كونها أفكارا تطرح ولم تصل بعد إلى مرحلة التخطيط ومن بعدها التنفيذ".

في السياق ذاته، يعتبر القيادي الكردي، حمّة أمين، أنّ طرح فكرة استبدال العبادي تأتي ضمن خلافات حادة تعصف بـ"التحالف الوطني"، وهذا أحدها. ويوضح أمين لـ"العربي الجديد"، أنّ "موضوع استبدال العبادي طُرح قبل أشهر عدّة داخل التحالف، لكنه لم يلقَ قبولاً من كتل التيار الصدري والمجلس الأعلى". ويضيف أنّ "عملية تغيير رئيس الحكومة كمشروع لم تمتْ، وظلّت كل من كتلة دولة القانون، وبدر، والعصائب، وحزب الفضيلة تتباحث في ما بينها، وتسعى لكسب أصوات من المعسكر الثاني في التحالف، لنيْل اجماع مريح لاستبداله داخلياً، ومن ثم التوجه للكتل السنية والكردية لبحث الموضوع بهدف تحقيقه على أرض الواقع".

اقرأ أيضاً: كتل عراقية تلوّح بمغادرة حكومة العبادي:هل تولد وزارة جديدة؟

ويوضح القيادي الكردي، أنّ "المادة 76 من الدستور، تشير إلى أنّ استبدال رئيس الوزراء لا يتم إلا بطلب من رئيس الجمهورية أو عقب جلسة استجواب لرئيس الوزراء تُقدّم من خمس أعضاء البرلمان، وأن يكون تصويت سحب الثقة عنه، بالأغلبية، وهو ما سيحتاجه التحالف من الكتلة الكردية والسنية في البرلمان". ويؤكد أمين أنّ "التحالف الكردستاني لن يوافق على إعادة الأمور إلى مربّعها الأول بعزل العبادي، خصوصاً إذا كانت الفكرة مطروحة من الجناح الإيراني في التحالف ومن المالكي شخصياً".

ويصف عضو التيار الصدري في محافظة البصرة، حسين البصري، الحراك الجديد داخل الجناح اليمين في التحالف، بأنّه "فاشل". ويضيف البصري لـ"العربي الجديد"، "لنكن واقعيين، العبادي رجل مرحلة حالية فقط وهو مدعوم من الولايات المتحدة، وهو مقبول عربياً. وأية انتكاسة في حكومته في هذا الظرف، ليست لصالح العراق، ولا حتى للحرب على داعش".

ويبيّن البصري، أنّ أصحاب المشروع، قد يقدّمون وعوداً وتعهدات للسنة والأكراد في حال وافقوا على استبدال العبادي، لكن لن تكون لها أرض ضامنة، خصوصاً أنّ من يقدّمها (التعهدات)، نكث بهم في السابق"، مستطرداً أن "العبادي يعلم ما يحاك ضده، لذا نجده يطلق في كثير من الأحيان تصريحات مريحة للمعسكر الإيراني والمليشيات. ويجب أن نعترف بأنّ حماسة العبادي في البداية ليست كما هي اليوم، فهو يخاف من الجميع، وإذا قدّم شيئاً للأكراد أو السنّة، يعطي ضعفه للمليشيات إرضاء لهم وإسكاتاً لأصواتهم".

من جانبه، يعلّق قيادي بارز في "اتحاد القوى العراقية"، في هذا الشأن، قائلاً "سنبقى داعمين للعبادي، لكن ليس إلى ما لا نهاية. وعندما نرى أنه لا فائدة من هذا الدعم، وأنّ ما وعدنا به لن يتحقق، سنتجه إلى الانسحاب من الحكومة وربما من البرلمان".

ويضيف القيادي ذاته، أنّه "حتى الآن لا قانون للحرس الوطني، ولا عفو عام، ولا وقف اعتقالات عشوائية واغتيالات في البصرة، وديالى، وبغداد". ويتابع: "لا عدالة في التعامل مع العشائر المناهضة لداعش، ولا مساواة في التعامل مع النازحين، ولا وقف للبراميل المتفجرة والقصف على المدن التي يقضي فيها يومياً عشرات من أهلنا، لكن نأمل أن يكون هناك تغيير وتنفيذ كما وعدنا العبادي، وفي حال لم يحدث ذلك، فالمقاطعة خيارنا، ومن دون رجوع".

بدوره، يقول المحلل السياسي العراقي، الأستاذ في جامعة صلاح الدين، الدكتور أحمد عبد الله، لـ"العربي الجديد"، إن "التوافق صعب على استبدال العبادي، لأنّهم في ما بينهم مختلفون"، في إشارة للتحالف الوطني. ويضيف عبد الله، أنّ "أية انتكاسة من هذا النوع في العملية السياسية، ستكون عواقبها كبيرة، وتُفسّر على أنّها انقلاب ويجب على العبادي أن يستغل ذلك في عدم الخوف من إقالته حالياً على الأقل". ويصف المحلل السياسي، الحملات التي تشهدها وسائل إعلام محلية، كالصحف والفضائيات ومواقع إلكترونية، بأنّها "مدفوعة الثمن".

ويتألف "التحالف الوطني" منذ العام 2004، من تسع كتل رئيسية، شُكّلت بفتوى من المرجع الديني، علي السيستاني. وتحظى الكتل في الدورة الحالية للبرلمان، بـ173 مقعداً من أصل 328. ومنح الدستور المُّقر بعد احتلال العراق عام 2003، لهذه الكتل، الحق في تشكيل الحكومة إلّا أنّها لا تستطيع ذلك، ما لم تحصل الأخيرة على غالبية أصوات البرلمان، والحال نفسه في سحب الثقة عنها.

ولا تزال الخلافات تعصف في "التحالف الوطني" داخلياً، منذ نحو عامين، أدت إلى إبقاء منصب رئيس "التحالف" شاغراً حتى الآن، فضلاً عن مناصب داخلية أخرى. وارتفعت حدة الخلافات بين الشركاء، أخيراً، لتتحول من مشادات كلامية على الهواء إلى عراك بالأيدي داخل البرلمان، ثم إلى إطلاق نار بين قيادات بارزة من كتلة المالكي وكتلة المجلس الأعلى داخل محطة فضائية عراقية في بغداد خلال برنامج حواري. ويتهم كل من المجلس الأعلى والتيار الصدري الطرف الثاني المتمثّل في حزب "الدعوة"، باتباع سياسات خاطئة وتغليب الأجندة الإيرانية على الوطنية العراقية، واتباع نهج طائفي.

اقرأ أيضاً: ضغوط على العبادي للتصعيد مع تركيا.. ومساع لتسوية