الانسجام الحكومي في المغرب... ورقة المعارضة ضد التحالف الحاكم

الانسجام الحكومي في المغرب... ورقة المعارضة ضد التحالف الحاكم

20 ديسمبر 2015
بن كيران أنّب وزير التعليم في البرلمان(فضل سنا/فرانس برس)
+ الخط -


لم يتبقَ من ولاية الحكومة في المغرب، التي يقودها حزب "العدالة والتنمية"، سوى سنة واحدة قبل خوض غمار الانتخابات التشريعية في خريف العام المقبل، ليعود الحديث من جديد بخصوص مدى الانسجام بين مكوّنات حكومة عبدالإله بنكيران. وتجدد النقاش في المغرب حول الانسجام السياسي بعد توالي العديد من الوقائع والأحداث وسط الفريق الحكومي، لعل آخرها التأنيب الحاد من قِبل رئيس الحكومة لوزير التعليم حول لغة التدريس، وأيضاً الخلاف الذي ظهر بين رئيس الحكومة ووزير الزراعة حول "صندوق العالم القروي"، والاختلافات حول الإرث وبعض قضايا الهوية.

وفيما تؤكد الحكومة أن كل الأعمال التي أنجزتها طيلة السنوات الأربع الماضية، سواء في المجالات الاقتصادية أو الاجتماعية، لم تكن لتحصل لولا الانسجام بين مكوّناتها، تذهب المعارضة إلى أن الانسجام الحكومي مفقود، بدليل الخلافات التي تظهر إلى العلن بين أعضاء الفريق الحكومي.

وتتشكّل الحكومة المغربية من ائتلاف مكوّن من أربعة أحزاب تختلف مرجعياتها الإيديولوجية، فحزب "العدالة والتنمية" بمرجعية إسلامية، وحزب "التقدّم والاشتراكية" بمرجعية اشتراكية، أما حزب "التجمّع الوطني للأحرار" فهو ليبرالي، فيما حزب "الحركة الشعبية" هو حزب وسط يميني.

ويؤكد القيادي في حزب "العدالة والتنمية" عبد السلام بلاجي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن الانسجام بين مكوّنات الحكومة حاصل بقوة الواقع القائم، مشيراً إلى "الكثير من المنجزات الاجتماعية التي تحققت في عهد حكومة بن كيران". ويشير القيادي الإسلامي إلى الأعمال التي حققتها الحكومة خلال السنوات الأربع الماضية، ومنها منح الدعم للنساء الأرامل، وتقليص العجز المالي، وامتلاك القرار الاقتصادي، وتدشين إصلاح أنظمة التقاعد، وغيرها من المكتسبات الأخرى، مشدداً على أنه لولا وجود التماسك والانسجام داخل الحكومة لما تحقق شيء منها.

ويعتبر بلاجي أن "السنة المتبقية من عمر الحكومة الحالية، تُعَدّ بامتياز سنة استكمال ورش الإصلاح المتعددة التي أطلقتها منذ أربع سنوات، من خلال السير على النهج نفسه المتمثل في النَفَس الإصلاحي الشفاف والواضح"، مشيراً إلى أن "الحكومة منسجمة، مع احتفاظ كل حزب بشخصيته وبصمته الخاصة".

اقرأ أيضاً: بن كيران: التحكم السياسي فشل في المغرب

في المقابل، يرى الأمين العام لحزب "الأصالة والمعاصرة" المعارض مصطفى الباكوري، أن الانسجام بين أحزاب الحكومة غير موجود بالقدر الكافي الذي يُطمئن الرأي العام، مستدلاً بالخلافات التي ظهرت في طريق الحكومة، ومنها تأنيب رئيس الحكومة علانية في البرلمان لوزير التعليم بسبب قضية لغة التعليم، وأيضاً الخلاف مع وزير الزراعة بشأن تسيير "صندوق تنمية العالم القروي".

ويعزو الباكوري ما سماه "ضعف الانسجام بين مكوّنات الحكومة المغربية"، إلى قرب نهاية ولايتها بعد بضعة أشهر، "إذ تجد نفسها غير قادرة على تطبيق ما وعدت به المواطنين، خصوصاً القيام بالإصلاحات المنشودة لتحقيق النمو المطلوب، والعجز عن تقديم بنود الدستور المُحدّث، وهو ما خلق جواً من العصبية والانفعال انعكس سلباً على الانسجام الحكومي".

من جهته، يؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة فاس، أحمد مفيد، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنه "من خلال متابعة العمل الحكومي، يتضح أن مكوّنات الحكومة لم تستطع بعد مرور حوالي أربع سنوات من عمر حكومة بن كيران، أن تحقق انسجاماً كبيراً بين مكوناتها". ويشرح مفيد أنه "في حكومة بن كيران الأولى، كان خروج حزب الاستقلال منها يُعبّر عن حالة من عدم التفاهم، أما في الحكومة الحالية فيتبين أن هناك مجموعة من الأمور غير المتفق بخصوصها، وهذا الأمر يظهر من خلال أربع قضايا أساسية على الأقل".

القضية الأولى، وفق مفيد، تتعلق بالتحالفات خلال انتخابات رؤساء مجالس المناطق ومجموعة أخرى من الانتخابات في المناطق، والثانية قضية المادة 30 من مشروع قانون المالية (أي صندوق العالم القروي)، والثالثة قضية انتقاد رئيس الحكومة لوزير التعليم داخل البرلمان، ثم ملف إصلاح التقاعد.

ويخلص مفيد إلى أن "الانسجام بين مكوّنات الحكومة غير حاصل بشكل كبير، كما أن التضامن بين أعضاء الحكومة غير حاضر بقوة، وهذا ما يظهر من خلال بعض التصريحات التي تكشف عن عدم موافقة وزير معين على قرارات وزير آخر زميل له في الحكومة".

اقرأ أيضاً: المغرب: السلم الاجتماعي ورقة انتخابية بين السلطة والمعارضة