خطة السيسي لاحتواء ذكرى الثورة: خرق صفوف الشباب المعارضين

خطة السيسي لاحتواء ذكرى الثورة: خرق صفوف الشباب المعارضين

01 ديسمبر 2015
للشباب شروطهم في وجه الرئاسة (عمرو صلاح الدين/الأناضول)
+ الخط -
تعدّدت ردود الفعل في أوساط النشطاء السياسيين المصريين، في أعقاب نشر صحيفة "المصري اليوم" تسريباً مجهول المصدر، عن نية مؤسسة الرئاسة ممارسة ما وصفته مصادر الصحيفة بـ"احتواء شباب الثورة"، وتعيين عدد منهم كأعضاء في البرلمان ولقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع مجموعات منهم قريباً.

وتراوحت المواقف الشبابية من نشر هذا الخبر بين التشكيك واعتباره رسالة إيجابية من الرئاسة لجس نبض الشباب، وبين الرفض والتأكيد على عدم قبول فتح صفحة جديدة مع نظام 3 يوليو/تموز 2013، والذي خسر شريحة واسعة من الشباب الذين روّجوا لصعوده بعد إصدار "قانون التظاهر" وصدور أحكام بحبس عدد من رموز النشطاء السياسيين، شأنهم شأن شباب جماعة "الإخوان المسلمين"، مع استمرار التضييق على المجال العام والحريات.

ويكشف مصدر سياسي من أحد الأحزاب المتعاونة مع نظام السيسي لـ"العربي الجديد"، أن "مؤسسة الرئاسة تواصلت بالفعل مع عدد من النشطاء الشباب، تحديداً من اليساريين والحقوقيين، وذلك بوساطات من شخصيات كان بعضها أعضاء في الجمعية التأسيسية لدستور 2014، بالإضافة إلى صحافيين معروفين، خلال الأسابيع الخمسة الماضية، تحديداً منذ بدء الترويج على مواقع التواصل الاجتماعي لتظاهرات واسعة لإحياء الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011".

ويضيف المصدر أن "الرئاسة طلبت أن تكون جميع هذه الاتصالات سريّة، وتعهّدت من خلال الوسطاء في حالة الموافقة على لقاء السيسي، بانفراجة في أوضاع الحريات العامة عقب انعقاد مجلس النواب. إلا أن الردود التي نقلها الوسطاء للمؤسسة جاءت كلها سلبية. والنشطاء الشباب لم يستشفوا من فتح قنوات اتصال معهم إلا حقيقة أن نظام السيسي في مأزق حقيقي، ولم يعد قادراً على التعامل مع الفئات ذاتها، والتي فشل نظام الرئيس المخلوع، حسني مبارك، في امتصاص غضبها قبل الثورة".

ويتابع المصدر "تمحورت الردود حول ضرورة إصدار قرارات عفو سريعة، بمناسبة ذكرى الثورة عن جميع النشطاء المسجونين في قضايا تظاهر وتعبير عن الرأي، وعلى رأسهم علاء عبد الفتاح، وأحمد ماهر، وأحمد دومة، بالإضافة لجميع الصحافيين المحبوسين. كما تضمّنت الردود كفّ يد الأمن عن تتبع النشطاء وملاحقتهم والتضييق على الاجتماعات والندوات والتظاهرات، فضلاً عن إلغاء قانون التظاهر، وتعديله بحوار مجتمعي يشارك فيه الشباب". ووفقاً للمصدر ذاته فإن "النشطاء الذين تمّ التواصل مع كل منهم على حدة، اشترطوا جميعاً تنفيذ هذه الشروط قبل إجراء أي اجتماعات مع السيسي، كما رفضوا عروض التعيين في البرلمان".

ويعتبر المصدر أن تسريب النظام لهذا الخبر عبر صحيفة خاصة مثل "المصري اليوم"، وفي هذا التوقيت له دلالة بالغة على الوضع الصعب الذي يعيشه النظام، وارتباكه قبل ذكرى الثورة، مرجّحاً أن يكون التسريب بغرض الضغط على النشطاء الذين تم التواصل معهم، أو إحراجهم أمام الرأي العام، وخصوصاً أن التسريب تضمّن بياناً عن برنامج مشاركة شبابية وضعته مؤسسة الرئاسة وليس أي طرف آخر.

اقرأ أيضاً: هولاند وبان يختفيان قبل مصافحة السيسي... وناشطون يسخرون

وعلى صعيد التعيين، لم تكتمل حتى الآن القوائم التي تعكف على اختيارها لجنة من مساعدي السيسي، برئاسة مستشاره القانوني محمد بهاء أبو شقة وعضوية ممثلي أجهزة الأمن والاستخبارات، ومن المفترض أن تضم القائمة النهائية عدداً من الشباب وأعضاء بالجمعية التأسيسية للدستور الحالي، وكذلك مرشحين لمجلس النواب خسروا الانتخابات وينتمون لما يسمى بالجناح الديمقراطي داخل نظام السيسي.

ولا يهتم الشباب بمسألة التعيين في البرلمان، لأنهم يدركون أن من يدخل مجلس النواب بهذه الطريقة سيظل موصوماً للأبد بالتعامل مع النظام الحالي وتفضيل السلطة له، مما يعيق عودته لصفوف المعارضة مرة أخرى.
غير أن الشباب يهتمون بثلاث مسائل أساسية هي إطلاق سراح السجناء من النشطاء، وتخفيف القيود الأمنية ووقف ملاحقتهم، وتعديل "قانون التظاهر"، حتى يأمنوا على خروجهم المحتمل في فعاليات الذكرى المقبلة للثورة.

وإزاء هذا الموقف، فإن نظام السيسي أمام طريقين ﻻ ثالث لهما إذا أراد الخروج من هذا الموقف الذي وضع نفسه فيه بالإفصاح عن نواياه عشية التظاهرات المرتقبة. الطريق الأول هو "افتعال" المصالحة مع الشباب، وذلك بعقد لقاءات مع شباب ﻻ يمثلون ثورة يناير في الحقيقة، لكن يمكن إعادة إنتاجهم إعلامياً كممثلين لشباب الثورة، وتعيين بعض من هؤلاء النشطاء المصنوعين في البرلمان، بل والسماح لهم حتى بإنشاء حزب أو تجمع سياسي. بذلك لن يجني السيسي إﻻ مزيداً من العزلة عن الواقع الاجتماعي، وتوسيعاً للفجوة بينه وبين شباب الثورة الحقيقيين.

أما الطريق الثاني فهو تقديم بعض التنازلات، أقربها للتحقق وفق مصادر سياسية، تكمن في العفو عن بعض المسجونين والمحكومين في يناير المقبل، وإطلاق جزئي للحريات السياسية والتعهّد بتعديل "قانون التظاهر". وذلك لامتصاص غضب التظاهرات المرتقبة أو تخفيف حدتها أو تفريق شملها.