كارثة طائرة سيناء... سباق مع الزمن للحدّ من الخسائر

كارثة طائرة سيناء... سباق مع الزمن للحدّ من الخسائر

10 نوفمبر 2015
يستعين السيسي بكل الطاقات لإنقاذ قطاع السياحة (Getty)
+ الخط -
يُسيطر الارتباك على أروقة النظام المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي، بعد تتالي الأزمات التي شهدتها مصر أخيراً، تحديداً عقب سقوط الطائرة الروسية. وتواجه البلاد أزمة شديدة لناحية وقف عدد من الدول رحلاتها الجوية إليها، تحديداً إلى مدينة شرم الشيخ، خشية تكرار سيناريو إسقاط الطائرة الروسية. بالتالي، يحاول النظام تجنّب الآثار الجانبية لسقوط الطائرة، بيد أنه فشل في إقناع الدول الأجنبية في استمرار تدفق السياح إلى البلاد، تحديداً إلى شرم الشيخ.

وعلى الرغم من حديث السيسي حول السماح بإمكانية تواجد عناصر أمنية أجنبية، من الدول التي علّقت الرحلات الجوية، في مصر أو شرم الشيخ، فإن هذا التوجه لم يشفع لتلك الدول، تحديداً بريطانيا، وروسيا، التي علّقت الرحلات الجوية إلى مصر، حتى انتهاء التحقيقات. ويسابق النظام الزمن، من أجل الانتهاء سريعاً من التحقيقات، لكن الأزمة تكمن في طول فترة التحقيق التي قد تمتد لأشهر، وهو ما يعني استمرار أزمة السياحة حتى ظهور النتائج.

وتكشف مصادر مقرّبة من دائرة اتخاذ القرار في مؤسسة الرئاسة، لـ"العربي الجديد"، عن "أزمة كبيرة في تحديد آليات وخطة العمل، للتغلب على أزمة سقوط الطائرة الروسية". وتضيف المصادر، أن "السيسي عقد اجتماعات عدة خلال اليومين الماضيين، بعد عودته من (العاصمة البريطانية) لندن، لبحث الطرق الأفضل للتغلب على هذه الأزمة". وتشير إلى أن "الرجل استعان بمساعديه والحكومة، وبعض الخبراء والمستشارين، لوضع خطة للتغلب على الكارثة". وتشدّد على أنه "قُدّمت بعض الاقتراحات في ما يخص تنشيط السياحة الداخلية، غير أن الأمر لم يلقَ قبولاً كبيراً في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة، فضلاً عن أن الوقت غير مناسب، بفعل بدء الموسم الدراسي. غير أنه يبقى مطروحاً في ظل مطالبات بعض وسائل الإعلام".

اقرأ أيضاً: أعلن مغادرة الطائرة الروسية مصر بـ"سلام"..فترأس لجنة التحقيق 

وتلفت المصادر إلى أن "البعض أكد ضرورة بذل وزارة الخارجية جهوداً كبيرة في إقناع الدول التي علّقت الرحلات الجوية، بالتراجع عن هذا القرار، فيما دعا آخرون إلى ضرورة الانتهاء سريعاً من التحقيقات الخاصة بسقوط الطائرة، لكشفها للرأي العام العالمي". وترى أن "لجنة التحقيقات خرجت بالفعل في مؤتمر صحافي، للحديث حول ملابسات التحقيق، ولكنها لم تكشف أي شيء جديد. مع أن المطلوب كان التحدث، بدلاً من ترك المجال لأجهزة استخبارات دول أخرى". وتؤكد أن "السيسي متخوّف من إثبات سقوط الطائرة نتيجة لحادث إرهابي، وأن المسلّحين في (تنظيم ولاية سيناء) سيناء هم فعلياً وراء الكارثة، حينها سيكون المجهود مضاعفاً لإقناع الدول برفع تعليق الرحلات الجوية".

في السياق ذاته، تزداد المطالبات الموجّهة لأجهزة استخبارات وخبراء دوليين، من أجل إمداد لجنة التحقيق المصرية بالمعلومات المتوافرة لديهم حول سقوط الطائرة، خصوصاً عقب انتشار أخبار حول أن سبب السقوط هو قنبلة بداخل الطائرة". ويُطالب وزير الخارجية سامح شكري، الدول والأجهزة التي تملك معلومات حول سقوط الطائرة، بمشاركتها مع مصر. كما يُبدي رئيس اللجنة الفنية المكلفة بالتحقيق، أيمن المقدم، استعداد اللجنة لتلقّي أي معلومات بشأن حادث تحطم الطائرة الروسية، مستبعداً تحديد وقت زمني لانتهاء عمليات التحقيقات، ومتعهّداً بإصدار تقارير دورية للإعلام فيما يتعلق بأعمال التحقيقات.

في المقابل، تُبدي مصادر داخل وزارة الخارجية رفضها للطريقة التي يتعامل بها النظام الحالي معها، خصوصاً أنها "ليست عبارة عن شركة علاقات عامة وتسويق"، وفقاً لها. وتفيد المصادر، لـ"العربي الجديد"، بأنه "مع كل أزمة تحدث، تتصدّى وزارة الخارجية لها لتقليل الآثار الناجمة عنها، لكن النظام يتعامل مع الوزارة فقط وقت الحاجة إليها في ضوء الملفات الخارجية، وحين يمر بأزمة، أما في الحالات العادية، فيقود السيسي العمل بمفرده تماماً، ويعقد اتفاقات ويتحرّك بشكل منفرد، من دون معرفة المسؤولين في الوزارة حتى".

من جهته، يقول الخبير السياسي، محمد عز، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن "مشهد الارتباك في أداء النظام الحالي، أمر طبيعي، في ظلّ تعاقب الأزمات، وعدم القدرة على حلّها والتعامل معها بشكل سريع". ويضيف أن "هذا الارتباك سيظلّ قائماً، ما دام هناك أزمات وقضايا عالقة لم تُحسم بعد، فضلاً عن بدء حالة تململ حقيقية في الشارع". ويشير إلى أن "شعبية السيسي تتآكل بشكل كبير، يوماً بعد يوم، في ظلّ الفشل في مواجهة الأزمات وإيجاد حلول عاجلة وسريعة". وعن التفاؤل باقتراب رحيل السيسي، أو عدم إتمامه فترته الرئاسية، يستبعد عز أن يكون الأمر بهذه البساطة، ويقول "صحيح أن الأداء متواضع وشعبيته تتآكل، ويعجز عن حلّ الأزمات، ولكن رحيل السيسي متعلّق بحالة تحرّك الناس ضده، وهو أمر لا يزال غائباً حتى الآن". ويرى أن "الوقت لم يحن بعد للحديث عن رحيل السيسي، فالجيش لا يزال يقف في ظهره ويدعمه، بغضّ النظر عن الأحاديث حول وجود خلافات معه، حول الأداء والأزمات المتعاقبة".

اقرأ أيضاً: (بالصور) مصر وقد باتت سياحتها "شبحيّة"