اليسار اليهودي غير الصهيوني للفلسطينيين: لا تعوّلوا على كلينتون

اليسار اليهودي غير الصهيوني للفلسطينيين: لا تعوّلوا على كلينتون

10 نوفمبر 2015
كلينتون ستعمل على عدم محاسبة إسرائيل على جرائمها(ماريو تاما/Getty)
+ الخط -

أثارت المواقف الأخيرة التي عبّرت عنها المرشحة الديمقراطية الأقوى للرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والتي دلت على تماهيها مع مواقف حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب، سخط وحفيظة أوساط اليسار اليهودي غير الصهيوني. واتهم هؤلاء كلينتون بتجاهل الفلسطينيين وحقوقهم، وبأنها قطعت شوطاً طويلاً في محاولاتها استرضاء المنظمات اليهودية الأميركية من خلال تبنّي مواقف اليمين الإسرائيلي في سعيها لتحسين فرص فوزها في الانتخابات المقبلة.

وقال الكاتب جدعون ليفي، إن المواقف التي عبّرت عنها كلينتون تدل على أنها ستعمل على عدم محاسبة إسرائيل على جرائمها ضد الشعب الفلسطيني. وفي مقال نشره موقع صحيفة "هآرتس"، تطرّق ليفي إلى المقال الذي نشرته كلينتون في الصحيفة نفسها يوم الخميس الماضي وتعهدت فيه بلقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أول شهر بعد توليها الحكم وتعهّدها بتعميق الشراكة الاستراتيجية مع إسرائيل، وعدم تطرّقها لا من قريب ولا من بعيد إلى حقوق الشعب الفلسطيني.

وأشار ليفي إلى أن كلينتون في سعيها لضمان الحصول على بعض الأموال من الأثرياء اليهود مستعدة لمنح إسرائيل رخصة لمواصلة القتل وارتكاب أعمال الإبادة بحق الفلسطينيين، مشدداً على أنها "صديقة كاذبة" لإسرائيل على اعتبار أن منحها الغطاء للقيادة الإسرائيلية على هذا النحو سيفضي إلى إلحاق الضرر الكبير بإسرائيل وسيزيد فقط التوتر مع الشعب الفلسطيني ويرفع مستوى العنف. ودعا ليفي اليهود الأميركيين لعدم السماح بانتخاب كلينتون لأنها ستتبنّى سياسات تحابي اليمين المتطرف في تل أبيب وتفضي إلى "إغراق إسرائيل وضياعها".

واعتبر أن كلينتون "ومن يشبهها، لعنة من اللعنات على دولة إسرائيل، فبسببها وبسبب أمثالها تواصل إسرائيل الاستمرار في فعل ما تريد وإدارة الظهر للعالم وعدم دفع أي ثمن". كما استهجن حديث كلينتون عن أن إسرائيل تمثّل بالنسبة لها "حلماً"، متسائلاً: "أي حلم؟ حلم السيطرة القمعية على شعب آخر؟ العنصرية؟ القومية المتطرفة؟ قتل الأولاد والنساء في غزة؟ هل كل شيء نسي وكأنه لم يكن؟ الاموال تشتري كل شيء؟ أم أن الامر عندما يصل الى اسرائيل تتبدل المبادئ على الفور"؟

اقرأ أيضاً: لقاء أوباما نتنياهو اليوم... لكسر الانتفاضة وترحيل الملف الفلسطيني

يُذكر أن مقال كلينتون في "هآرتس" جاء تحت عنوان: "هكذا أضمن تعميق التعاون مع إسرائيل ومع بنيامين نتنياهو"، ما يعكس حرصاً على استرضاء نخب اليمين المتطرف في إسرائيل. وسلطت صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر أمس الاثنين الأضواء على المزيد من المواقف التي تدل على تماهي كلينتون مع اليمين الإسرائيلي. وأشارت الصحيفة إلى أن كلينتون ذكرت في خطاب ألقته في سبتمبر/أيلول الماضي أمام معهد "بروغينز"، إسرائيل 40 مرة، في حين لم تذكر الفلسطينيين مرة واحدة. وأشارت الصحيفة إلى أن كلينتون طرحت في كتابها "خيارات صعبة" الذي صدر عام 2014 تصوّرها لحل القضية الفلسطينية والذي يقوم على منح "حكم ذاتي" للفلسطينيين مقابل حصول إسرائيل على الأمن، وهو الحل الذي يروّج له اليمين الإسرائيلي. وأعادت الصحيفة للأذهان حقيقة دعم كلينتون لفكرة إقامة جدار الفصل العنصري، على الرغم من أنه مقام في قلب الضفة الغربية، ناهيك عن دعوتها لقطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية في حال أعلنت عن قيام دولة فلسطينية من جانب واحد.

من جهته، شن الكاتب اليهودي الأميركي بيتر بينروت هجوماً على كلينتون بسبب تجاهلها لحقوق الفلسطينيين وتبنيها خطاب اليمين المتطرف في إسرائيل. وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس"، قال بينروت إن الفلسطينيين مطالبون حالياً بوقف رهاناتهم على أي دور للولايات المتحدة في حل الصراع بسبب تماهي مواقف المرشحين الديمقراطيين مع المواقف التي يعبّر عنها اليمين الإسرائيلي، على اعتبار أن تماهي مرشحي الحزب الجمهوري مع هذه المواقف لا يعد أمراً شاذاً. وتوقف بينروت عند "نفاق" كلينتون التي عبّرت أخيراً عن تضامنها مع الإسرائيليين الذين قالت إنهم لا يستطيعون المشي في الشوارع والتسوق بسبب الخوف من الفلسطينيين، في حين تتجاهل الضحايا الفلسطينيين الذين يسقطون بنيران الإسرائيليين. ولفت إلى موقف بالغ الدلالة عبّرت عنه كلينتون أخيراً، حين استهجنت المطالبة بأن يتم حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي قبل معرفة ما ستنجم عنه التحوّلات في العالم العربي، لا سيما في سورية، والأردن التي شككت في قدرة نظام حكمه الملكي على الصمود، وهي "المخاوف" نفسها التي يعبّر عنها اليمين المتطرف في إسرائيل.

وهاجم بينروت بشدة تشديد كلينتون في كل مناسبة على أن حركة "حماس" نفذت "انقلاباً" في قطاع غزة عام 2007، مشدداً على أن الحديث عن الانقلاب يُعدّ تضليلاً فجاً. وأضاف: "لقد أوعز ممثلو إدارة (الرئيس الأميركي السابق جورج) بوش في حينه لمستشار الأمن القومي الفلسطيني في ذلك الوقت محمد دحلان لإثارة القلاقل وإسقاط حكومة حركة حماس المنتخبة ديمقراطياً بالقوة، وهذا السبب الحقيقي وراء ما حدث"، مشدداً على أن "الانقلابيين هم إدارة بوش وحركة فتح التي مثّلها دحلان".

اقرأ أيضاً: الانتخابات الرئاسية الأميركية: قوة المرشحة كلينتون من ضعف الآخرين

المساهمون