المحطة النووية المصرية.. معلومات وشكوك

المحطة النووية المصرية.. معلومات وشكوك

20 نوفمبر 2015
توقيع عقد المحطة النووية (صفحة السيسي - فيسبوك)
+ الخط -

ما زالت مصر تعيش وقع صدمات متتالية منذ سقوط الطائرة الروسية في سيناء نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والذي تبعه قرارات عدة اتخذتها دول أجنبية، أبرزها روسيا، تجاه مصر، آخرها منع طائرات شركة مصر للطيران من النزول في المطارات الروسية، بينما النظام الحاكم في مصر يحاول التحايل على كل تلك المشكلات بتوقيع عقد جديد لبناء مفاعل نووي لتوليد الطاقة الكهربائية في منظقة الضبعة، شمال مصر.

ووقع الجانبان المصري والروسي أمس الخميس عقد إنشاء المحطة في القاهرة بحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والذي قال في كلمة بمناسبة التوقيع: "إنه سيتم سداد قرض محطة الضبعة النووية على 35 عاما، وهو أفضل عرض لهذا المشروع"، وإن "المشروع سيؤهلنا لامتلاك تكنولوجيا ومعرفة نستطيع أن نتشاركها مع أشقائنا في المنطقة"، وإن "المحطة النووية المصرية مكونة من 4 مفاعلات من الجيل الثالث وهو أقصى ما وصل إليه العلم".

وكشفت صحيفة "اليوم السابع" المصرية المقرّبة من النظام، أمس الخميس، عن "أهم نصوص عقد الاتفاقية الإطارية الحكومية، والتي وقعها السيسي مع سيرجي كيرينكو المبعوث الروسي الخاص للطاقة، ورئيس شركة "روس آتوم" للطاقة النووية المملوكة للحكومة الروسية، لإقامة محطة الضبعة النووية لتوليد الكهرباء".
وعلى الرغم من سقوط الطائرة الروسية في نهاية الشهر الماضي، إلا أن الصحيفة قالت إن العقد "كان من المقرر توقيعه نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتم تأجيله بسبب حادث الطائرة الروسية".

وأوضحت الصحيفة أن "أرض الضبعة تستوعب 8 محطات نووية ستتم على 8 مراحل، وأن المرحلة الأولى تستهدف إنشاء محطة تضم 4 مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء بقدرة 1200 ميغا وات بإجمالي قدرات 4800 ميغا وات، وسيتم البدء في إنشائها بداية 2016، ويتم تشغيل الوحدة الأولى في 2022، والباقي تباعاً حتى عام 2026"، وأن تكلفة المفاعل الواحد تبلغ خمسة مليارات دولار بإجمالي 20 مليار دولار.

وفي موضوع مطول، نشرته صحيفة الأهرام الرسمية الأحد الماضي، قالت إن "مشروع حلم الطاقة النووية السلمية في مصر بدأ منذ 60 عاما عندما وقع الزعيم الراحل جمال عبدالناصر اتفاقية (الذرة من أجل السلام) مع الاتحاد السوفيتي عام 1955 للتعاون في المجال النووي السلمي.

ولكن العدوان الثلاثي وحرب الاستنزاف وهزيمة 1967 أجلته، وبعد انتصار 1973 تم طرح مناقصة لإنشاء أول محطة نووية لتوليد الكهرباء وفشلت بسبب التعنت الأميركي، وفي عام 1980 تم الاتفاق مع فرنسا على إنشاء محطة في الضبعة قدرتها 900 ألف كيلو وات حتى وقع حادث تشيرنوبل الذي أحبط الحلم وتكبدت مصر خسائر وصلت لأكثر من 250 مليار دولار بسبب التأخر في تنفيذ البرنامج النووي".




وتابعت الأهرام: "في 2004 جاء قتل المشروع من الداخل بتأكيد وزير السياحة عن تحويل أرض المشروع بالضبعة لمنتجعات سياحية خاصة إرضاءً لأطماع رجال الأعمال، وفي 2008 أعلن الرئيس الأسبق حسني مبارك إحياء المشروع وإعادة تجديد الدراسات التي تكلفت 800 مليون، وبعد الانفلات الأمني عقب ثورة يناير 2011، تآمر بعض رجال الأعمال وهدموا السور والمنشآت ومحوا معالم الموقع لينتهي الحلم للأبد".

وتلقفت صفحة "أنا أسف يا ريس" المؤيدة للرئيس المخلوع مبارك على "فيسبوك" القصة، كعادتها، وأكدت أن ما يتم الحديث عنه حالياً باعتباره نجاحاً سياسياً واقتصادياً، هو مجرد بناء على إنجازات مبارك غير المكتملة، ونشرت الصفحة الإلكترونية قصاصتين قديمتين للصفحة الأولى لصحيفة الأهرام الرسمية حول الموضوع.



ففي 24 مارس/ آذار 2008 صدرت صحيفة الأهرام الرسمية صفحتها الأولى بعنوان كبير جاء فيه: "مبارك يبدأ اليوم زيارة روسيا. مصر تسعى لمشاركة موسكو في إنشاء محطات للطاقة النووية".
وفي 19 يونيو/ حزيران 2009، وبحسب الأهرام أيضاً: "توقيع عقد إنشاء أول محطة نووية في مصر. نظيف (آخر رئيس وزراء في عهد مبارك): المحطة تتويج لرؤية مبارك لدخول مصر عصر الطاقة النووية".

وفي 16 يناير/ كانون الثاني 2012 اقتحم أهالي منطقة الضبعة موقع المحطة ودمروا كل ما فيها تقريباً، وقالت "الأهرام" وقتها: "خسرت مصر مليار جنيه قيمة تدمير البنية الأساسية من إنشاءات ودراسات ومبانٍ ومعدات وأجهزة خاصة بمشروع إنشاء محطة الضبعة النووية لإنتاج الكهرباء بعد السماح لأهالي الضبعة بدخول موقع المحطة وتحطيم السور الخاصة بها".




وتبقى المفارقة الأهم في توقيع العقد الجديد الذي يكلف مصر 20 مليار دولار تدفعها على مدار 35 عاماً، من دون معرفة العائد الاقتصادي الحقيقي من وراء المشروع، وخاصة بعد أن أثبت مشروع تفريعة قناة السويس الجديدة عدم جدواه الاقتصادية، وفقاً لتقارير إيرادات القناة الرسمية التي تثبت تراجع الإيرادات للشهر الثالث على التوالي.

وبينما الفارق الزمني بين العقد الذي وقعه مبارك والعقد الذي وقعه السيسي يزيد بعدة أشهر فقط على ست سنوات، إلا أن الفارق بين قيمة العقد الذي وقعه مبارك، والذي لم يتجاوز حينها 200 مليون دولار، والعقد الجديد الذي وقعه السيسي بقيمة 20 مليار دولار يثير الكثير من الشكوك حول الجدوى الحقيقية للمشروع الجديد.

كذلك يخشى كثيرون من سوء الإدارة الحكومية في مصر، والذي كان سبباً في وقوع الكثير من الكوارث المحلية، آخرها غرق مدينة الإسكندرية، والتقصير الأمني الذي تسبب في تفجير الطائرة الروسية، وخاصة أن تداعيات أي فشل إداري في المحطة النووية لن تقتصر على الداخل المصري وإنما قد تتحول إلى كارثة عالمية. 


اقرأ أيضاً: روسيا توقع اتفاقَ بناء أول محطة للطاقة النووية بمصر