استراتيجية تونس الأمنية: خنق المسلحين وعمليات استباقية

استراتيجية تونس الأمنية: خنق المسلحين وعمليات استباقية

21 نوفمبر 2015
يسيطر الهاجس الأمني على اهتمامات التونسيين(ناصر طلال)
+ الخط -
يسيطر الهاجس الأمني من جديد على الوضع العام في تونس تزامناً مع الاعتداءات التي تعرضت لها باريس من جهة، وأخبار إلقاء القبض على مجموعات مسلحة من جهة أخرى، بالإضافة إلى ارتفاع وتيرة الإشاعات في الأيام الأخيرة بشكل لافت. وهو ما دفع وزارة الداخلية التونسية إلى محاولة توضيح الصورة. وفي السياق، يشير المتحدث باسم الداخلية، وليد الوقيني، في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "المعلومة جزء من الحرب مع المجموعات الإرهابية التي تحاول الخروج من الخناق المضروب عليها بترويج الإشاعات أو بعمليات ترهيبية للتونسيين مثل حادثة اغتيال الطفل الراعي من خلال قطع رأسه".

ويؤكد الوقيني أن "المجموعات المتحصنة في الجبال أصبحت تعيش حالة يأس وعزلة دفعتها للنزول من الجبال إلى المناطق المتاخمة، خصوصاً بعد نجاح الأمن التونسي في قطع الإمدادات عنها عقب القبض على الخلايا المكلفة بذلك، والتي كان آخرها القبض على عدد من العناصر في ثلاث محافظات تونسية".

اقرأ أيضاً: خطة لتأمين المطارات والطائرات التونسية

ويوضح الوقيني أن "وزارة الداخلية تمكنت إلى حد الآن من القبض على أكثر من مائتي خلية إرهابية (تتكون الخلية من شخصين على الأقل)، وإحالة 1300 عنصر متورط في قضايا إرهابية على العدالة، وآخرها عملية سوسة التي وصل عدد الموقوفين فيها إلى 22 شخصاً". ويوضح المتحدث باسم الداخلية التونسية أنّ "مخططها كان يستهدف القيام بسلسلة من العمليات المتزامنة في أكثر من جهة، ما يمكن اعتباره أضخم مخطط إرهابي تم إفشاله".
ويشدد المتحدث باسم وزارة الداخلية على "النجاح المتصاعد للعمليات الاستخباراتية الاستباقية التي مكنت من استعادة مصالح الوزارة لعافيتها"، متطرقاً إلى "التنسيق الذي يجمع تونس في هذا المجال مع عدد من الدول، من بينها الجزائر وفرنسا والولايات المتحدة، خصوصاً مع انضمام تونس للتحالف الدولي ضد داعش".
وفيما ينفي الوقيني أن يكون لـ"داعش تنظيم هيكلي في تونس كما هو موجود في دول أخرى"، يشير إلى أن "هناك خلايا وأشخاصا يدينون له بالولاء". ويوضح أنّ "المجموعات الموجودة في الجبال والتي لا يتعدى عددها المائة عنصر، شهدت انقسامات بدورها، وخرجت منها مجموعة موالية لداعش أطلقت على نفسها اسم (جند الخلافة)، بالإضافة الى كتيبة عقبة بن نافع والقاعدة في بلاد المغرب العربي".
وفي حين تشهد الحدود مع الجزائر تطوراً هاماً على مستوى التعامل مع المجموعات المسلحة وقطع الإمدادات عنها، يبقى التحدي الأكبر على الجهة الجنوبية في الحدود مع ليبيا. وتم منذ يومين القبض على عنصرين خطيرين كانا ينويان التسلل إلى تونس.
ويعود الوقيني إلى حادثة إفشال دخول سيارتين محملتين بالسلاح والذخيرة ليؤكد على أهمية الساتر الترابي العازل الذي قلّص بشكل كبير من تسلل المتشددين والأسلحة والسلع المهربة، لافتاً إلى التنسيق الكبير الذي حصل بين مختلف الأجهزة الأمنية (القوات العسكرية، الدرك، الشرطة والجمارك)، وهو ما رفع من مستوى الجاهزية في مراقبة الحدود. ويلفت المتحدث باسم وزارة الداخلية إلى وجود "تطورٍ كبيرٍ على مستوى تجهيز الوحدات بالعتاد اللازم بفضل التعاون مع بعض البلدان الصديقة".
يذكر أنّ ألمانيا كانت من بين أكثر الدول المتحمسة لدعم تونس في مراقبة حدودها. وتسعى تونس إلى تجهيز الساتر الترابي بنظام مراقبة إلكتروني إضافي، ما يمكنها من السيطرة بشكل فعال على حدودها مع ليبيا. كما تعهدت الولايات المتحدة بدعم تونس على مستوى جمع المعلومات عبر طائرات متخصصة.

في غضون ذلك، يبقى الهاجس الأمني مسيطراً على اهتمامات التونسيين، إذ أشار استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "سغما كونساي" منذ يومين، إلى أنّ 78.1 في المائة من التونسيين عبّروا عن استعدادهم للتنازل عن بعض الحريات مقابل التمتع بمزيد من الأمن. وتسجل النساء النسبة الأكبر حيث وصلت إلى حدود الـ82.8 في المائة. ووفق الاستطلاع نفسه، يوافق 57.7 في المائة من أنصار حركة "النهضة" على مبدأ هذه المعادلة، في حين ترتفع النسبة لدى القاعدة الانتخابية لحزب "نداء تونس" لتصل إلى 87 في المائة. وأورد الاستطلاع نفسه أنّ التونسيين في معظمهم غير راضين عن أداء الحكومة في مجال مكافحة الإرهاب. ويعتبر 10.8 في المائة فقط من التونسيين أنّ الحكومة تؤدي واجبها في هذا المجال. وفي المقابل يرى 34.3 في المائة من المواطنين أن أداء الحكومة غير كافٍ، مقابل 36.1 في المائة يعتبرونه متوسطاً. كما يعتقد 15.4 في المائة أنّ جهودها قليلة. وترى أقلية من التونسيين (2.9 في المائة) أن الحكومة لا تقوم بأي مجهود في مكافحة الإرهاب.

اقرأ أيضاً: إعلاميون تونسيون مهددون بالمحاكمة بقانون الإرهاب

المساهمون