فلسطينيو48 يرفضون حظر الحركة الإسلامية: إعلان حرب

فلسطينيو48 يرفضون حظر الحركة الإسلامية: إعلان حرب

18 نوفمبر 2015
قرار الحظر يشكل تحدياً جديداً لفلسطينيي48(عمر عوض/الأناضول)
+ الخط -
تُجمع المواقف الفلسطينية في الداخل المحتل منذ العام 1948 على رفض القرار الإسرائيلي بحظر نشاط الحركة الإسلامية، بقيادة الشيخ رائد صلاح، وإخراجها عن القانون وإغلاق 17 مؤسسة تابعة لها ومصادرة ممتلكاتها، فضلاً عن التحذير من تداعيات هذا القرار. ويرى مراقبون وسياسيون وحقوقيون من الداخل المحتل أن هذه الخطوة الإسرائيلية، قد يكون لها إسقاطات خطيرة على طبيعة وشكل النضال الوطني في الداخل المحتل، فضلاً عن تبعات أخرى على المؤسسات والأحزاب الفاعلة في الداخل المحتل، ولا سيّما أنّ الحظر طال مؤسسات إعلامية وأكاديمية وتربوية، وغيرها من مؤسسات تؤدي أدواراً اجتماعية لا سياسية.

الموقف الأكثر وضوحاً جاء على لسان الشيخ، رائد صلاح، الذي اعتبر، في حديث لوسائل الإعلام، أمس الثلاثاء، أن إخراج الحركة عن القانون "جاء كنتيجة تابعة لتفاهمات وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول المسجد الأقصى"، مضيفاً "الذي يؤكد ذلك أن شخصية عربية معروفة لدينا كان لها مكالمة مع مسؤول كبير في القنصلية الأميركية في القدس، أكد خلالها أن هذه التفاهمات ستساعد على إخراج الحركة عن القانون". ولفت صلاح إلى أنه "من الواضح لدينا في نفس الوقت أنهم يحاولون بهذه التفاهمات فرض أمر خطير على المسجد الأقصى، باعتبار اقتحامات صعاليك الاحتلال للأقصى على أنها زيارات، ولذلك يحاولون بكل ثمن إبعاد الحركة الإسلامية عن المسجد الأقصى، معتقدين وواهمين أن الجو سيخلو لهم وبأنهم سينجحون في فرض هذه المقولة الخطيرة والمرفوضة".
كما توقف صلاح عند محاولات استغلال الاحتلال للاعتداءات، التي تعرضت لها فرنسا لإصدار قرار الحظر، بقوله "هذا الإعلان في هذا اليوم تحديداً، جاء وسط أجواء متوترة في العالم على إثر تفجيرات باريس، التي استغلتها المؤسسة الإسرائيلية استغلالاً بشعاً. وأنا أقول بلا تردد إنه في الوقت الذي أعلنت فيه الحركة رفضها لتفجيرات باريس، إلى جانب ذلك نحن لا زلنا نؤكد رفضنا للإرهاب الإسرائيلي، ولهذه الاجراءات الظالمة التي بدأت إسرائيل توقِعها على كل مجتمعنا في الداخل الفلسطيني. فقد بدأت بالحركة الإسلامية، وقبل أسابيع كان المسؤولون الإسرائيليون يهددون بإخراج حزب التجمع الوطني الديمقراطي عن القانون، وقد ينتقلون إلى قوة سياسية ثالثة ورابعة وهكذا".

اقرأ أيضاً: صحافيو 48 يتضامنون مع المؤسسات الإعلامية المحظورة للحركة الإسلامية 

من جهته، يرى الأمين العام لحزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، عوض عبد الفتاح، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ قرار حظر الحركة الإسلامية جاء "في سياق الجموح المتصاعد في المؤسسة الإسرائيلية وفي المجتمع الإسرائيلي، نحو تجريم الجماهير الفلسطينية ككل، واعتبار النشاط السياسي المناهض للصهيونية وللاحتلال أمراً خطيراً، بالنسبة لإسرائيل". ويحذر عبد الفتاح من أنّ "هذه حلقة من حلقات التغيّر القائم في إسرائيل منذ العام 2000، ومن ضمنها قتل المتظاهرين العرب، وتنفيذ مخططات عنصرية وسنّ قوانين سافرة وشنّ اعتقالات واسعة وحملات تحريض دموية على العرب وقياداتهم في هذه البلاد". ويعتبر أن "هذا القرار يشكل تحدياً جديداً لنا، فمنذ أوائل ستينيات القرن الماضي لم يتم حظر حركة سياسية بهذا الحجم، وتحديداً منذ (حركة الأرض) وهذا أمر خطير". ويضيف عبد الفتاح "واضح أننا سنتأثر كجماهير وكأحزاب، وهذه ليست نهاية معركة وإنما بداية معركة جديدة. إسرائيل حسمت الأمر وهي تعتقد أنه انتهى بذلك، ولكن هذا قد يجرّ عليها ويلات. فرفض المعتدلين قد يؤدي إلى تطرف البعض".

أما الباحث في مركزي مدى ومدار، مهند مصطفى، فيقول في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "القرار غير مفاجئ، وهو خطير جداً لاستهدافه تياراً مركزياً ينشط في صفوف الجماهير العربية، وعمره أكثر من 40 سنة". ويشير إلى أنّ "الحركة الإسلامية ليست حركة دينية بالمفهوم الضيق، ولكن تمثل قطاعات اجتماعية واسعة من أبناء القطاعات الدنيا الوسطى والبرجوازية العربية، أي أنها تيار واسع، وإخراجها عن القانون هو إعلان حرب على الجماهير العربية ومفترق طرق في تعامل إسرائيل مع الجماهير العربية". ويلفت إلى أن الحظر ينطوي على "ملاحقة دينية وليست سياسية فقط، فهناك مؤسسات ليست لها علاقة بالسياسة تم حظرها، كمؤسسة (حراء) لتحفيظ القرآن للأطفال، وهناك ملاحقة لمشروع اجتماعي وتربوي وأكاديمي، فالمؤسسات التي تم إغلاقها ليست لها علاقة مباشرة بالمسجد الأقصى، على اعتبار أن المؤسسة الإسرائيلية تتهم الحركة بالتحريض على العنف في القدس المحتلة بحسب مزاعمها". ويوضح مصطفى أن "تأثر كل العمل السياسي العربي في البلاد من هذا القرار له علاقة بأمرين، أولاً رد فعل الجماهير العربية على الخطوة، وصورة عملنا السياسي للمرحلة المقبلة". ويضيف: "إذا كان ردنا هزيلاً وإذا تراجعنا عن ثوابتنا وأسس نضالنا وأخلاقياته، فهذا سيدفع إسرائيل لملاحقتنا والتضييق علينا أكثر".

من جهته، وصف رئيس الحركة الإسلامية - الجناح الجنوبي، الشيخ حماد أبو دعابس، في حديث مع "العربي الجديد"، القرار بأنه "مجحف وظالم ضد شريحة كبيرة وأساسية في مجتمعنا العربي الفلسطيني في الداخل". ويضيف أبو دعابس "إذا كان نتنياهو يظنّ أنه يرعبنا ويثنينا عن الثوابت الفلسطينية فهو مخطئ. جميعنا نمثل الثوابت الفلسطينية، ولن تغيب أجندة الحركة الإسلامية الشمالية عنّا في لجنة المتابعة وفي التيارات الأخرى وستبقى على طاولتنا، وسيبقى المسجد الأقصى في صلبها".
بدوره يلفت النائب، يوسف جبارين، في حديثه مع"العربي الجديد"، إلى وجود "أبعاد خطيرة لمثل هذا القرار، فما حدث ليس استهدافاً للحركة الإسلامية فقط، وإنما لمجمل العمل السياسي في صفوف الجماهير العربية في الداخل الفلسطيني. وعلى مر السنوات تم استهداف قيادات من الحركة والأحزاب الأخرى". ويشير إلى أنّ "هذه الهجمة تذكّرنا بما كان سائداً في فترة الحكم العسكري، ويتم اليوم استخدام قانون الطوارئ الذي يعود للعام 1945 منذ عهد الانتداب البريطاني لمواجهة جماهيرنا، علماً بأن نشاطات الحركة الإسلامية معلنة ومعروفة للجميع، وقسم منها يرتبط بقضايا تربوية وأكاديمية واجتماعية وليست سياسية فقط، وهي جزء أصيل من مجتمعنا ونضالنا".
ويوضح جبارين أنّ "حظوظ إلغاء القرار قانونياً ضعيفة، ولا سيما أنه لا يتم كشف كل الأوراق المتعلقة بالقضية وإنما يتم الحديث فقط من قبل المؤسسة عن وجود معلومات سرية". ويلفت إلى أنّ "المحكمة العليا الإسرائيلية باتت مقيّدة وعليها ضغوط، بل هناك تهديدات للقضاة، وبالتالي لن تكون مؤثرة. علاوة على ذلك، فإنّ إسرائيل ربطت بين الحركة الإسلامية وحركة وحماس والإخوان المسلمين، مما يعني أنها أخرجتها من دائرة حدودها إلى حدود إقليمية وعالمية، وهذا يضعف أيضاً من فاعلية المحاولات القانونية، ولذلك النضال بالأساس هو نضال شعبي جماهيري".

اقرأ أيضاً: فصائل غزة عن حظر الحركة الإسلامية: تخبّط إسرائيلي