تونس وليبيا: مصير مشترك مهدَّد بفعل الأزمات

تونس وليبيا: مصير مشترك مهدَّد بفعل الأزمات

03 أكتوبر 2015
يواجه الليبيون صعوبات عند المعابر مع تونس (الاناضول)
+ الخط -

لا تزال الأزمة الليبية تشغل الرأي العام التونسي، في ظل التحديات القائمة والمشتركة للبلدين، ومنها خطر "الإرهاب" وتنامي أعداد الجماعات المتطرفة، ما يطرح تساؤلات حول كيفية مواجهة هذه التحديات والحدّ من الصعوبات التي يواجهها الليبيون في تونس، والتونسيون في ليبيا.

ويؤكد الاقتصادي الليبي مصطفى صالحين الهوني أنّ "الأزمة الليبية شديدة الحساسية، فإما أن يكون الحل قريباً أو سيبقى بعيداً جداً"، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن "هناك سعياً متواصلاً من أجل تشكيل حكومة موحدة وإلا فالمستقبل لن يكون إيجابياً".

ويحذر الهوني من أن "تأثيرات الأزمة الليبية لن تكون محصورة في ليبيا فقط، بل ستمتد إلى دول الجوار، وستتجاوز ذلك لتصل تداعياتها إلى دول أخرى بحكم الموقع الحساس لليبيا، فإما أنها ستكون مستقبلاً منطقة نجاح وتطور اقتصادي ومنطقة تواصل، أو مركزاً لتفريخ الإرهابيين ونشاط الهجرة غير الشرعية". ويرى أنه "نتيجة لعدم التوافق الحاصل في ليبيا، فإن تونس وليبيا مهددتان بالخطر الإرهابي الذي استغل الفراغ للتوسّع، على الرغم من أنه بالإمكان القضاء على الإرهاب لو حصل توافق ليبي وتكوّنت سلطة مركزية".

من جهته، يوضح الناشط الحقوقي التونسي مصطفى عبد الكبير، أنّ عدد الليبيين في تونس يُقدر حالياً بـ350 ألف ليبي، وهو رقم مغاير لما هو رائج من أن عدد الليبيين في تونس يتجاوز المليون ونصف المليون. ويشير عبد الكبير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ تونس استقبلت نحو مليون لاجئ ليبي ما بين مارس/آذار وسبتمبر/أيلول 2011 وأن أغلبهم توافدوا من الجهة الغربية، وخصوصاً من جبل نفوسة أو الجبل الغربي، حيث قدِمت عائلات بأكملها بأعداد كبيرة واستقرت في صفاقس والساحل والعاصمة تونس.

ويلفت إلى أنه على الرغم من التعاون وترحيب السلطات التونسية بهم، إلا أن هذا لا ينفي وجود العديد من الإشكاليات التي تواجه الليبيين عند المداخل الأمنية في تونس، وخصوصاً عند معبر الذهيبة-وازن بين البلدين، إذ يتعرض مئات الليبيين إلى الإيقاف إما بسبب جوازات السفر أو بسبب صعوبات تعترضهم في الحصول على بعض الوثائق الرسمية، موضحاً أن المفوضية السامية للاجئين لم تعترف بهؤلاء كلاجئين كما أنهم لم يحصلوا على وثائق اللجوء التي تسهل عبورهم.

اقرأ أيضاً: تونس.. حراك دبلوماسي دولي حول ليبيا

ويدعو عبد الكبير إلى ضرورة توفير وثائق تسهّل تنقل الليبيين، لافتاً إلى أنه "لا تزال هناك إشكاليات بخصوص علاج الليبيين في المستشفيات الحكومية التونسية، خصوصاً بالنسبة للمقيمين الفعليين وأولئك الذين ليست لديهم وثائق قانونية". ويحذر من أن "الوضع في ليبيا يسوء، وبالتالي لا بدّ من إجراءات تكون أكثر حزماً من قِبل السلطات التونسية"، معتبراً أن "تونس أضاعت البوصلة منذ اندلاع الأزمة الليبية وعليها أن تتدارك الأمر إن أرادت ذلك".

ومن بين الحلول التي يقترحها الناشط الحقوقي، تشكيل لجنة مشتركة تتولى التنسيق والعمل على التواجد الرسمي التونسي داخل ليبيا، وإشراك المجتمع المدني في الحوارات المجتمعية والمزيد من التنسيق في خصوص الملف الليبي. ويعتبر أنه لو توفرت إرادة مشتركة ودبلوماسية نشيطة وعمل اقتصادي منسّق، لتم التوصّل إلى حل العديد من الإشكاليات العالقة، مقترحاً دعم البنية التحتية لتسهيل المعاملات بين البلدين، وإصدار تشريعات تضمن التكامل الاقتصادي وإقامة مشاريع مشتركة.

كما شكّلت العلاقات الليبية-التونسية والتحديات التي تطرحها، محور يوم نقاش في تونس نظّمته وحدة البحث في انتروبولوجيا الثقافة العربية والمتوسطيّة في كليّة الآداب في منوبة تحت شعار: "ذاكرة واحدة لشعب واحد: الليبيون والتونسيون في معركة المصير المشترك".

واعتبر رئيس وحدة البحث محمد الجويلي، أنّ "جزءاً من الشعب التونسي من أصل ليبي وجزءاً من الشعب الليبي من أصل تونسي، ويظهر ذلك من خلال الألقاب وتصاهر العائلات التونسية الليبية"، لافتاً إلى أنه "في تونس تحمل عدة أسر تونسية لقب الغرياني والطرهوني والباروني والعلاقي والمصراتي، وهي من أصول ليبية، أما في ليبيا فإننا نجد عدة ألقاب ليبية من أصول تونسية كالصفاقسي والجربي والحامي والباجي، وبالتالي فإن التونسيين والليبيين لهم ماضٍ مشترك ومصيرهم واحد".

من جهته، يرى الكاتب عمر أبو القاسم الككلي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ الأزمة الليبية متداخلة ومتشابكة والآفاق غائمة وغير واضحة، ولكن يبقى الأمل بالحل قائماً. ويقول الككلي إن هناك أملاً في أن تساهم الجهود الدولية في التسريع بإيجاد حلول ولو كانت مؤقتة، مؤكداً أنّ الضغوط الحاصلة قد تسمح بخلق فرصة للتأسيس للاستقرار، وقد تكون لبنة أولى في بناء مستقبل أفضل وبداية نحو مسيرة جديدة.

اقرأ أيضاً: تونس والإرهاب... حرب غير مرئية

المساهمون