"الحماية الدولية"... مطلب فلسطيني ومماطلة دولية

"الحماية الدولية"... مطلب فلسطيني ومماطلة دولية

17 أكتوبر 2015
من الصعب توفير الحماية الدولية للفلسطينيين (شادي حاتم/الأناضول)
+ الخط -
بالتزامن مع ارتفاع وتيرة المواجهات الميدانية على الأرض بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي، تتكثّف جهود القيادة الفلسطينية القانونية والدبلوماسية في الأمم المتحدة، على الرغم من الترجيحات الدائمة بأن يتمّ إجهاض هذه الجهود وعدم التعاطي الفعلي معها، كقضايا القدس المحتلة، وطلب الحماية الدولية.

ويرى مراقبون وخبراء قانون أن "الحراك الفلسطيني الحالي، سواء على صعيد عقد مجلس الأمن جلسة، مساء أمس الجمعة، لبحث الأوضاع المتدهورة في القدس، أو طلب الحماية الدولية، والذي جدّد الرئيس محمود عباس مطالبته به في الأيام القليلة الماضية، بعد موجة الإعدامات الميدانية التي نفذها الاحتلال في القدس المحتلة، يأتي من باب المناورات غير المجدية، والتي لن يترتّب عليها أي عمل أو قرار من مجلس الأمن". ويرون بأن "كل التحرّكات الدولية تفيد تحرّكات القيادة، من أجل إبقاء القضية الفلسطينية على طاولة النقاش في الأمم المتحدة من جهة، وتقديم أي شيء للرأي العام الفلسطيني، الغاضب من الاحتلال والناقم على صمت قيادته".
ويستبعد خبراء قانون أن "يؤدي مسار ما بعد جلسة مجلس الأمن، إلى أي إجراء عملي ملموس، ينقذ القدس وأهلها من التهويد والإعدامات الميدانية وتقسيم الأقصى". غير أن القيادة الفلسطينية تبدي تمسكاً كبيراً بمفاعيل الجلسة لاحقاً، وتأمل أن "تكون بداية لإصدار مشروع قرار حول القدس".

ويقول في هذا الصدد، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة "التحرير" أحمد المجدلاني، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن "عقد جلسة مجلس الأمن حول القدس، تمّ بدعوة من القيادة الفلسطينية عبر الأردن، من أجل بحث الأوضاع في القدس، والإجراءات العدوانية التي تقوم بها إسرائيل". ويؤكد المجدلاني أن "القيادة الفلسطينية تعمل على أن نكون في بداية مسار لإصدار مشروع قرار".

ويضيف "بيان رئيس المجلس (الإسباني رومان أويارزون ماركيزي، بحكم ترؤس بلاده مجلس الأمن لشهر أكتوبر/تشرين الأول الحالي) ليس له قيمة على الأرض، لذلك نسعى لأن يخلص النقاش إلى مشروع قانون، حتى لو كان حق النقض (الفيتو) الأميركي في انتظار هذا المشروع".

ويتابع: "يعتقد البعض أن إجهاض الولايات المتحدة لمشروع قرار متعلق بالقدس ويوقف الاعتداءات عليها وعلى أهلها، بمثابة هزيمة، لكن القيادة الفلسطينية ترى فيه مزيداً من التعرية للموقف الأميركي، وسنعاود المحاولة مرة أخرى، عبر تقديم مشروع قرار يتعلق بالقدس وإنهاء الاحتلال، والحماية الدولية".

اقرأ أيضاً: استشهاد أربعيني فلسطيني دفاعاً عن ابنه الصغير

ويُشير إلى أنه "من الواضح أن هناك مماطلة في مسألة طلب الحماية الدولية، فعادة عندما يتم تقديم طلب للحماية الدولية، تُشكّل الأمم المتحدة لجنة، وتناقش قرارها في مجلس الأمن، لذلك طلب الرئيس محمود عباس معرفة أين وصلت هذه اللجنة بعملها".

ويُعيد التذكير بأنه "تمّ تقديم طلب ثانٍ لطلب الحماية الدولية في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعدما تم تقديم الطلب الأول إثر إقدام المستوطنين المتطرفين على إحراق الفتى محمد أبو خضير حياً في القدس، في يوليو/تموز 2014". ويشدد على أنه "نعلم أن الولايات المتحدة تعرقل هذا الطلب، لكنا مصرّون عليه".

وتأمل القيادة الفلسطينية في أن تتمكن عبر جهودها واتصالاتها من إقناع الدول المؤثرة في مجلس الأمن، بأهمية فتح نقاش حول مشروع قانون حول القدس، يستند إلى قرارات الشرعية الدولية، والتي بدورها نصّت على عدم إحداث أي تغييرات ديموغرافية في المدينة المحتلّة، وأدانت الاستيطان، والسيطرة على أماكن العبادة.

كذلك تعمل القيادة الفلسطينية على تجديد مطالبها بحماية دولية خاصة بالشعب الفلسطيني، عبر طلب جديد أمر عباس بتقديمه إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، يطالبه فيها بمعرفة نتائج تقارير اللجنة التي شكّلها بان لدراسة طلب الحماية.

لكن خبراء في القانون، يؤكدون أن "استجابة الأمم المتحدة لمطالب الفلسطينيين بحماية دولية أمر مستحيل تحقيقه، فإلى جانب الرفض الأميركي الدائم للمطالب الفلسطينية، تمتنع الدول الخمس دائمة العضوية، عن تقديم أي مشروع قرار يساند الحقوق الفلسطينية". ويشدد خبير القانون الدولي حنا عيسى، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، على أن "القيادة الفلسطينية تقدمت بطلب الحماية مرتين، ومن المستحيل أن يتحقق".

ويوضح أن "الحماية الدولية مرتبطة بموافقة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، فضلاً عن أن قرار إرسال حماية دولية لمنطقة ما، يتطلّب قراراً من مجلس الأمن، وهذا أمر لن تسمح به الولايات المتحدة حليفة إسرائيل، والتي درجت على إجهاض مطالب الفلسطينيين في مجلس الأمن بإشهار حق الرفض".

ويتابع عيسى "أما الأمر الآخر، والذي لا يقلّ أهمية، فهو أن الحدود بين الدول لا يتم ترسيمها من قبل هيئة الأمم المتحدة، إنما من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، والأخير يرفض أي ترسيم للحدود، ولن توافق على أي قوات دولية، لذلك يبدو هذا المطلب مستحيلاً حالياً".

ووفقاً لعيسى فإن "القيادة الفلسطينية تهدف من وراء هذه المطالب التي تعلم أنها مستحيلة التنفيذ، إلى إبقاء القضية الفلسطينية على جدول الأمم المتحدة، في ظلّ كل المستجدات الحالية التي أبعدت القضية عن طاولة النقاش الدولي".

اقرأ أيضاً الاحتلال يحاصر المقدسيين: تقطيع أوصال وتنكيل

المساهمون