نوبل للسلام توحد المشهد التونسي

نوبل للسلام توحد المشهد التونسي

10 أكتوبر 2015
أعادت نوبل اللحمة إلى مكونات المجتمع التونسي (Getty)
+ الخط -
شهدت تونس، يوم أمس الجمعة حركة ماراثونية سياسية، إثر الإعلان عن منح جائزة نوبل للسلام للرباعي الراعي للحوار الوطني.

حركة لم يشهدها التونسيون منذ وقت بعيد، وكانت عادة تتم إثر لحظات سياسية حرجة كالتي عرفتها البلاد إبان المرحلة التأسيسية، وكانت تستدعي مشاورات مُكثّفة لصياغة مواقف موحدة من بعض القضايا.

غير أن هذه الحركة توقفت بسبب التجاذبات السياسية والاجتماعية الحادة التي شهدتها البلاد في الفترة الأخيرة.

اقرأ أيضاًفائزون بـ"نوبل للسلام": الجائزة تكريم لشهداء ثورة تونس

وجاء منح الجائزة الدولية، أمس، ليعيد اللحمة إلى المكونات السياسية والاجتماعية والمدنية التي تواترت على وسائل الإعلام المحلية، مستعيدةً خطاب التوافق الذي فقدته في الأشهر الأخيرة، خصوصاً مع حالة المواجهة التي ميزت علاقة نقابة العمال بمنظمة رحال الأعمال، أهم مكوّنين في الرباعي الراعي للحوار، إضافة للمحامين ورابطة حقوق الإنسان.

الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، التقى أمين عام "اتحاد الشغل" حسين العباسي، وأمين عام "نداء تونس" محسن مرزوق، ورئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي. وذكّر كلّ من السبسي والغنوشي بأهمية لقاء باريس الذي جمعهما إبان انطلاق الحوار الوطني، الذي كان سبباً رئيساً في نجاحه باعتبار أهمية الحزبين في المشهد السياسي التونسي.

لذا اعتبر السبسي أن حصول الرباعي على جائزة نوبل للسلام ليس تكريماً له فقط، بل تكريساً لمنهج الحوار والحلول التوافقية التي اعتمدتها تونس، وهو ما ينبغي أن يتواصل، خصوصاً في هذه المرحلة التي تشهد تجاذبات حادة داخل بعض الأحزاب، ومن بينها حزب "نداء تونس" المهدد بالانقسام، وسط اتهامات خطيرة بين بعض مكوناته.

من جهته، أبرق الرئيس السابق منصف المرزوقي من باريس مهنئاً فريق الرباعي، معتبراً أن هذا التكريم فخر لتونس وللتونسيين جميعاً.

وفي السياق، اعتبر الغنوشي في كلمة مُطولة، أن الجائزة جاءت لتخرج التونسيين من حالة القلق والخوف التي عاشوها الخميس الماضي، إثر محاولة اغتيال عضو مجلس نواب الشعب رضا شرف الدين، ولكنها جاءت بالخصوص لتعيد الثقة إلى التونسيين، وتدفعهم إلى اعتناق المبدأ ذاته لحل مشاكلهم، داعياً منظمتي العمال ورجال الأعمال للجلوس سريعاً إلى طاولة الحوار، وحل الإشكال الكبير الذي يوتر علاقاتهما في الفترة الأخيرة.

الغنوشي اعتبر أيضاً، أن "الجائزة تبعث برسالة إلى الجميع بأن فلسفة الحوار والتوافق هي البديل عن سياسة الإقصاء والمغالبة، لأن التونسين كانوا ليلة الحوار الوطني على شفا الهاوية، ولكن تحاورهم أنقذ الجميع من حرب أهلية، وهو ما ينبغي أن تنسج على منواله دول عديدة هجّر أبناؤها ودخلت في دوامة العنف المتواصلة".

ويشار إلى أن ترشيح الرباعي الراعي للحوار لنيل الجائزة كان من رئاسة الجمهورية التونسية، إذ وجه السبسي رسالة إلى الأكاديمية السويدية في يناير/كاون الثاني من هذا العام اقترح فيها منح الجائزة للرباعي.

وجاء في الرسالة، أن تونس خطّت صفحة جديدة من تاريخها وتاريخ الديمقراطية. وكان من البديهي ألا يكتب لنا النجاح لولا المساهمة الفاعلة للرباعي.

وذكرت الرسالة بمرحلة ما بعد الثورة، لما كان البلد مُهدداً بحرب أهلية وتنامي العنف والتطرف، عمل الرباعي على إرساء السلام والاستقرار. وفي ظلّ مناخ اجتماعي وسياسي مضطرب، تبنّت المنظمات الأربع مبادرة لإرساء حوار وطني أنقذ البلاد، وأفضى إلى وفاق وطني، وإلى وضع دستور جديد مهّد الطريق لانتقال سلمي نحو الديمقراطية، وهو ما مكّن تونس من الشروع في بناء مجتمع ديمقراطي قائم على احترام القانون وقيم الحرية والعدالة الكونية.

واعتبر السبسي، في رسالته إلى الأكاديمية السويدية، أن منح الجائزة للرباعي سيكون تكريماً لتونس البلد الصغير، الذي قدم للعالم درساً في الشجاعة والمثابرة. وهي الطريق التي أدت إلى ثورة الياسمين، وسيعيد الاعتبار لقيم الحوار والتوافق في عالم تطغى عليه النزاعات، لأن العالم في حاجة مُلحة اليوم إلى الحوار والتوافق والأمل والتسامح.

اقرأ أيضاً: نوبل السلام لـ"التجربة التونسية"

المساهمون