حزب الله يضرب: الانتقام المدروس

حزب الله يضرب: الانتقام المدروس

29 يناير 2015
+ الخط -
ردّ حزب الله على غارة الجولان التي استهدفت موكباً له في 18 من الشهر الحالي، باستهداف موكب إسرائيلي مؤلّف من تسع آليات. وبحسب مصادر مطّلعة فقد رصد مقاتلو حزب الله هذا الموكب، واستهدفوه بعدد من صواريخ "الكورنيت" المضادة للدروع. واستغربت هذه المصادر كيف يقوم الجيش الإسرائيلي بتسيير دوريات بهذا العدد من الآليات، وهو يعرف أن حزب الله يتحضّر للردّ. وتُضيف المصادر أن الجيش الإسرائيلي كان في حالة جهوزيّة، ويعرف أن الحزب يُفضّل الردّ قبل حديث أمين عام الحزب حسن نصرالله المفترض يوم الجمعة. وتشير المصادر إلى أن الجانب الإسرائيلي كان يُدرك أن ضربة حزب الله ستكون إما في مزارع شبعا المحتلة، أو في الجولان المحتل.

وقد أعلن حزب الله في بيان "رقم واحد"، أنه عند الساعة الحادية عشرة وخمس وعشرين دقيقة من صباح الأربعاء، "قامت مجموعة شهداء القنيطرة الأبرار في المقاومة الإسلامية باستهداف موكب عسكري إسرائيلي في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، مؤلف من عدد من الآليات، ويضم ضباطاً وجنوداً صهاينة، بالأسلحة الصاروخية المناسبة ما أدى إلى تدمير عدد منها ووقوع إصابات عدة في صفوف العدو". من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جنديين وإصابة سبعة آخرين في هجوم حزب الله اللبناني. وقال بيان للقوات الدوليّة العاملة جنوب لبنان "اليونيفيل" إنها "لحظت إطلاق 6 صواريخ نحو إسرائيل من محيط عام منطقة الوزاني، شمالي الميسات في منطقة عمليات اليونيفيل". لكن مصادر "العربي الجديد" أشارت إلى أن عدد القتلى أعلى من ذلك، ومن المتوقع أن يُعلن الجيش الإسرائيلي عن الحصيلة تدريجياً. ورأت هذه المصادر أن عدم الإعلان عن القتلى بشكلٍ كامل، يُشير إلى رغبة اسرائيليّة بالتهدئة وعدم الردّ خارج إطار الردّ المتوقع. بدوره، أكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الجيش الاسرائيلي مستعد للرد "بقوة" على أي جبهة.

وعلى إثر العمليّة، قام الجيش الإسرائيلي بقصف عدد من البلدات اللبنانيّة الحدودية، وردّ حزب الله باستهداف مواقع عسكريّة اسرائيليّة في مزارع شبعا. وأدى القصف الإسرائيلي إلى مقتل جندي إسباني تابع لقوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان.
وكان لافتاً ما نقلته وسائل إعلام اسرائيليّة نقلاً عن مصادر أميركيّة، وهو أن واشنطن ترى هجوم حزب الله خطيراً، ولكنها لا ترى موجباً لرد واسع. وقد نفت مصادر السفارة الأميركيّة في بيروت لـ"العربي الجديد" أن يكون هذا هو الموقف الأميركي الرسمي.

ثم جاء كلام المتحدثة باسم الخارجية الأميركية من واشنطن، جاين بساكي، ليوضح الموقف الأميركي بالقول إن المسؤولين في واشنطن "لا يريدون أن يروا تصعيداً للوضع، ويتعين على جميع الأطراف أن تتجنب أي عمل من شأنه تهديد وقف إطلاق النار القائم منذ فترة طويلة بين إسرائيل وسورية". وأضافت بأن بلادها تؤيّد "حق إسرائيل الشرعي في الدفاع عن نفسها". أمّا في الجهة الرسمية اللبنانية فقد قام رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام بسلسلة من الاتصالات الدبلوماسية، وقالت مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد" إن الأوضاع تتجه للهدوء وليس للتصعيد. واستنكر سلام العدوانية الاسرائيليّة.

إذاً، بعد نحو عشرة أيّام على الغارة الإسرائيلية ردّ حزب الله ليوجّه عدداً من الرسائل السياسيّة والعسكرية:
1 ــ جاء رد حزب الله متوازناً بين إرضاء جمهوره وإعادة رفع المعنويات، وعدم دفع الأمور باتجاه حرب واسعة. فهجوم حزب الله، جاء في مزارع شبعا المحتلة، حيث يوجد غطاء رسمي للمقاومة. كما أن تسمية البيان "بالبيان رقم واحد" حمل بُعداً معنوياً كبيراً للجمهور. فلو أراد الحزب الدفع باتجاه حرب واسعة، لبادر نحو محاولة خطف جنود، أو عمليّة خارج الإطار المقبول بين مختلف الأطراف. فهذه ليست العمليّة الأولى في مزارع شبعا، بل سبقتها عمليّة في أكتوبر/تشرين الأول 2014 رداً على اغتيال أحد المسؤولين فيه، علي حيدر، في عدلون (جنوبي لبنان) في سبتمبر/أيلول 2014.

2 ــ أعاد حزب الله الاعتبار إلى قواعد الاشتباك السابقة، التي حاولت إسرائيل تغييرها عبر غارة الجولان. فلو مرّت هذه الغارة، بدون ردّ من حزب الله، لكان هذا يُعدّ رضوخاً من حزب الله لقواعد الاشتباك الجديدة. لكن ردّ حزب الله، والإعلان الواضح عن تبني العمليّة، يؤكّد أن الحزب مستمر في سياسة أن لكل فعلّ ردة فعل متناسبة، من دون الدخول في حرب شاملة، لا تُريدها معظم الأطراف.
وبالتالي فإن حزب الله بعث رسالة واضحة لإسرائيل بأن يدها ليست الطولى لجهة تغيير قواعد الاشتباك، وأنه مستعد للمخاطرة رغم عدم رغبته بالتصعيد، بهدف عدم التنازل عمّا اكتسبه في حرب يوليو/تموز 2006، من توازن رعب.
3 ــ راعى حزب الله الواقع الداخلي اللبناني في عمليّته؛ فهي تمّت داخل مزارع شبعا، التي ينص البيان الوزاري لحكومة تمام سلام على حق اللبنانيين بالمقاومة لتحريرها. رغم أن العمليّة جاءت بعد أربع جلسات حوار بين الحزب وتيار المستقبل، وهو ما يُذكّر بعمليّة خطف الجنديين الإسرائيليين في يوليو/تموز 2006، والتي أدت إلى حرب امتدت على ثلاثة وثلاثين يوماً، وجاءت العمليّة بعد عدة جلسات حوار وطني.

4 ــ لم يُخاطر حزب الله بإدخال النظام السوري بحرب لا يُريدها هذا النظام، ولا تسمح ظروفه بها، مع إسرائيل. فالردّ جاء من لبنان وليس من الجولان المحتل، بحيث أنه في حال تدهورت الأمور، لا يكون النظام السوري مسؤولاً عنها. ولو كان النظام في سورية، في وارد وضع حد للاعتداءات الاسرائيليّة على أراضيه، وهي تتكرر منذ سنوات، لكن بادر باتجاه ردّ ما من الجولان.

5 ــ أكّد حزب الله في هذه العمليّة على وجود حدود مقبولة من الفصل بين مقاتلي الحزب في سورية، والمقاتلين في جنوب لبنان. فالعمليّة جاءت بعد ساعات على اشتباكٍ واسع بين مقاتلي "جبهة النصرة" ومقاتلي حزب الله في جرود بلدة نحلة عند الحدود بين لبنان وسورية. فحزب الله، لا يُمكن أن يقوم بعمليّة من هذا النوع، من دون وضع خطة طوارئ في حال تدهورت الأوضاع العسكرية باتجاه مواجهة أشمل.

6 ــ في حال تطور الردّ الإسرائيلي إلى ما هو أوسع مما حدث حتى كتابة هذه السطور، وهو أمر غير متوقع، فإن حزب الله سيكون في أزمة على الصعيد الإنساني، خصوصاً لجهة إيواء النازحين من الجنوب اللبناني.

ذات صلة

الصورة
تظاهرة ضد هيئة تحرير الشام-العربي الجديد

سياسة

تظاهر آلاف السوريين، اليوم الجمعة، مناهضة لسياسة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، ومطالبة بإسقاط قائدها أبو محمد الجولاني.
الصورة

سياسة

أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الخميس، بأن بريطانيا اشترطت على إسرائيل السماح بزيارة دبلوماسيين أو ممثلين عن منظمة الصليب الأحمر عناصر النخبة من حماس المعتقلين.
الصورة
طفل مصاب بالسرطان ووالدته من غزة في مستشفى المطلع في القدس في 17 أكتوبر 2023 (أحمد غرابلي/ فرانس برس)

مجتمع

قرّرت المؤسسة الأمنية في دولة الاحتلال الإسرائيلي إعادة 20 مريضاً فلسطينياً مصاباً بالسرطان، من بينهم أطفال، إلى قطاع غزة المحاصر رغم تهديد حياتهم بالخطر.
الصورة

منوعات

كشفت منظمة المراقبة الرقمية الإسرائيلية "فيك ريبورتر"، اليوم الثلاثاء، عن حملة إسرائيلية للتأثير على الرأي العام الغربي، بما يخدم إسرائيل ومصالحها وروايتها.