الجزائر ترعى حواراً ليبياً

الجزائر ترعى حواراً ليبياً

07 سبتمبر 2014
الجزائر تدعم تيارات الإسلام السياسي الرافضة للعنف (أرشيف/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

تخشى الجزائر استمرار الأزمة الليبية وتفاقهما ما ينعكس سلباً على أمنها القومي، وهو ما دفعها إلى محاولة الدخول على خط الوساطة عبر طرح استضافتها لحوار ليبي.
وعلمت "العربي الجديد" من مصدر ليبي أن الجزائر سترعى منتصف شهر سبتمبر/أيلول الجاري حواراً بين أطراف الأزمة الليبية الحالية، مشيراً إلى رفض رئيس المؤتمر الوطني العام، نوري بوسهمين، الحضور.
 واشترط بوسهمين لحضورالملتقى إلغاء مجلس النواب المنعقد في طبرق لقرارات أثارت جدلاً واسعاً في الشارع الليبي، في مقدمتها قرار دعوة الأمم المتحدة للتدخل العاجل في ليبيا بحجة حماية المدنيين ومؤسسات الدولة باعتباره قراراً يمسّ الأمن القومي والسيادة.

ويشير المصدر إلى أن أحد أبرز المساعدين الأمنيين للعقيد الراحل معمر القذافي اللواء علي كنه، سيحضر جلسات الحوار في العاصمة الجزائرية مع رئيس مجلس النواب المنعقد في طبرق عقيلة صالح، وممثل عن "مجلس شورى ثوار بنغازي" الذي اشترط عدم حضور اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يقود "عملية الكرامة". والأخير أبدى رغبته في حضور جلسات الحوار إلا أن مسؤولين جزائريين استبعدوا مشاركته نتيجة ما قد يثيره من إشكالات تعرقل الحوار.

ووفقاً للمصدر، فقد أبدى "مجلس شورى ثوار بنغازي" استعداده لوقف عملياته العسكرية شرط انسحاب قوات حفتر والعفو عن مقاتليه، مؤكداً على ضرورة محاكمة قائد "عملية الكرامة" كونه المتسبب في الأزمة الحالية في مدينة بنغازي بعدما حرك مليشيات لدخولها في 16 مايو/أيار الماضي.

وحسب محللين جزائريين، فإن مقاربة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة تقوم على تقديم الدعم لتيارات الإسلام السياسي وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين. ولعل اللقاء الأخير لرئيس حركة "النهضة" التونسية، راشد الغنوشي قد يؤسس حلفاً قطرياً ــ جزائرياً داعماً للتيارات الإسلامية الرافضة للعنف.

ويوضح محللون جزائريون أن قطر لم تعد وحدها الداعم العربي لهذه التيارات بل أدخلت إلى ملعبها بلداً كبيراً بحجم الجزائر يملك جيشاً ضخماً، واحتياطياً نقدياً يناهز الأربعمائة مليار دولار وقوة شبابية تبلغ الأربعين مليون، ولها تجربة كبيرة في محاربة الإرهاب، وذلك في مواجهة التطلع المصري بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بدعم إماراتي سعودي، الذي يقوم على فكرة غزو ليبيا بقوات أجنبية أو عربية أو مصرية، وهو ما تخشاه الجزائر وتراه خطراً على أمنها القومي.

يضاف إلى ذلك أن بوتفليقة، الذي يراقب مستشاروه الأمنيون والسياسيون الحراك المصري في ليبيا، وصلوا إلى قناعة مفادها فشل الدعم المصري لحفتر في القضاء على الجماعات الجهادية.  فقد توحدت التشكيلات ودحرت قوات حفتر أكثر من مرّة رغم استخدامه لغطاء جوي بل وتوجيهه ضربات بدعم مصري وإماراتي بحسب المتابعين الجزائريين.

من جهته، يصرح الصحافي إسماعيل القريتلي لـ"العربي الجديد" بأن "السياسة الجزائرية تقوم على أساس من المصالح لها في ليبيا والتي تراها أنها ليست متعارضة مع حقوق وطموحات الليبيين وليست سلبية باعتبارها دولة مجاورة لليبيا على حدود برية مهمة بطول تسعمائة كليومتر".

ويشير القريتلي إلى أن "السيسي يريد لمصر دوراً في شمال أفريقيا وغربها ينطلق من إدخال ليبيا ضمن مناطق نفوذه باعتبارها جزءاً من الأمن القومي المصري الإسرائيلي، وهي الرسائل التي دأب الإعلام المصري التابع لمنظومة السيسي على بعثها إلى الإدارة الأميركية، والتي مفادها أن ليبيا تشكل خطراً على إسرائيل"، مستدلاً في الفترة الأخيرة "بالتطور النوعي الذي لحركة حماس في ردها على العدوان الإسرائيلي، وأن سلاحها الجديد قادم من ليبيا عبر مصر".

ويوضح القريتلي أن "الجزائر تريد بهذه المبادرة التي وافقت عليها أطراف  ليبية عدة أن تقطع الطريق على التدخل الغربي السلبي ولا سيما التدخل الفرنسي الذي تراه الجزائر مدخلاً للضغط عليها عبر الورقة الليبية".

ويرى أن "مسؤولي الجزائر لن يسمحوا للسيسي بتنفيذ طموحاته وكسر حالة التردي الاقتصادي الذي تعانيه مصر حالياً على حساب مناطق ترى الجزائر أنها أولى بأن يكون لها نفوذ قوي فيها، وهي مناطق شمال وغرب أفريقيا". ويضيف أن "الجزائر بعد حروب طويلة مع التيارات السلفية الجهادية وصلت إلى قناعة تقوم على أساس أن يتصدر المشهد السياسي في هذه الدول التيار الإسلامي الوسطي والمعتدل والقادر وحده على تفكيك بؤر توتر جماعات الجهاد السلفية".

ويشدد على أن "مبررات الجزائر تقوم على اعتبارات الأمن القومي الجزائري ومناطق نفوذها، وتخوفها من تسلل الجماعات المتشددة في ليبيا إلى أراضيها، ورفضها القاطع للتدخل المصري أو الفرنسي في مناطق نفوذها الاستراتيجية".

المساهمون